كامب ديفيد: حلّ الأزمة مع إيران عربيّ بمساعدة أميركية

كامب ديفيد: حلّ الأزمة مع إيران عربيّ بمساعدة أميركية

15 مايو 2015
من جلسة افتتاح القمة مساء أمس (فرانس برس)
+ الخط -
بدت اللقاءات الأميركية الخليجية التحضيرية لقمة كامب ديفيد، التي استمرت حتى ليل أمس الخميس، أشبه بمصارحة بين الطرفين للهموم الخاصة بكل طرف من جهة، وتلك المشتركة بين الإدارة الأميركية وزعماء الدول الخليجية الست من جهة ثانية. وتُرجمت أهمية القمة الخليجية الأميركية بعدد النقاط التي طلب الطرف الأميركي مناقشتها، وزاد عددها على عشرين نقطة، بدءاً من إيران وما سماها الطرف الأميركي "أدواتها"، وسورية والعراق واليمن وملف "الإرهاب"، بحسب ما علمته "العربي الجديد" من مصادر موثوقة. لكن كان واضحاً، من اللقاءات التحضيرية لقمة يوم أمس، أن الإدارة الأميركية "غير مستعدة للتدخل عسكرياً" ضد إيران، على اعتبار أن إيران لا تتبع أسلوب "الاجتياح المباشر" لأي من الدول، بل تعمل بواسطة حلفائها أو "الطرف الثالث" المحسوب عليها، وهو ما ألمح مسؤولون أميركيون رسميون إلى أن "حلّه يكون عربياً داخلياً لا بتدخل أميركي". 


اقرأ أيضاً: كامب ديفيد: قمة الضمانات الأمنية والمراجعات السياسية

كما تضمنت اللقاءات التمهيدية للقمة كلاماً مفصلاً عن التعاون الأمني الخليجي الأميركي والإنذار المبكر من الأخطار، مع إصرار المسؤولين الأميركيين على فرضية تبدو الإدارة الأميركية مقتنعة بها، وهي التعويل على تغيير المجتمع الإيراني وسياسة النظام الإيراني نتيجة الانفتاح على الغرب وتدفق رؤوس الأموال على الداخل الإيراني، في حال تمّ توقيع الاتفاق النهائي للملف الإيراني نهاية يونيو/حزيران المقبل، وهو ما فسّره بعضهم بأنه يندرج في إطار "التسويق" الأميركي للاتفاق النووي. وفي إطار التطمينات الأميركية حيال إيران، تحدث مسؤولون أميركيون بإسهاب عن أن الولايات المتحدة "تفعل كل شيء من أجل منع حصول إيران على السلاح النووي". وتخللت اللقاءات التمهيدية للقمة، أفكار "للبحث عن قوى منظمة" في كل من سورية واليمن خصوصاً. في المقابل، شدد رؤساء الوفود الخليجية، في اللقاءات التمهيدية لقمة كامب ديفيد، على "توقعات الشعوب العربية حول سورية واليمن وفلسطين والعراق". كما اقترح الزعماء الخليجيون إرساء لجنة متابعة للقمة وعقد اجتماعات أخرى خليجية أميركية. عسكرياً، أثنى مسؤولون أميركيون على القوات الجوية التي تملكها الدول الخليجية العربية، مع ملاحظة أن القوات البرية بحاجة إلى تعزيز، في حين أنّ مشاركين في اللقاءات التحضيرية للقمة، طيلة اليومين الماضيين، لاحظوا وحدة موقف بين الزعماء الخليجيين.


الاهتمام الأميركي باللقاء مع زعماء دول الخليج غير المسبوق، تُرجم بعدد النقاط التي قام المسؤولون الأميركيون بمناقشتها، أبرزها إيران و"أدواتها التي تسعى إلى زعزعة استقرار المنطقة والحصول على سلاح نووي"، فضلاً عن "مكافحة التطرف العنيف" بحسب المصطلحات الأميركية وتنظيم "القاعدة في اليمن" و"الوضع في سورية". أما عن التطمينات التي قالت السفارة الإماراتية إن الزعماء الخليجيين يريدونها مكتوبة من الإدارة الأميركية، فقد تخلل الاجتماعات التمهيدية كلام أميركي واضح عن "العمل مع أصدقائنا من أجل التأكيد بأن هذه الدول (دول الخليج) محمية ويوجد تنسيق وضمان لحرية التجارة والعبور وأمن الطاقة مع عزمنا على إبقاء قواتنا العسكرية في المنطقة، لأن ليس لدى دول الخليج منفردة القدرة على مواجهة هذه التحديات". إيرانياً، ورد تشديد أميركي على منع إيران من الحصول على السلاح النووي رغم أنه "حتى مع عدم قدرة إيران على الحصول على السلاح النووي، فهي قادرة على زعزعة أمن واستقرار المنطقة". في المقابل، تضمن الكلام الأميركي تلميحا مباشرا إلى أن "إيران موجودة في المنطقة، وبالتالي يجب أن نجد آلية للحديث والتحاور معها لإيجاد حلول، ويجب أن يكون لدينا خطط لمواجهة التعصب والتطرف العنيف". سوريّاً، ظل الكلام الأميركي عاماً، إذ إن "ما نراه في سورية يجب أن يوحدنا ويجب أن نجد آلية نعمل بها معاً لرفع معاناة الشعب السوري وإيجاد حل سياسي لانتقال السلطة ونقل الشباب المتطرف إلى الجهة الأخرى"، بحسب رؤية الإدارة الأميركية على لسان أركان منها حضروا اللقاءات التحضيرية لقمة يوم أمس.


وبحسب مصدر مطلع، فإن المسؤولين الأميركيين طرحوا، خلال اللقاءات التحضيرية للقمة، أهمية أن تمارس الحكومة اليمنية أعمالها من داخل البلاد وليس من خارجها. وتحدث أكثر من مصدر عن أن الأميرين السعوديين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان كانا في منتهى المرونة ولم يبدُ عليهما أي تشدد حيال القضايا الشائكة. وقال مصدر مقرب من وزير الخارجية الأميركي جون كيري، فضل عدم نشر اسمه، لـ "العربي الجديد"، إن محمد بن سلمان كان يلوذ بالصمت احتراماً لأقدمية رئيس الوفد السعودي، ولكن عندما كان يدلي برأيه، فإنه كان يستند إلى منطق ومبررات يصعب تجاهلها أو عدم الأخذ بها. وأشارت المصادر إلى أنه نظراً للكم الهائل من الموضوعات المدرجة على جدول أعمال اللقاءات، فقد جرى تقسيمها وتوزيع أعضاء الوفود إلى مجموعات صغيرة لمناقشة قضايا مختلفة وفقا لمجالاتهم. ولوحظ أن الرئيس الأميركي أوعز لمعظم رموز إدارته الأمنيين والعسكريين والاقتصاديين، المشاركة في اللقاءات التحضيرية، وفي القمة، من بينهم نائب الرئيس جوزيف بايدن ووزير الخارجية ووزير الدفاع آشتون كارتر، ووزير الخزانة جاك ليو، ووزير الطاقة إرنست مونيز، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون برينان، ومدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب نيكولاس راسموسن، إلى جانب عدد آخر من كبار مسؤولي البيت الأبيض وأعضاء مجلس الأمن القومي.


وتحدثت مصادر على صلة ببعض أعضاء الوفود الخليجية لـ"العربي الجديد" عن مفارقة سياسية لم تكن متوقعة، كون النجاح الحقيقي الذي تحقق جاء في إطار مختلف لم تكن القمة مخصصة له في الأساس، وهو تقريب وجهات النظر بين عدد من أبرز قادة دول الخليج، في حين لم تتمكن القمة، وفقاً لبعض المصادر، من إزالة الشكوك التي كانت تراود بعض دول الخليج في صدق نوايا الإدارة الأميركية حول بعض الملفات، بما في ذلك ما يتعلق بالتعامل مع إيران.

اقرأ أيضاً: كامب ديفيد الخليجي: استراتيجية موحّدة لحلّ النزاعات

وأكدت مصادر عربية وأميركية لـ "العربي الجديد" أن اللقاءات الجانبية التي جرت على هامش القمة وأثناء القمة في منتجع كامب ديفيد وخارجه كانت مثيرة للانتباه، وخلقت نوعاً من التقارب غير المسبوق في العلاقات الخليجية.

المساهمون