النظام السوري يعمل على تسييس الخطاب الديني

النظام السوري يعمل على تسييس الخطاب الديني

14 يونيو 2015
حسون دعا إلى إبادة الأحياء الخاضعة للمعارضة (فرانس برس)
+ الخط -

تحاول وزارة الأوقاف التابعة للنظام السوري تسييس الخطاب الديني في البلاد بما يرضي النظام ويخدم أهدافه، تحت شعار تحديث الخطاب وتطويره، وهو ما لقي استهجان عدد من الدعاة السوريين.

وأطلقت الوزارة، وثيقة تطوير الخطاب الديني "ميثاق الشرف الديني"، "لمواجهة التحديات التي تتعرّض لها عقول المسلمين في سورية ورداً على من يحاولون تدمير سورية، التي ما زالت تحمل قيم الإسلام الحقيقي" كما جاء على لسان المفتي التابع للنظام أحمد حسون، الذي كان قد صرح بضرورة إبادة الأحياء المحررة التي تخضع لسيطرة المعارضة في حلب، معتبراً أن موقف النظام في المدينة هو "موقف دفاعي، ويجب البدء بالهجوم".

وناشد في وقت سابق "القوى العسكرية والوطنية في حلب وكل المناطق في ريف حلب بأن أي قذيفة ستُطلق على حلب، ستباد المنطقة (التي انطلقت منها) بأجمعها"، معتبراً أن "هؤلاء الإرهابيين الذين تدعمهم السعودية وقطر وتركيا هم أعداء الإنسانية وأعداء الله".

وفي العودة للوثيقة التي صدرت بحضور ثلة من علماء الدين والدعاة في جامع العثمان في دمشق، أوضحت أنه "أمام التحديات الكبرى وما تتعرض له الأمة من هجمة تكفيرية وصهيونية، كان لا بد من وضع الميثاق ليكون أساساً لتطوير الخطاب الديني في سورية والعالم العربي والإسلامي".

وأكد الميثاق ضرورة "عصرنة الخطاب الديني، وأولوية احترام النفس البشرية، وحرمة الدماء، والأموال والأعراض، وحرية المعتقد والتفكير، وعدم جواز تكفير أي من المذاهب الإسلامية باجتهادات وفتاوى مشبوهة، واعتماد الوسطية والاعتدال منهجاً، والتأكيد على أن المسيحيين أبناء الوطن وشركاء في المواطنة".

وشدد علماء الدين خلال الاجتماع، على أن "سورية ستنتصر بصمود جيشها وعلمائها ودعاتها وداعياتها وقيادتها الحكيمة في وجه المؤامرة، وستظل منبراً للدين الإسلامي الصحيح كما أنزله الله".

ويوضح الدكتور في الأدب الإسلامي أحمد فؤاد شميس، لـ"العربي الجديد"، أن "إثارة هذه القضية في عصرنا لها مدلولها الأوحد، وهو أمر سياسي يتعلق بالحاكم، لذلك لا نستغرب إن صدرت أيضاً في بعض الدول الأخرى التي شهدت ثورة على حاكمها".

ويشير إلى أن "وثيقة الأوقاف لتجديد الخطاب الديني التي صدرت في سورية باسم تطوير الخطاب الديني، جاءت لتسييس الخطاب الديني وتحويله إلى أداة طيّعة بيد وزير الأوقاف يستغله كيفما يشاء بما يتناسب وسياسة الحاكم".

ويرى شميس أن "ما نسيه القائمون على الخطاب الجديد، أنه لا يمكن لأحد أن يلزم خطيباً حراً فقيهاً برأي ولا يملي عليه ما يجب القيام به، إنما يخطب الداعية الحر باستقلالية عن وجهة نظر الحاكم ويتكلم بما يمليه عليه دينه، مراعياً المكان والزمان الذي يعيشه، فكل وجهة هو مولاها"، متسائلاً "هل الخطيب الذي يخطب في قرية نائية بعيدة هو على تساوٍ في عرض موضوعه وأفكاره مع الخطيب الذي يخطب في مدينة حديثة منفتحة على العالم؟".

لذلك يرى أن وثيقة تجديد الخطاب الديني التي أطلقتها حكومة النظام، لا تلقى أذناً صاغية إلا من مشايخ السلاطين الذين يفعلون ما يؤمرون به.

اقرأ أيضاً: "الائتلاف" السوري: فتوى حسون تحريض لارتكاب مجازر حرب

ثغرات الوثيقة

تفصل الكثير من التناقضات وثيقة تطوير الخطاب الديني، عن الواقع الذي يجرّ النظام الحاكم البلاد إليه. فالوثيقة بدأت بمقدمة قسّمت الخطاب الديني إلى فرقاء ثلاثة، لا تتوافق والسياسة التي يعتمدها النظام، متناسين في الوقت نفسه، فريقاً رابعاً، هو الأساس في انحراف الفكر الديني وتحويله عن مقصده الأساسي بهداية الناس، إلى مدح وإطناب الحكم وتفسير الدين بما يوافق هوى الأجهزة الأمنية التي تحكم قبضتها على الدولة.

ويقول شميس إن النقطة الحمقاء البارزة في تلك الوثيقة هي ما جاء في أولها "أولوية احترام النفس البشرية وصيانتها وحرمة الدماء والأموال والأعراض وحرية المعتقد والتفكير"، مشيراً إلى أنهم "يقولون ذلك في الوقت الذي نرى فيه جحافل جيشهم وطائراته تقتل المدنيين وتدك المدن وتهدمها، فأين حرية المعتقد والتفكير؟ والمعتقلات تغص بمن يخالفهم الرأي".

ويرى أن "هذه الوثيقة جاءت لاعتماد كتاب فقه الأزمة الذي صدر عن وزارة الأوقاف السورية في أربعة مجلدات، قامت بوضعها لجنة من العلماء المأجورين وتضمّن ما أملي عليهم من أفكار لتسييس كل تشريع لصالح الحاكم".

اقرأ أيضاً: استخبارات النظام السوري: مافيات بصفة أجهزة أمنية