العراق: المالكي يلغّم مشاريع العبادي لوأد طموحه بولاية جديدة

العراق: المالكي يلغّم مشاريع العبادي لوأد طموحه بولاية جديدة

22 ديسمبر 2016
يخشى المالكي انتصار العبادي في الموصل (مهند فلاح/Getty)
+ الخط -
لا يكاد يتقدّم رئيس الحكومة العراقيّة، حيدر العبادي، خطوة واحدة لتحقيق إنجاز معيّن في اتجاه ما، حتى تقطع الطريق أمامه بألغام سياسية وضعت من حيث لا يدري، لتقضي على أي نجاح قد يحققه. ولا يكاد ينهض من كبوة حتى يقع في أخرى، وذلك في خضمّ صراع محتدم على زعامة البلاد للحقبة المقبلة، فيما يسخر الطرف المضاد، سلفه نوري المالكي السلطة والنفوذ القوي جداً داخل مؤسسات الدولة، لإدخال التحالف الوطني في صراع قد يقضي على طموحات العبادي بولاية جديدة. وفي الوقت الذي استطاع فيه العبادي إنجاز ما لم يستطع عليه سلفه، من خلال التقارب مع الأكراد والقتال المشترك معهم ضدّ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في جبهة واحدة، والحصول على تأييد جزء كبير من ممثلي المكون العربي السني، يعمل المالكي على إفشال أي مشروع قد يحقق إضافة للعبادي، من أجل طمس أي نجاح له. ويخشى المالكي خروج العبادي منتصراً في معارك الموصل. ومع إطلاق زعيم التحالف الوطني، عمّار الحكيم، مشروع "التسوية التاريخية"، كثّف المالكي جهوده لتلغيم المشروع، مستغلاً نفوذه داخل التحالف الوطني لإفشاله.

ويؤكد مراقبون أنّ أتباع المالكي عملوا على تمرير قانون مليشيا "الحشد الشعبي" بموازاة طرح مشروع "التسوية" ليفقدوا العبادي جزءاً من ثقة الكتل السنيّة والكردية. ومع إضافة فقرات أخرى صعبة التحقيق يسير المشروع على طريق الفشل، وهو أمر قد يقضي على طموحات الزعامة لدى العبادي. وفي السياق، قال نائب في التحالف الوطني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المالكي سخّر كل إمكانياته لطمس نجاحات العبادي، ولديه فريق متكامل لدراسة كيفية ضرب النجاحات خطوة خطوة". وبحسب النائب نفسه، فإن "أكثر ما يخشاه المالكي هو خروج العبادي منتصراً من معركة الموصل، ما سيدفعه لتقديم مشروع للمصالحة الوطنية، لأن مشاريع المنتصرين دائماً ما يكتب لها النجاح". أوضح أنّ "المالكي الذي رفض مشروع التسوية التاريخية الذي أطلقه الحكيم، يسعى اليوم لضرب نجاحات العبادي من خلال هذا المشروع"، موضحاً أنّ "قادة الحشد الشعبي والتحالف الوطني الموالين للمالكي، استطاعوا تلغيم هذا المشروع الذي جرّ العبادي للقبول به، ليكون مشروعاً لنسف كل تلك النجاحات". وتابع أنّ "المشروع جعل العبادي جزءاً منه من حيث لا يدري، إذ لا يستطيع رفضه، وخصوصاً أنّ الحكيم شخصية مقبولة من كافة كتل التحالف الوطني"، مستدركاً أنّ "الحكيم يحاول اليوم الحصول على التأييد لمشروعه، لكنّ تزمت أكبر كتل التحالف (ائتلاف المالكي) في بعض المواقف أجبرته (الحكيم) على القبول بشروطهم، وإضافة فقرات تغلق الطريق أمام نجاحه". وأوضح النائب في التحالف الوطني أنّ "أهم البنود التي استطاع أنصار المالكي إضافتها للمشروع وتعد ألغاماً، هي رفض أي حوار أو تقديم أي تنازل إلى المنتمين لحزب البعث، ورفض الحوار مع الشخصيات التي طاولتها تهم الإرهاب، الأمر الذي يغلق الباب أمام تحالف القوى الممثّل للسنّة".

وبعد إعلان التسوية التاريخية وقبول العبادي بها، بدأ أتباع المالكي بالتحشيد الشعبي ضدّها، وضرب بنودها ورفضها من داخل التحالف الوطني قبل رفضها من الكتل الأخرى. ويروج ائتلاف المالكي إلى أنّ "التسوية مضرّة بكتل التحالف الوطني، وأنّها ستضربه في الصميم، وأنّها مصالحة مع البعثيين ومن قتلوا أبناء الشعب". وقال النائب المقرب من المالكي، جاسم محمد جعفر، في تصريحات عدّة، إنّ "التسوية السياسية صادقت عليها الهيئة السياسية للتحالف الوطني من دون أن تأخذ رأي غالبية أعضاء الهيئة"، مشدّداً على أنّ "التسوية تتضمّن تنازلات كبيرة جداً من حقوق المكون الأكبر (الشيعي) للمكونات الأخرى". ويرى تحالف القوى العراقية أنّ "المشروع لن يكتب له النجاح، لأنّه لا يثبت نيّة التحالف الوطني بالسعي للتسوية والمصالحة الوطنية". وقال النائب عن تحالف القوى العراقية، محمد الكربولي، لـ"العربي الجديد": يشهد العراق، في الوقت الحالي، أزمات سياسية كبيرة ومشاكل بين الكتل على القوانين وبعض الملفات العالقة، فضلاً عن وجود أزمات داخل الكتل والمكونات نفسها، الأمر الذي يقطع الطريق أمام نجاح مشروع التسوية".

بدوره، جزم الخبير السياسي، فلاح الراوي، بـ"فشل مشروع التسوية، وأنّه ولد ميتاً". وقال الراوي، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "مشروع التسوية هو مشروع قديم، لكنّه لم يبصر النور خلال فترة حكومة المالكي رغم الأموال الطائلة التي رصدت له، واليوم نجاح المشروع، في حال حصل، سيحسب للعبادي، لكن هذا النجاح يكاد يكون ضرباً من المستحيل". وأشار إلى أنّ "المالكي، وخلال فترة حكمه، فكّك كل أسس وآليات المصالحة، جزءاً جزءاً، من خلال ملفاته التي ما زالت عالقة، ومنها الاعتقالات وتهم الإرهاب واجتثاث البعث والأزمة مع الأكراد ومع السنة، وإرباك أي توازن للقوى". ولفت الراوي إلى أنّه "لم تتم تصفية تلك التركة الثقيلة، في وقت أطلق مشروع التسوية، الأمر الذي جعل من الفشل نتيجة حتمية له". وأشار إلى أنّ "الحكيم يحاول الإمساك بالعصا من الوسط، وجمع كتل التحالف الوطني حول المشروع، ومن ثمّ جمع الكتل الأخرى حوله، لكنّه اليوم يصطدم بتفرق التحالف الوطني، والرفض القاطع من ائتلاف المالكي، وهو أكبر مكونات التحالف، الأمر الذي قد يجبره على التراجع والاعتراف بالفشل عاجلاً أم آجلاً". وأكد أنّ "هذا الفشل سينسحب بالنتيجة على نجاحات العبادي، وسيؤثّر على مستقبله وطموحاته في ولاية ثانية، وسيصب في صالح خصمه المالكي الذي سخّر كل قدراته وأمواله الطائلة في سبيل إفشال العبادي"، مشيراً إلى أنّ "الصراع على الزعامة بين المالكي والعبادي داخل التحالف الوطني بلغ أوجه، ولن يكتب لأي مشروع النجاح في خضم تلك المؤامرات المتقاطعة".

المساهمون