لقاءات السيسي بالمثقفين... تعبئة غير كافية للحدّ من الانتقادات

لقاءات السيسي بالمثقفين... تعبئة غير كافية للحدّ من الانتقادات

23 مارس 2016
ينتقي السيسي ضيوفه بحذر(ألان جوكارد/فرانس برس)
+ الخط -
يسعى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي إلى محاولة حشد مزيد من التأييد له ولسياساته، خلال الفترة المقبلة، من خلال التوجه لعقد لقاءات مع عدد من المثقفين والكتاب. ويبدأ السيسي سلسلة من اللقاءات ضمن حوار وطني، وفي خلفية الخطوة تراجع شعبيته بشكل كبير، فضلاً عن الأوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة منذ تولّيه الحكم عام 2014، بحسب مراقبين. وعلى الرغم من عدم لجوء الرئيس المصري إلى هذه الخطوة طوال عام ونصف العام من حكمه، في ظل الأوضاع والأزمات التي تمر بها مصر، يفتح التوجّه الأخير باباً واسعا أمام التكهنات بالإقدام على هذا الحوار. ويشكك مراقبون في جدوى الحوار واللقاءات التي يعقدها السيسي، خصوصاً أنها لا تأتي في إطار حلّ الأزمات المتلاحقة التي تشهدها مصر، إنما فقط محاولة لتخفيف حدّة الانتقادات الموجّهة إلى النظام الحالي.

وباستعراض أسماء الحضور الذين استضافهم الرئيس، أخيراً، يتبين أنّ معظمهم ليسوا فقط تابعين للسيسي، بل إنّ له أفضالاً على بعضهم من حيث تقليدهم المناصب، وتوزيعهم على وسائل الإعلام المختلفة، وإعطائهم مساحات من الشهرة والتأثير لم يحظوا بها قبله. ومن هؤلاء: النائب المعيّن يوسف القعيد، والنائبة المعينة لميس جابر، والوزيران السابقان بعد الإطاحة بحكم جماعة "اﻹخوان المسلمين جابر عصفور ومحمد صابر عرب. إلى جانب هؤلاء، وقف بعض مثقفي وكتّاب اليسار المتصالحين مع النظام الحالي، مثل صلاح عيسى، وأحمد بهاء الدين شعبان، ووحيد حامد، ومحمد المخزنجي، ومحمد المنسي قنديل.

كما شمل اللقاء كتاباً عُرفوا بانتمائهم الصريح لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، مثل أحمد عبدالمعطي حجازي، ومحمد سلماوي، وفريدة النقاش، وإقبال بركة، ويوسف معاطي، (كاتب أفلام ومسلسلات الفنان عادل إمام)، وآخرون ارتدوا على أعقابهم بعد ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، وعارضوا النظام الديمقراطي، وأيّدوا الإنقلاب عليه، مثل فاروق جويدة، وإبراهيم عبدالمجيد، والسيد ياسين، ونبيل فاروق، وضياء رشوان، ويوسف زيدان. ويقف عبدالله السناوي ويسري الفخراني بين الحضور حالتَين منفردتَين. فهما معروفان بتأييد النظام الحالي ولم يتراجعا يوماً عن تأييد السيسي. لكنهما يبديان من حين إلى آخر مواقف إنسانية تضامناً مع بعض ضحايا النظام، أو مواقف معارِضة لسياسات النظام في مجال قمع حرية التعبير تحديداً.

ويقول مراقبون إن اللقاءات التي يسعى السيسي لعقدها لن يكون لها جدوى لأنها تُنظّم في الأساس مع مؤيديه وليس معارضيه. وهنا الحديث يكون عن الرافضين للنظام الحالي من التيار الإسلامي وقطاع عريض من الشباب. ويرى هؤلاء المراقبون أنّ كل لقاءات السيسي تنصبّ  
مع الكتاب والإعلاميين ورؤساء التحرير، في محاولة لإثناء بعضهم عن الهجوم وانتقادات النظام الحالي، لعدم استنفار الرأي العام والشارع المصري ضده. ويتساءل بعضهم عن أسباب عدم عقد السيسي حوارات مع معارضيه من التيار الإسلامي وجماعة "الإخوان المسلمين" والشباب، مؤكدين أن الأزمات التي تشهدها مصر معروفة من ناحية التردي الاقتصادي، وتراجع أوضاع حقوق الإنسان، والحريات بشكل عام، فضلاً عن الاعتقالات العشوائية، والتنكيل بالمعارضين وشباب الثورة، وانتهاكات جهاز الشرطة.

اقرأ أيضاً السيسي في لقاء مع المثقفين: أنا مش رئيس مصر

وبحسب تصريحات صحافية لعدد من الشخصيات التي تلقت دعوات لحضور اللقاء، وعددهم بين 25 إلى 30 شخصية، فإن اللقاء يعد حواراً مفتوحاً، وليس له جدول أعمال واضح تم إبلاغهم به، وربما يكون لدى مؤسسة الرئاسة ولكن لم يعلن. وطرح بعض المدعوين للقاء ملفات بعينها لطرحها بحسب جدول أعمال اللقاء، ومنها الحريات والإفراج عن الشباب. ويشكك الخبير السياسي محمد عز، من جدوى لقاءات السيسي المرتقبة مع المثقفين والكتاب، خصوصاً في ظل عدم وضوح الرؤية أو إعلان موقف محدد حيالها. ويتساءل عز لـ"العربي الجديد" عما إذا كان ذلك حواراً أو سلسلة لقاءات ستصب في النهاية لصالح حلحلة الأزمات الراهنة، مستدركاً أنّه "ليس هناك نية لدى النظام الحالي في إصلاح شيء".

ويقول الخبير السياسي إن إصلاح الأزمات لا يحتاج لحوارات ولقاءات وإنما لتنفيذ عاجل، مثل الإفراج عن الشباب، ورفع يد أجهزة الأمن عن السياسة، وعدم التضييق على الحريات.
ويضيف أن لقاءات السيسي التي سبقت تتعلق بالإعلاميين والكتاب، وليس مع السياسيين. وهي تدل على تخوّف الرجل من تأثير الكتابات والبرامج التلفزيونية على تأليب الشارع ضده، على حدّ تعبيره.

بدوره، يقول خبير في مركز الأهرام لـ"العربي الجديد"، إنّه "من السابق لأوانه تقييم دعوة الرئاسة للمثقفين، ولا بد من انتظار ما يسفر عنه هذا الحوار"، مضيفاً أن مؤسسة الرئاسة تعتاد على تنظيم مثل تلك الحوارات واللقاءات، وفي النهاية لا يوجد خطوات فعلية لحلّ أية أزمة.
ويشير إلى أن السيسي "إذا أراد استشارة بعض المتخصصين والكتاب والمثقفين حول قضايا بعينها، يمكنه إجراء هذا الأمر من دون إظهار الأمر على أنه تفضُّل منه، وتم ذلك بشكل غير علني". ولم يستبعد الخبير ذاته أن تكون اللقاءات ضمن محاولات تحسين صورة السيسي، وإظهاره كأنه يقبل الرأي الآخر، ويتوسّع في استشارة المثقفين والكتاب.

من جانبه، يعتبر أحد أعضاء حركة الاشتراكيين الثوريين، محمد الشافعي، أن الحوار واللقاءات ليست إلا جلسات ودّية بين السيسي ومؤيديه في الأساس. ويقول الشافعي لـ"العربي الجديد"، إن السيسي لا يجتمع إلا بمؤيديه فقط، ويتم اختيار الشخصيات التي يلتقيها بعناية شديدة، حتى لا تثير أية أزمة معه، أو تطالب بشكل واضح وصريح حسم بعض الملفات والأزمات. ويضيف أن المدعوين في لقاء السيسي والمثقفين جميعهم يسبحون في فلك الرئاسة والمؤسسة العسكرية، متسائلاً عن عدم دعوة معارضيه. ويؤكد أنّ الشباب فقد الأمل في إحداث حوار مع السيسي، خصوصاً أنّ دعوات خرجت من قبل عن عقد لقاءات مماثلة مع الشباب، وفتح حوار موسّع معهم، لكن لا يستطيع السيسي تقبُّل الأمر، لأن هؤلاء يفرضون عليه التزامات.

اقرأ أيضاً: حرب السيسي على المنظمات الحقوقية... تشويه صورة ثورة يناير

المساهمون