تدريب المعارضة السورية: تركمان حلب لقتال "داعش" والنظام

تدريب المعارضة السورية: تركمان حلب لقتال "داعش" والنظام

20 فبراير 2015
التدريب سيشمل التركمان والبشمركة ومقاتلين من الجبهة الشامية (الأناضول)
+ الخط -
وقّعت تركيا والولايات المتحدة الأميركية، بعد مفاوضات استمرت لأكثر من تسعة أشهر، على الاتفاق النهائي بشأن برنامج تدريب وتسليح المعارضة السورية المعتدلة. ورغم أنّ تفاصيل الوثيقة التي تمّ التوقيع عليها لم تنشر، فإن تسريبات سابقة تفيد بأنّ الطرفين استطاعا تجاوز عدد من خلافاتهما، ومن بينها تحديد أولويات الجهة التي ستحاربها هذه القوات المدرّبة.

وفي وقت كانت فيه الإدارة الأميركية تصرّ على أن تكون قوات "داعش" الهدف الرئيسي، أرادت تركيا أنّ تضيف قوات النظام السوري إلى اللائحة، ليتوصل الطرفان في النهاية، إلى معادلة فحواها ترْك هذا السؤال بلا إجابة خارج الاتفاقية.

لكن وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، لم يتردّد في التأكيد يوم الخميس الماضي، على أنّ القوات ستحارب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، والنظام السوري أيضاً، بقوله إنّ "هذه القوات بطبيعة الحال ستحارب العناصر التي تهدد وحدة سورية"، مشيراً إلى أنّ "التنظيمات الإرهابيّة، وخصوصاً "داعش" والنظام السوري، هما من يهددان الاستقرار في سورية، وكلاهما يقتلان الأبرياء بكل وحشية".

اقرأ أيضاً: تركيا: المعارضة السورية المقرّر تدريبها ستقاتل "داعش" والنظام

ومن المنتظر أن تتولى تركيا، بحسب التسريبات، تدريب قوات الجيش السوري الحرّ، التي تضمّ عناصر تركمانية في قاعدة هيرفانلي، المختصّة بتدريب قوات الشرطة التركية، قرب مدينة كرشهير، بحضور ضباط من البحرية الأميركيّة (المارينز)، بالإضافة إلى مقاتلين سوريين، من المرجّح أن يكونوا من "الجبهة الشامية"، التي ترتبط بعلاقات جيدة مع أنقرة.

وفي حين تشمل الاتفاقية تدريب القوات الخاصة التركية، ألف مقاتل من قوات البشمركة التابعة لإقليم كردستان العراق، سيُصار إلى استبعاد تدريب قوات الحماية الشعبية الكردية، التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، الجناح السوري للعمال الكردستاني.

أنقرة: حلب أولوية

وبعدما كرّرت أنقرة مراراً، إشارتها إلى أنّ حلب أولوية بالنسبة إليها، ومع الأخذ بعين الاعتبار كلّ التسريبات السابقة، يبدو أنّ هذا الاتفاق قد يعيد التركمان الحلبيين إلى الواجهة مرة أخرى. ولدى التركمان ما يقارب 214 قرية في ريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي، نحو الحدود التركية، موزّعة في كل من ريف بلدة اعزاز واختارين وبلدة الراعي. ويقع معظم هذه البلدات تحت سيطرة "داعش" راهناً، بعد هجوم عنيف شنّه التنظيم في أغسطس/آب الماضي، مرتكباً المجازر بحقّ عدد من الشباب التركماني، الذين كانوا منضوين في صفوف كتائب عسكرية عدّة، تابعة للجيش السوري الحر، على غرار "لواء السلاجقة" ولواء "أنصار الفاتحين"، علماً أن معظم مقاتليها فروّا بسبب قلة الدعم العسكري، وإهمال هيئة الأركان في الجيش الحر.

إقرأ أيضاً: واشنطن: معسكرات في 3 دول عربية لتدريب المعارضة السورية

ويقول أحد المقاتلين التركمان، الذين شاركوا في معارك ضد "داعش"، في ناحية الراعي التابعة لحلب، في أغسطس/آب الماضي لـ"العربي الجديد"، إنّ "عدم تكافؤ التسليح وقلة الدعم، كانا وراء الهزيمة"، مشيراً إلى امتلاك "داعش" لـ"دبابات ومدفعية وناقلات جند مدرعة، ومناظير رؤية ليلية، وجميعها حديثة ومتطورة".

ويضيف المقاتل، الذي يقيم الآن في مدينة غازي عنتاب: "لم يشكُ التنظيم من أيّ نقص في الذخيرة، في حين كان سلاحنا الأساسي رشاشات خفيفة من نوع كلاشنكوف، ولم نستطع دفع رواتب المقاتلين ليعينوا أسرهم، الأمر الذي دفع معظمهم إلى ترك القتال والتوجه إلى تركيا للعمل وإعانة أسرهم".

كتيبتان للتركمان
التزم التركمان منذ البداية بخط أنقرة الداعي إلى توحيد الجيش الحر، ولم يشكلوا على غرار الأكراد، قوات تركمانية منفصلة. وتحت الضغوط وقلة الدعم، لم يبق في حلب الآن، إلا كتيبتين للتركمان، منضويتين تحت لواء الجيش الحر، وهما لواء "السلطان مراد" ولواء "محمد الفاتح"، ويوجدان بشكل أساسي في حي بستان الباشا في مدينة حلب. وشارك اللواءان إلى جانب قوات المعارضة، في المعارك على جبهات حندرات والملاح والشيخ مكار وأخيراً على جبهة رتيان، بعد هجوم جيش النظام. ويقول ناشطون إنّ هذه الكتائب ليست ذات شأن، ولا تتجاوز أعداد مقاتليها، المئتي مقاتل في أحسن الأحوال.

إقرأ أيضاً: 6 آلاف تركماني عراقي يتدربون لاستعادة "تلعفر" من سيطرة "داعش"

ويتوزّع التركمان في سورية، في كل من حلب وحمص وريف دمشق والجولان. ويؤكّد الباحث في مركز دراسات السياسات الاقتصادية في تركيا، والمعروف بأبحاثه عن الشعوب الناطقة بالتركية، حسين رشيد يلماز، أنّ هناك العديد من الأسباب وراء عدم قدرة التركمان على التوحد تحت كيان عسكري، كما فعل الأكراد، يأتي على رأسها "الديناميكية الداخلية لاتخاذ القرار". ويتابع: "على عكس الاتحاد الديمقراطي، الذي لم يتردد في استخدام القمع والعنف بحق المعارضين له من الأكراد، فإن المجلس الوطني التركماني، حاول استخدام الأدوات الديمقراطية في اتخاذ القرار، الأمر الذي جعل آلية العمل أبطأ، وبما لا يتناسب مع حرب أهلية تتغير فيها المعطيات كل يوم".

ويشير بعض المراقبين إلى أنّ جزءاً من المسؤولية، يقع على سياسة تركيا بالتحديد في الخسائر التي لحقت بتركمان حلب، إذ بقيت أنقرة "تدفع التركمان للتركيز على قتال النظام السوري، مما حرمهم دعماً دولياً مماثلاً لما حصده الأكراد في مدينة عين العرب وريفها، ليتفاجأوا بهجوم شرس مباغت من "داعش"، أوقع معظم القرى التركمانية تحت يد التنظيم". وتأتي الاتفاقية الأخيرة بين أنقرة وواشنطن، لتنعش الآمال بدور مهم قد يضطلع به التركمان، في القتال ضد "داعش" لإعادة السيطرة على قراهم وضد النظام في حلب.