استفتاء الانفصال الكردي: مشروع غير ملزم يعوزه التأييد الدولي

نحو أسبوعين على استفتاء الانفصال الكردي: مشروع غير ملزم يعوزه التأييد الدولي

عثمان المختار (العربي الجديد)
عثمان المختار
صحافي عراقي متخصص بصحافة البيانات وتدقيق المعلومات. مدير مكتب "العربي الجديد" في العراق.
13 سبتمبر 2017
+ الخط -

ترتفع حدة التوتر السياسي في العراق مع اقتراب موعد إجراء أكراد البلاد الاستفتاء على الانفصال في 25 سبتمبر/أيلول الحالي، فيما يحاول المكون العربي استخدام كل الوسائل لوقف الاستفتاء، بما في ذلك رفض البرلمان العراقي، أمس الثلاثاء، إجراء الأكراد الاستفتاء، وإلزام رئيس الحكومة، حيدر العبادي، اتخاذ التدابير لحماية وحدة البلد، فيما لوحت قيادات في المليشيات بصدام مسلح عربي كردي في حال فرض الأكراد الانفصال. وفي الوقت الذي تدعم فيه إسرائيل والإمارات عملية الاستفتاء، واصلت إيران ضغوطها لتأجيله، عبر الكشف أمس عن زيارة قائد "فيلق القدس" الإيراني، قاسم سليماني، إلى السليمانية وأربيل.

وفي أحدث المحاولات لثني الأكراد عن إجراء الاستفتاء، التقى قائد "فيلق القدس" الإيراني، قاسم سليماني، عدداً من المسؤولين الأكراد في مدينة السليمانية، ثم انتقل إلى أربيل. وذكرت وسائل إعلام عراقية أن هدف الزيارة "إجراء حوارات معمقة بشأن الاستفتاء المنوي عقده في 25 سبتمبر"، مشيرة إلى أنّ "سليماني يسعى لإقناع الأكراد بتأجيل الاستفتاء لوقت آخر". وكانت طهران حذرت من خطورة إجراء استفتاء انفصال كردستان عن العراق. وأكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، أنّ "إجراء الاستفتاء في كردستان خطوة تفتقد إلى الرصيد القانوني، وستكون لها تبعات ضد الأمن في المنطقة وفي العراق، ولا سيما في إقليم كردستان".
والسبت الماضي فشلت الوساطة المتمثلة بالأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، إذ زار أربيل بعد زيارة مماثلة إلى بغداد، محاولاً ثني البرزاني عن إجراء الاستفتاء وتأجيله إلى وقت آخر. كما فشلت عدة وساطات دولية وإقليمية لإقناع زعيم الإقليم، مسعود البرزاني، بالعدول عن قراره بإجراء الاستفتاء، أو تأجيله إلى حين الاستقرار التام في العراق وتجاوز مرحلة تنظيم "داعش" بشكل نهائي، وإعادة ترتيب أوراق الفصائل المسلحة التابعة إلى مليشيات "الحشد الشعبي" وإخراج مسلحي "حزب العمال الكردستاني"، المعارض لأنقرة، والذي يعد من أبرز المؤيدين للانفصال، من العراق، إضافة إلى حل مسألة المناطق المتنازع عليها، والتي تعد جميعها تابعة إلى العرب السنة والتركمان، وتزعم حكومة الإقليم أنها تابعة لها وتصفها بأنها من ضمن "حدود الدم" التي رسمتها قواتها، من خلال انتزاعها من "داعش"، وترفض الانسحاب منها. 

في هذا الوقت، تشير مصادر من داخل حكومة الإقليم إلى طرح مشروع فرنسي جديد حول الأزمة الحالية، يقضي بأن يتم تأجيل الاستفتاء لخمس سنوات، على أن يكون للإقليم بعد ذلك الحق في إجرائه بشكل طبيعي. وقال مسؤول كردي بارز في حكومة كردستان إن "باريس طرحت هذا الخيار، وما زال النقاش مستمراً حوله، فمدة خمس سنوات طويلة للغاية"، وفقاً لقوله. وبيّن المسؤول، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "من ناحية فنية فإن تنفيذ الاستفتاء بات جاهزاً، إذ تم تجهيز مراكز الاقتراع الخاصة بالمواطنين، كما تم تجهيز استمارات التصويت، التي تحمل سؤالاً واحداً، وهو هل ترغب بانفصال كردستان عن العراق وتأسيس دولة كردستان الديمقراطية؟ ويكون الجواب بنعم أو لا". واعتبر " أن الاستفتاء خطوة نحو الانفصال عن الرجل المريض، وإزالة آثار ظلم خارطة سايكس بيكو التي مزقت الأكراد". وأكد أنه "لم يعد هناك مجال للحديث عن أي تدخل عسكري، تركي أو إيراني أو عراقي، في حال اتخذت الخطوة، كون الإقليم لديه جيش، ووجود ثلاث قواعد أميركية وبريطانية في الإقليم سيحول دون تفكير تلك الأطراف بتلك الخطوة، وتكرار سيناريوهات عسكرية سابقة جرت لإجهاض الحلم".

وهدد رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني "جميع الأطراف"، من بينها "الحشد الشعبي"، التي تعارض استفتاء الاقليم المقرر إجراؤه في 25 سبتمبر/أيلول الحالي. وقال، في تصريحات لوسائل إعلام كردية، إن "عليها ألا تجبر الإقليم على حمل السلاح ضدها". كما أعلن البرزاني، في مقابلة مع قناة "بي بي سي"، أنه يرغب في التوصل إلى اتفاق مع حكومة بغداد، إذا ما اختار الأكراد التصويت بالانفصال عن العراق. وحذر من أن الأكراد سيحاربون أي مجموعة تحاول تغيير "الواقع" في كركوك بالقوة. وقال "نحن لا نقول إن كركوك تنتمي للأكراد فقط، كركوك يجب أن تكون رمزاً للتعايش بين كل الأعراق. إذا صوت شعب كركوك بـ(لا) في هذا الاستفتاء، نحترم إرادتهم، لكننا لن نقبل أن يمنعنا أحد من إجراء الاستفتاء في كركوك". وأضاف "إذا سعت أي جماعة إلى تغيير الواقع في كركوك باستخدام القوة، عليها أن تتوقع أن كل كردي سيكون جاهزاً للقتال للحيلولة دون ذلك".



وأوضح القيادي في التحالف الكردستاني، حمة أمين، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "من يريد إلغاء، أو تأجيل، الاستفتاء عليه أن يقدم البديل، فالعيش مع بغداد لم يعد ممكناً، وهي لا تريدنا شركاء، بل تابعين، وهو ما لن نوافق عليه". وأضاف "حتى الآن، جميع الوفود الدولية التي وصلت تطلب منا العدول عن الخطوة من دون أن تقدم البديل، وهذا شيء غير مقبول". وحول موقف الإدارة الأميركية، قال "لا أخفيك سراً أن الإدارة الأميركية منقسمة. هناك من يأتي ويقول لنا من حق الشعوب أن تقرر مصيرها، ويأتي غيره بعد أيام ويقول لنا هذه الخطوة كارثية ونحن نعارضها".

ومن المقرر أن يتم الاستفتاء يوم الإثنين 25 سبتمبر/أيلول الحالي، ويشمل، حسب مفوضية الاستفتاء التي تم تشكيلها لهذا الغرض، 5.5 ملايين شخص يحق لهم المشاركة في التصويت. وتحتل القوات الكردية عملياً نحو 10 آلاف كيلومتر مربع من المدن والمناطق الواقعة خارج حدود الإقليم، وتقع ضمن نينوى وكركوك وديالى وصلاح الدين، وجميعها مدن للعرب السنة والعرب المسيحيين، فضلاً عن التركمان. وكان تنظيم "داعش" قد احتل هذه المناطق بعد 10 يونيو/حزيران 2014، وتمكنت البشمركة من استعادتها، بدعم جوي وبري أميركي واسع، وأعلن البرزاني ضمها إلى حدود الإقليم، مطلقاً عليها وصف "حدود الدم". ومن أبرز هذه المناطق كركوك، الغنية بحقول النفط، وسنجار، وخانقين، ومندلي، وجلولاء، والقوش، ومخمور، والطوز، فضلاً عن 289 قرية وبلدة وقصبة تتوزع على محافظات نينوى وصلاح الدين وديالى. وتشترك جميع تلك المناطق، التي احتلها الأكراد عسكرياً، بأنها خليط ديني، إذ إن هناك السنة والشيعة والمسيحية والصابئة والكاكائية والزرادشتية والبهائية والشبك والأيزيدية. وقومياً هناك التركمان والأكراد والعرب والآشوريون والأرمن. ودق الحاكم الأميركي للعراق في العام 2003، بول بريمر، مسماراً في الجسد العراقي، عندما وافق على اعتبار تلك المناطق متنازعاً عليها بين الإقليم وبغداد، وأفرد لها فقرة في الدستور عرفت بالمادة 140، وتنص على إجراء إحصاء للسكان وفقاً للقومية والدين والمذهب، ثم إجراء استفتاء فيها، لمعرفة هل تريد البقاء مع بغداد أو الذهاب مع إقليم كردستان؟ إلا أن تلك الفقرة من الدستور لم تنفذ رغم مرور 13 سنة عليها، بل حصلت عمليات تهجير وتغيير ديموغرافي كبيرة، طاولت العرب المسلمين والمسيحيين والتركمان. وتتهم سلطات الإقليم وجماعات قومية عنصرية كردية بالوقوف خلفها.

رفض داخلي للاستفتاء

الحلم الكردي في إقامة دولة قومية للأكراد، قوامها نحو 7 ملايين نسمة، على أرض مساحتها أكثر من 40 ألف كيلومتر مربع، لا ينغصه الرفض الخارجي فقط، بل إن قوى وحركات سياسية كردية في الداخل تعتبره مقامرة من الممكن أن تلقي الإقليم في تهلكة، في حال لم تكن هناك موافقة من جيرانها على أقل تقدير. ومن أصل 111 عضواً في البرلمان، فإن هناك نحو 40 عضواً يعارضون إجراء الاستفتاء. كما أن الانقسام بدا واضحاً، منذ مساء السبت الماضي، بين أحزاب "الاتحاد الوطني الكردستاني"، بزعامة جلال الطالباني، و"التغيير" و"الحركة الإسلامية"، إذ تؤكد قياداتها أن توقيت الاستفتاء خطأ، لكنها تتفق على حق الانفصال عن العراق، عبر الحصول على دولة قومية كردية، يقولون إنها ستكون بين القوميات العربية والفارسية والتركية. وقال القيادي في "الاتحاد الوطني" في السليمانية، رشيد شقلاوي، لـ"العربي الجديد"، إن "الجميع يرغب في الانفصال، لكنه حالياً يُعتبر استهتاراً، فالوضع مربك ونحن نخشى من إيران وتركيا، ولا نريد أن يتحول الإقليم الآمن إلى ساحة دموية وتصفيات، كما أن الإقليم لم يصل بعد إلى إمكانيات دولة مستقلة ويفتقر إلى البنى التحتية لذلك"، لافتاً الى أن "البرزاني يتاجر بأحلام الأكراد لمطامع سياسية داخلية واضحة" وفقاً لقوله.

والشارع الكردي منقسم أيضاً كحال قياداته السياسية. ويتخوف الرافضون لمشروع الانفصال من عودة المعارك مجدداً والحرب الأهلية التي خلفت مآسيَ كبيرة في العام 1992، وأسفرت عن عشرات آلاف القتلى والجرحى والمفقودين، وذلك عندما اندلعت معارك بين "الاتحاد الوطني" و"الحزب الديمقراطي"، انتهت بعد وساطة أميركية برعاية الأمم المتحدة، تم خلالها إيقاف الحرب وتقاسم النفوذ بين الطرفين، فضلاً عن مخاوفهم من ردود فعل دول الجوار من هذا الانفصال لو حدث، واحتمال جلب مشاكل أمنية لهم هم في غنى عنها، إلا أنهم متفقون على إيجابية المشروع من حيث المبدأ.

رفض دولي للاستفتاء

دولياً، أعلنت رسمياً قوى غربية كبرى، أبرزها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا رفضها للمشروع. كما أعلنت إيران وتركيا وجامعة الدول العربية ذلك، إلا أن مسؤولين إسرائيليين، فضلاً عن مسؤولين إماراتيين، أعربوا في أكثر من مناسبة عن تأييدهم للانفصال. ويقول مراقبون إن سبب الموقف الإماراتي الداعم لانفصال الأكراد يأتي ضمن سياستها المعادية لتركيا، كما أن الاحتلال الإسرائيلي يرغب بتفكك كل الدول، وليس العراق فقط. ورفض البرزاني تحذيرات أميركية وبريطانية من أن السعي للانفصال يمثل خطراً كبيراً، إذ لا يزال العراق يخوض حرباً ضد "داعش". وقال لقناة "بي بي سي": "متى تمتعنا بأمن واستقرار في هذه المنطقة كي نخشى من فقدانه؟ ومتى كان العراق موحداً كي نخشى من تفتيت وحدته؟ هؤلاء الذين يزعمون ذلك يبحثون فقط عن مبررات لوقفنا عن مطلبنا".


والأحد الماضي، تمكن متظاهرون غاضبون من العرب والتركمان، الذين يشكلون أكثرية في مندلي شرق ديالى، من إنزال العلم الكردي عن مبان حكومية، خلال تظاهرات حاشدة رفضاً لفرض البشمركة سياسة الأمر الواقع وإخضاع المدينة لمشروع الاستفتاء. وقال عضو مجلس المدينة عن المكون التركماني، محمد عثمان أفندي، لـ"العربي الجديد"، إن "على حكومة بغداد التدخل وعدم التفرج على ما يحصل، وإلا ستكون هناك نتائج غير جيدة"، مبيناً أن "إجراء الاستفتاء في المدينة سيكون خطيراً للغاية". وتجنبت قوات الأمن الكردية المتظاهرين، وابتعدت عنهم خوفاً من أي احتكاك قد يؤدي الى سقوط قتلى وجرحى لن يكون بصالح مشروع الانفصال.

وفي بغداد، تبدو ردة الفعل باردة من قبل الحكومة، على عكس الكتل السياسية والمليشيات، التي أطلقت تصريحات مختلفة لوحت فيها بصدام مسلح عربي كردي في حال فرض الأكراد سياسة الأمر الواقع على كركوك وباقي المدن التي يسيطرون عليها، مطالبين الحكومة بالتحرك نحو مجلس الأمن، ضمن البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لإلزام الإقليم بالخضوع للقانون ووقف حركاته الانفصالية. وصوّت البرلمان العراقي، أمس الثلاثاء، برفض استفتاء انفصال كردستان، ملزماً رئيس الحكومة، حيدر العبادي، باتخاذ التدابير المطلوبة للحفاظ على وحدة العراق، بينما انسحب النواب الأكراد من الجلسة. وقال مصدر برلماني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "البرلمان العراقي أدرج على جدول أعمال جلسته موضوع استفتاء انفصال كردستان، وعرضه على التصويت"، مبيناً أنّ "النواب الأكراد انسحبوا من الجلسة احتجاجاً على هذه الفقرة". وأوضح أنّ "رئيس البرلمان عرض رفض موضوع الاستفتاء على التصويت، وصوّت غالبية الحضور على ذلك". وأضاف أنّ "البرلمان صوّت أيضاً على قرار إلزام رئيس الحكومة حيدر العبادي باتخاذ كافة التدابير المطلوبة للحفاظ على وحدة العراق". وسارع الأكراد إلى الرد على البرلمان العراقي. وقال مسؤول كردي عراقي إن "رفض البرلمان الاستفتاء على استقلال كردستان العراق ليس ملزماً"، مشيراً إلى أن "برلمان كردستان العراق سيجتمع الخميس للمرة الأولى منذ أكتوبر/تشرين الأول 2015 للرد على رفض البرلمان العراقي الاستفتاء".

وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية، سعد الحديثي، لـ"العربي الجديد"، إن "نتائج الاستفتاء لن تكون ملزمة للحكومة بأي شكل من الأشكال، كونه يفتقر للسند القانوني والدستوري العراقي". وشدد على أن "الإقليم جزء من العراق، وعلى هذا الأساس نتعامل معه حالياً ومستقبلاً". وحول ما إذا تم إجراء الاستفتاء رغماً عن بغداد، قال الحديثي "هو غير ملزم"، من دون أن يجيب عما إذا كانت هناك خطوات أخرى للحكومة المركزية بعد إجراء الإقليم استفتاء الانفصال. وقرر التركمان والعرب وطوائف مسيحية مختلفة مقاطعة الاستفتاء في مناطقهم التي يسيطر الأكراد عليها. وقال بطرس نجيب، وهو أحد المتصدين للاستفتاء في سهل نينوى لـ"العربي الجديد"، "لن يتمكن أحد من إجبار الناس على الخروج والتصويت بنعم أو لا، ولا يمكن أن يصادر أحد حق الناس ويجبرهم على الانخراط في مشروع الإقليم". وأضاف إن "إخواننا المسلمين العرب والتركمان أيضاً يرفضون سياسة الأمر الواقع، ونحن مع بغداد بالتأكيد" وفقاً لقوله. ودعت كتلة "بدر"، التي يتزعمها هادي العامري، وهو زعيم مليشيا "بدر" التي تقاتل في سورية والعراق، إلى نشر قوات عراقية في كركوك والمناطق المتنازع عليها فوراً لمنع إجراء الاستفتاء فيها. وذكرت الكتلة، في بيان، إن "الاستفتاء يعتبر تجاوزاً خطيراً على أمن وسيادة العراق والدستور، وإن على الحكومة العراقية نشر قوات اتحادية في كركوك والمناطق المتنازع عليها لقطع الطريق أمام رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، بإلحاق تلك المناطق بإقليم كردستان وإجراء الاستفتاء فيها". واعتبر أنه "لا توجد أمام الحكومة أي خيارات أخرى غير نشر تلك القوات، ما دام هناك إصرار كردي، حتى إذا تطلب الأمر استخدام القوة، فيجب فرض سيطرة وهيبة الدولة العراقية".

جمهورية مهاباد

وتعود أولى محاولات تأسيس دولة قومية للأكراد إلى 22 يناير/كانون الثاني 1946، إذ تم الإعلان عن جمهورية كردستان، أو ما عرف حينها بجمهورية مهاباد الكردية، وأسسها عدد من السياسيين الأكراد الإيرانيين والعراقيين، بقيادة الشيخ قاضي محمد، وأعلنوا عن جيش الدولة الجديدة بغالبية كردية عراقية، يقوده الملا مصطفى البرزاني، والد الرئيس الحالي لإقليم كردستان، مسعود البرزاني. وكان تعداد الجيش بضعة آلاف فقط، وحظي خلال تلك الفترة بدعم كبير من قبل الاتحاد السوفييتي الذي كان معادياً لإيران وقتها، خصوصاً أن الجمهورية الكردية المعلنة تتربع على مساحات واسعة من العراق وإيران وسورية وتركيا. ودامت الجمهورية المعلنة 11 شهراً فقط، وحققت نجاحاً داخلياً، إلا أن نظام الشاه الإيراني، وبدعم بريطاني وأميركي، تمكن خلال حملة عسكرية باتجاه غرب إيران من دخول مدينة مهاباد، عاصمة الجمهورية الكردية، وإسقاطها، ومن ثم اعتقال رئيسها قاضي محمد وإعدامه في ساحة عامة وسط مدينة مهاباد، فيما فرت قيادات كردية إلى داخل الأراضي العراقية، منهم الملا مصطفى البرزاني، مع مجموعة من مقاتليه، والذين أسسوا بعد ذلك الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يترأسه حالياً نجله مسعود البرزاني.

ويعتنق الأكراد ديانات مختلفة، أبرزها الإسلامية والمسيحية واليزيدية والصابئة والزرادشتية، وجميعهم من الناطقين باللغة الكردية، لكن ضمن لهجتين رئيسيتين، هما السورانية لأكراد السليمانية، والكرمنجية لأكراد أربيل ودهوك. وهناك لهجات أخرى، مثل الهورمانية والفيلية للأكراد القاطنين على حدود إيران. وتختلف ثقافات وعادات أصحاب اللهجات، إلا أن أحداً لا يمكنه تمييز ذلك إلا إن كان كردياً. ويقول المحلل السياسي العراقي، ناجي أحمد، لـ"العربي الجديد"، إن "الاستفتاء لن يكون ملزماً، ومن الصعب تخيل نجاح مشروع الانفصال، والبرزاني يعلم ذلك جيداً، فهو سياسي محنك، لكن أعتقد أنه يريد حالياً مكاسب إضافية سيحصل عليها من خلال ابتزاز بغداد بشكل أو آخر".




ذات صلة

الصورة

سياسة

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة استهدفت كتيبة عسكرية ومستودعات أسلحة في محيط مطار حلب الدولي، ما أسفر عن سقوط 42 قتيلاً.
الصورة
تظاهرة ضد هيئة تحرير الشام-العربي الجديد

سياسة

تظاهر آلاف السوريين، اليوم الجمعة، مناهضة لسياسة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، ومطالبة بإسقاط قائدها أبو محمد الجولاني.
الصورة
تظاهرات في ذكرى الثورة السورية (العربي الجديد)

سياسة

خرجت تظاهرات في مدن وبلدات شمال غربي سورية اليوم الجمعة، إحياءً للذكرى الـ13 لانطلاقة الثورة السورية.
الصورة

منوعات

دفعت الحالة المعيشية المتردية وسوء الأوضاع في سورية أصحاب التحف والمقتنيات النادرة إلى بيعها، رغم ما تحمله من معانٍ اجتماعية ومعنوية وعائلية بالنسبة إليهم.