جزر دوكدو: عنوان جديد للتوتر الياباني الكوري بتحريض روسي

جزر دوكدو: عنوان جديد للتوتر الياباني الكوري بتحريض روسي

25 يوليو 2019
تتجددّ الصدامات دائماً بين الكوريين واليابانيين(ريتشارد اتريرو دي غوزمان/Getty)
+ الخط -


ما كان مجرد "اختراق روسي صيني للمجال الجوي لدولة أخرى"، أجّج صراعاً قديماً بين بلدين في الشرق الآسيوي، على جزر متنازع عليها. يوم الثلاثاء الماضي، أفاد مسؤولون في وزارة الدفاع الكورية الجنوبية، بأن "طائرات حربية كورية جنوبية أطلقت نحو 360 عياراً تحذيرياً على طائرة عسكرية روسية دخلت المجال الجوي للبلاد". وقال مسؤول في الوزارة إن "هذه هي المرة الأولى التي تنتهك فيها طائرة عسكرية روسية المجال الجوي الكوري الجنوبي، فقد دخلت قاذفتان روسيتان وقاذفتان صينيتان منطقة التعريف للدفاع الجوي الكوري". وأضاف أن "طائرة روسية ثالثة خاصة بالإنذار المبكر والمراقبة اخترقت في وقت لاحق المجال الجوي الكوري الجنوبي مرتين فوق دوكدو". وأفاد مسؤول في هيئة الأركان المشتركة لكوريا الجنوبية بأن "الطائرة الروسية كانت من طراز إيه 50 المزود بنظام للإنذار المبكر والمراقبة". وأضاف أن "بلاده دفعت بمقاتلات أف 15 وأف 16 بعد اختراق المجال الجوي". كما أفاد مسؤول دفاعي بكوريا الجنوبية بأنه "لم يبدر عن الطائرة الروسية رد بأي طريقة تشكل تهديداً. وغادرت الطائرة الروسية المجال الجوي الكوري الجنوبي ولكنها دخلته مرة أخرى بعد حوالي 20 دقيقة، مما دفع الكوريين الجنوبيين إلى إطلاق المزيد من الطلقات التحذيرية".

من جهته، كشف مكتب الرئاسة في كوريا الجنوبية، أن "كبير المستشارين الأمنيين في البلاد تشونغ إيوي يونغ قدم اعتراضاً شديداً إلى أمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، طالباً من المجلس تقييم الواقعة واتخاذ الإجراء المناسب". وقال تشونغ وفقاً لمكتب الرئاسة: "نرى أن هذا الموقف شديد الخطورة، وإذا تكرر سنتخذ إجراء أقوى".

بدورها، نفت روسيا ذلك، بل اتهمت طياري كوريا الجنوبية بـ"التهور". ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الدفاع نفيها أن تكون قاذفاتها قد انتهكت المجال الجوي الكوري الجنوبي. وقالت الوزارة إن "طائرات عسكرية كورية جنوبية قطعت الطريق أمام القاذفتين الروسيتين ولم تتواصل معهما". وأضافت الوزارة أن "هذه ليست المرة الأولى التي يتدخل فيها طيارو كوريا الجنوبية فيما يتعلق بتحرك طائرة عسكرية روسية فوق مياه محايدة". أما الخارجية الصينية فاعتبرت أن "منطقة التعريف للدفاع الجوي الكوري، ليست مجالاً جوياً إقليمياً وأن كل الدول تتمتع بحق حرية التحليق فيها".



الحادثة التي وقعت في بحر اليابان، وهو بحر متفرّع من بحر الصين الشرقي، فتحت الأبواب أمام صراع قديم ـ جديد، بين اليابان وكوريا الجنوبية، كون المجال الجوي للاختراق الروسي والصيني كان في منطقة جزر دوكدو بحسب التسمية الكورية الجنوبية (جزر تاكيشيما بحسب التسمية اليابانية). وتُسمّى لدى الدول الغربية بـ"صخور ليانكور"، نسبة لسفينة صيد الحيتان الفرنسية "ليانكور"، التي تحطمت على صخور تلك الجزر أثناء رحلة صيد عام 1849.

وبعد أن تصدّر الكوريون الجنوبيون الأنباء، دخل اليابانيون على الخط، عبر قول متحدث باسم الحكومة اليابانية إن "اليابان قدمت شكوى لكل من كوريا الجنوبية وروسيا". ونقلت وكالة "كيودو" اليابانية عن مسؤولين حكوميين قولهم "لا يمكننا أن نقبل هذا النوع من الأعمال على أراضينا". وتقصد طوكيو أن الاختراق الروسي "حصل في أرضها" من جهة، رافضة "الوصاية الكورية الجنوبية" على الجزر من جهة ثانية.

وتعود مسألة الخلاف على الجزر إلى نحو 1500 عامٍ، بحسب المؤرخين، الذين لم يتفقوا على أحقية أي من الدولتين على الجزر، البالغة مساحتها 187.55 كيلومتراً مربعاً. والجزر عبارة عن جزيرتين رئيسيتين: جزيرة الشرق وجزيرة الغرب، ونحو 90 جزيرة بركانية صغيرة. تقع الجزر تقريباً في منتصف المسافة البحرية بين كوريا الجنوبية واليابان. والحديث لا يدور حول المساحة الضئيلة للجزر، بقدر ما يدور حول أهمية الحيّز البحري لها، سواء في الثروة السمكية وصيد الحيتان، أو تبيان وجود حقول للغاز الطبيعي هناك. وبما أن التاريخ الياباني ـ الكوري لم يكن سلمياً، بحكم احتلال اليابانيين شبه الجزيرة الكورية وأجزاء من الصين، قبل الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945)، فقد وجد الكوريون الجنوبية في كوريا الشمالية "حليفاً طبيعياً لهم". بيونغ يانغ ترفض سيادة طوكيو على هذه الجزر، وتصرّ على السيادة الكورية عليها، بغضّ النظر عن العلاقة مع الجنوب.

ويدلّ ذلك على أن منطقة شرق آسيا قد تكون من الأكثر تأثراً بمخلفات الحروب السابقة في سياق ترسيم الحدود في المناطق المتنازع عليها. لليابان مشكلة مع روسيا حول جزر الكوريل، وللصين مشكلة أكبر في بحر الصين الجنوبي، مع دول الجوار أولاً ومع الولايات المتحدة ثانياً. كما أن الصين ترفض الاعتراف بدولة تايوان، وتعتبر ماكاو وهونغ كونغ جزءاً من أراضيها التاريخية.

(فرانس برس، رويترز)

المساهمون