مضاعفة نقاط التفتيش في بغداد للتضييق على المتظاهرين العراقيين

مضاعفة نقاط التفتيش في بغداد للتضييق على المتظاهرين العراقيين

26 نوفمبر 2019
برّرت "الداخلية" الإجراءات بمنع دخول "مندسين" إلى الساحات(مرتضى سوداني/الأناضول)
+ الخط -
تكثّف وزارة الداخلية في العراق، من إجراءاتها عند المداخل والطرق المؤدية إلى العاصمة بغداد، في سبيل تقليل أعداد المتظاهرين، عبر البحث عن مشاركين في الاحتجاجات المستمرّة في ساحات: التحرير والطيران والخلاني، والاستفسار عن هوياتهم وأهدافهم واستجوابهم في بعض الأحيان، بحسب مصادر محلية، فيما يحذر مراقبون من أنّ استمرار ترهيب المحتجين والصحافيين والناشطين قد يؤدي إلى "فجوة" بين العراقيين وقوات الأمن المسؤولة عن حمايتهم.

وقالت مصادر من المحتجين، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ "خط نقاط التفتيش في المدخل الجنوبي لبغداد، وتحديداً الرابط بين مدينة بابل والعاصمة العراقية، بات مشؤوماً ويحتوي على أكثر من سبعة حواجز تمتدّ من المسيّب التابع لبابل، وصولاً إلى المحمودية أولى ضواحي بغداد، وليس انتهاءً باليوسفية المجاورة لها، وفي كل نقطة يوجد أكثر من 20 عنصراً أمنياً متفرقين ما بين الجيش والشرطة وعناصر مدنية، وهم من ضباط جهاز الأمن الوطني".
وأوضحت أنّ "القوات العراقية تعمد إلى عزل الشباب عن العوائل المسافرة، ويتم التحقيق سريعاً مع الشباب في حال كانوا ينوون المشاركة في التظاهرات أم لا، مع فحص أغراضهم وحقائبهم. وفي حال وجدوا أي أثر مثل اليشماغ أو الكمامات، فيتم اصطحاب صاحبها إلى التحقيق بمراكز شرطة أو في معسكرات بمدينتي اليوسفية والمحمودية".

وأشارت إلى أنّه في بعض نقاط التفتيش في حي الدورة ببغداد، يشترك مع قوات الجيش العراقي، عناصر من قوات "البشمركة" الكردية، وهي المسؤولة عما يُعرف بالمربع الرئاسي، حيث قصر السلام الذي يستقر فيه رئيس الجمهورية برهم صالح، فيما ترافق قوات من "الحشد الشعبي" وهي من عناصر "أمن الحشد" الذين يمثلون الجانب الاستخباري في المليشيات، قوات الجيش العراقي وعناصر جهاز الأمن الوطني في أحياء السيدية والمنصور وشارع فلسطين والعلاوي ومنطقة الشارع حيفا، وهي خارطة الطرق المؤدية إلى ساحة التحرير.
أما الناشط والصحافي من بغداد علي الغزالي، فأشار إلى أنّ "الانتشار الأمني في بغداد كبير جداً، وبات المواطنون ينزعجون من التعقيدات الأمنية التي تفرضها نقاط التفتيش في كل الأحياء، حتى الأحياء الهادئة التي لم تشهد أي حراك احتجاجي مثل الحارثية والمنصور والعامرية، وهذا يدل بوضوح على مخاوف المسؤولين من تهديدات المحتجين باقتحام المنطقة الخضراء"، وهي المجمع الحكومي الذي يضم مبنى البرلمان، ورئاسة الوزراء، وسفارات، ومقرات لمنظمات.
وأكد الغزالي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "انتشار أعداد كبيرة من القوات الأمنية في شوارع العاصمة يهدف إلى ترهيب المواطنين الذين ينوون توسعة نطاق الاحتجاجات، إضافة إلى اعتقال ما يمكن اعتقاله من المتظاهرين أو التحقيق معهم، ومحاولة إجبار بعضهم على الاعتراف بتلقي تدريبات أو حوالات مالية من جهات خارجية، وقد حدث في أكثر من مرة أن تم تصوير اعترافات انتُزعت بالقوة من شبّان تم اعتقالهم من الشوارع، وإجبارهم على قول أكاذيب من أجل إسقاط المتظاهرين والاحتجاجات".

وإلى الجنوب، حيث أعلنت قيادة شرطة مدينة كربلاء، استنفار قواتها ونصب نقاط تفتيش "قتالية" موقتة في المحافظة، بعد ورود معلومات استخبارية تفيد بـ"وجود نوايا خبيثة لجماعات إرهابية باستغلال ظروف التظاهرات، لإلحاق الأذى بالمواطنين"، بحسب بيان نشرته القيادة. وأضافت أنّها باشرت بـ"عمليات استباقية وإجراء ممارسات أمنية ونصب السيطرات الموقتة، من خلال الوحدات القتالية والمحلية بالاشتراك مع الأجهزة الأمنية الأخرى".

إلا أنّ ناشطين من المدينة ذاتها أكدوا، في اتصالاتٍ مع "العربي الجديد"، أنّ "القوات المنتشرة في كربلاء يشترك فيها الحرس الثوري الإيراني، من أجل حماية شركات ألبان تابعة له في منطقة الإبراهيمية على الحدود مع بابل، وجماعة أخرى منهم لحماية مبنى القنصلية الإيرانية الواقعة في حي الإسكان بقلب المدينة".

ولفت أحد الناشطين الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، إلى أنّ "الحرس الثوري الإيراني دخل إلى كربلاء على شكل مجموعات متفرقة، خلال الزيارة في أربعينية الحسين، ولكنهم بقوا في كربلاء واستعانوا بأسلحة تابعة لفصائل عراقية، وهي (العصائب)، و(كتائب سيد الشهداء) و(حزب الله العراق)، في سبيل قطع الطريق على المتظاهرين، ومنعهم من الاعتداء على المصالح الإيرانية في المدينة".
وروى شاب من محافظة الأنبار، فضّل عدم الكشف عن هويته، وسعى إلى مشاركة المحتجين في بغداد، ما حصل خلال توقيفه، قائلاً لـ"العربي الجديد": "اعتقلنا ضابط من جهاز الأمن الوطني في سيطرة الصقور الفاصلة بين بغداد والأنبار، وبقيت مع أخي في غرفة (كرفان)" لمدة أربع ساعات، ووجه لنا الضابط وهو مكشوف الوجه اتهامات عدة، من ضمنها أننا مندسون ونريد تخريب التظاهرات، وبعد التأكد من هوياتنا وأننا غير متورطين بأي ملف جنائي أو إرهابي، أفرج عنّا في النهاية بشرط الرجوع إلى الأنبار وعدم السفر إلى بغداد لحين انتهاء التظاهرات، وقد وافقنا وعدنا".

إلى ذلك، تواصل "العربي الجديد"، مع المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية خالد المحنا، بشأن تكثيف نقاط التفتيش في سبيل تحجيم التظاهرات ببغداد ومدن أخرى، فقال إنّ "نقاط التفتيش هي ضمن خطة أمنية لمنع أي مندسين يدخلون ساحات الاحتجاج، ومن تثبت عليه تهم إرهاب"، مؤكداً في حديثه المقتضب أن "التظاهر السلمي حق مشروع لكلّ العراقيين، ولكن نخشى التنظيمات الإرهابية التي تسعى للنيل من الجهود الشعبية الرامية للإصلاح".
وتشهد العاصمة بغداد ومحافظات الجنوب والوسط تظاهرات متواصلة، منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كانت قد انطلقت في الأول من الشهر ذاته، لكنها توقفت لنحو أسبوعين، قبل أن تعود مجدداً بمنحى أكثر حدة واتساعاً. وتسببت موجة القمع بمقتل نحو 340 متظاهراً حتى الآن، وإصابة الآلاف، عدا عن اعتقال المئات.
ويرفع المتظاهرون شعارات تطالب بإسقاط الحكومة العراقية، وحلّ البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة في البلاد تحت إشراف أممي، ونصب محكمة لقضايا الفساد التي وقعت منذ عام 2003.