جولة استجوابات بين الحكومة الكويتية والبرلمان: دفع لانتخابات جديدة

جولة استجوابات بين الحكومة الكويتية والبرلمان: دفع لانتخابات جديدة

11 مايو 2019
توجيه دعوة لاستجواب جديد لرئيس مجلس الوزراء(ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -

ما زالت حرب الاستجوابات داخل مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) التي تستهدف الحكومة تتواصل، وسط نجاح الأخيرة في إسقاطها، إذ استطاع أخيراً وزير الإعلام والشباب محمد الجبري تجاوز الاستجواب المقدّم بحقه من قبل ثلاثة نواب إسلاميين وليبراليين، بعد حصوله على ثقة 34 نائباً مقابل 12 نائباً صوتوا مع طرح الثقة به، إلى جانب امتناع اثنين عن التصويت.

ويُعد هذا الاستجواب هو الثاني الذي تنتصر فيه الحكومة في أقل من شهر، بعد الاستجواب الأول الذي وُجّه إلى وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة أنس الصالح، والذي انتهى بعدم وجود طلب بطرح الثقة به، ليتمّ الإعلان عن فشل الاستجواب وسقوطه.

ومنذ انتخاب البرلمان الحالي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، واجهت الحكومة أكثر من 16 استجواباً من قِبل المعارضة وبعض النواب المستقلين. ونجحت المعارضة في البداية بإسقاط وزيرين، هما وزير الإعلام والشباب الشيخ سلمان الحمود الصباح، ثمّ وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد العبد الله الصباح.

لكنّ الحكومة نظّمت صفوفها لاحقاً واستطاعت حماية وزرائها من الاستجوابات، كما أنها أحالت الاستجوابات كافة الموجّهة إلى رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الصباح، إلى اللجنة التشريعية في البرلمان والتي قامت بإلغائها بحجة عدم دستوريتها.

وأعلن النائب عبد الكريم الكندري أخيراً توجيه دعوة لاستجواب جديد لرئيس مجلس الوزراء، وذلك بسبب "إخفاقه في إدارة البلاد"، حسب وصفه. لكن الحكومة تتجه إلى إحالة هذا الاستجواب مرة أخرى إلى اللجنة التشريعية التي يُتوقّع أن تقوم بإلغائه أيضاً، وبالتالي لن يضطر الشيخ جابر المبارك الصباح إلى المثول أمام البرلمان ومناقشه بنود الاستجواب.

وتعود أسباب كثرة الاستجوابات إلى محاولات أقطاب سياسية داخل الكويت إيصال العلاقة بين البرلمان والحكومة إلى طريق مسدود، وبالتالي دفع القيادة السياسية إلى حلّ البرلمان والدعوة لانتخابات جديدة، وهو ما اعترف به رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم بقوله إنّ "هناك أطرافاً تسعى لحل البرلمان، لكنّ قرار الحلّ بيد أمير البلاد فقط".

ويحاول رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الأمة الإبقاء على البرلمان لأطول فترة ممكنة، وذلك لأنّ بقاءه يعدّ قياساً لمدى كفاءتهما السياسية، مع وجود تكهنات بقرب تعيين النائب الأول لرئيس الحكومة، وزير الدفاع ونجل أمير البلاد الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، رئيساً جديداً للوزراء بعد دخوله المشهد السياسي أخيراً، وإعلانه إطلاق رؤية الكويت 2035 والتي تهدف إلى تقليل اعتماد البلاد على النفط كمصدر دخل أساسي.

وفي إطار السعي الحثيث من قبل بعض نواب البرلمان لتحريك المياه الراكدة في الشارع السياسي، تقدّم 22 نائباً معارضاً بطلب عقد جلسة لبحث قانون العفو الشامل يوم غد الأحد. ويعيش العشرات من المعارضين الكويتيين، ومن بينهم نواب سابقون وقيادات في المعارضة، في الخارج، بسبب اتهامهم بقضايا سياسية، من بينها قضية دخول مجلس الأمة إبان الاحتجاجات الشعبية ضدّ الحكومة عام 2011.

لكن الحكومة الكويتية أبلغت رئيس البرلمان رفضها حضور الجلسة المخصصة لقانون العفو الشامل، بسبب عدم تنسيق النواب معها قبل تقديم طلب عقد الجلسة، فيما هدد الأخيرون بالتصعيد وتأييد استجواب رئيس مجلس الوزراء. وفي السياق، قال النائب محمد الدلال عبر حسابه على موقع "تويتر": "عدم حضور الحكومة جلسة مناقشة قانون العفو العام تصرّف يناقض مبدأ التعاون بين المجلس والحكومة الذي نصّ عليه الدستور في المادة 50. كما أنه موقف سلبي ضدّ مطلب دستوري بتفعيل المادة 75 من الدستور والتي تعطي لمجلس الأمة صلاحية إصدار قانون بالعفو العام".

من جهته، قال النائب عادل الدمخي على "توتير" إنّ "عدم حضور الحكومة جلسة العفو، وكذلك إذا ما قررت عدم مواجهة الاستجواب المقدم من الدكتور عبد الكريم الكندري لرئيس الوزراء ووافقت على تحويله إلى اللجنة التشريعية، فهذا يعني أنّ هذه الحكومة ورئيسها لا يريدان أن يتحملا المسؤولية، وعلينا كأعضاء أن نرفع إلى سمو الأمير كتاب عدم تعاون معها".

وتعليقاً على هذه التطورات، قال الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي عبد الرحمن المطيري، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الحكومة باتت تتحكم في خيوط اللعبة الآن، وتستعرض عضلاتها عبر إفشال الاستجوابات واحداً تلو الآخر"، مضيفاً أنّ "تهديد النواب بتأييد استجواب رئيس مجلس الوزراء لن يتم، لأن الحكومة ستحيله للجنة التشريعية. لكن النواب سيلجؤون إلى حيلة أخيرة وهي رفع كتاب عدم تعاون لأمير البلاد". واعتبر المطيري أنّ "الأمر يتعلّق بصراع الأقطاب السياسية؛ فهناك طرف يسعى لاستخدام قضية العفو عن المعتقلين والاستجوابات للدفع باتجاه حلّ البرلمان، وهناك طرف آخر في المقابل يريد الحفاظ على البرلمان بأي وسيلة وذلك عبر إسقاط الاستجوابات والمماطلة في ملف العفو".