الفلسطينيون يتدفقون للأقصى بعد فتحه ويؤدون الصلاة فيه

الفلسطينيون يتدفقون للأقصى بعد فتحه ويؤدون الصلاة فيه

13 مارس 2019
يصعد الاحتلال من اعتداءاته على الأقصى (تصويرمحمد إدكيدك)
+ الخط -
فاجأ المقدسيون، فجر اليوم الأربعاء، الاحتلال الإسرائيلي، بعدما تدفقوا من مختلف الأحياء والضواحي بأعدادٍ كبيرة، تضمّ نسبةً كبيرة من الشباب، إلى البلدة القديمة، وأدوا صلاة الفجر في المسجد الأقصى، بعد إعادة فتحه من قبل قوات الاحتلال، التي كانت قد أغلقته لساعات.

وتعرّض المقدسيون لدى دخولهم إلى المسجد الأقصى إلى عملية تدقيق بهوياتهم من قبل جنود الاحتلال عند حواجز تفتيشه المقامة على مداخل المسجد المبارك.

وتواصل تدفق الفلسطينيين، منذ صباح اليوم، إلى باحات المسجد، قادمين من مختلف مدن وبلدات وقرى الداخل الفلسطيني، ومصطحبين معهم معظم أفراد عائلاتهم.

وقال مسؤول في وحدة الحراسة الليلية بالأقصى، بعدما تمكن في ساعات الفجر الأولى من دخول المسجد مع زملائه، لـ"العربي الجديد"، إن أعداد المتدفقين إلى المسجد قدرت بالآلاف، بخلاف ما هو عليه الحال خلال الأيام العادية، التي يؤدي فيها المئات فقط صلاة الفجر، لافتاً إلى أن أحداث يوم أمس ومنع الاحتلال للفلسطينيين من تأدية الصلاة بالمسجد دفعت عدداً كبيراً منهم، جلّهم من الشباب، للقدوم وتأكيد التصاقهم بالأقصى المبارك، الذي يمثل لهم قضية وعقيدة وانتماء. 

وبالنسبة لأفراد الحراسة الليلية، روى المسؤول أن "يوم أمس مرّ صعباً علينا للغاية، فقد طرد الاحتلال جميع الحراس، واعتدى على آخرين، واعتقل زميلنا محمد طينة من داخل موقع عمله بعد الاعتداء عليه بعنف".

بدوره، وصف الشيخ عزام الخطيب، مدير عام أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى، الوضع اليوم بأنه "هادئ تماماً بالرغم من الاقتحامات المستفزة للمستوطنين".

وأكد الخطيب في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "جميع أبواب المسجد الأقصى فتحت منذ صلاة الفجر، وتمكن موظفو الأوقاف والمصلون من دخوله كالمعتاد، بمن فيهم حراس الوحدة الليلية الذين عادوا إلى مواقع عملهم داخل المسجد".

وأكد مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس، اليوم، على موقفه الثابت باعتبار مبنى مصلى باب الرحمة جزءا لا يتجزأ من المسجد الاقصى، ومواصلة فتحه لأداء الصلاة فيه والعمل الفوري على تعميره وترميمه من قبل دائرة الأوقاف الإسلامية ولجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك، باعتبارهما الجهة المسؤولة وصاحبة الاختصاص في ذلك، دون تدخل من قبل سلطات الاحتلال بأي شكل من الأشكال.

وأكد المجلس في بيان صادر عنه أعقب اجتماعاً طارئاً له، على مواقفه السابقة بالتمسك بحق المسلمين وحدهم في المسجد الأقصى بجميع مصلياته وساحاته ومرافقه وما دار عليه السور فوق الأرض وتحت الأرض.

وثمن المجلس مواقف الملك الأردني عبد الله الثاني "الداعمة والمساندة للدفاع عن المسجد الأقصى المبارك"، مؤكداً على قناعته بأن الملك "لن يتوانى عن تحمل مسؤولياته الدينية التاريخية في الدفاع والمحافظة على المسجد الأقصى، والعمل على إلغاء جميع أوامر الإبعاد والاعتقال التي طاولت عدداً من مسؤولي وموظفي الأوقاف الإسلامية وحراس المسجد الأقصى المبارك والمرابطين والمرابطات".

وحيا المجلس "الوقفة المشرفة التي سطرها أهل القدس وعموم فلسطين في دفاعهم وتصديهم للعدوان على المسجد الأقصى، والتي كان لها أكبر الأثر في إلزام سلطات الاحتلال على إعادة فتح المسجد الأقصى المبارك". كما أهاب بهم "مواصلة رباطهم وشد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك لما يشكله هذا الرباط من أثر بالغ في تفويت الفرصة على الاحتلال ومستوطنيه من تحقيق مخططاتهم العدوانية التي تحاك ضد المسجد الأقصى (الحرم القدسي الشريف)".

وقال مجلس الاوقاف إنه "عقد اجتماعاً طارئاً في إطار انعقاده الدائم، استعرض فيه الاعتداءات الوحشية المتواصلة على المسجد الأقصى المبارك والتي كانت آخرها يوم أمس، الثلاثاء، إثر الحادث المفتعل، حيث قامت أعداد كبيرة من القوات الخاصة والشرطة الإسرائيلية باقتحام مسجد قبة الصخرة المشرفة بأحذيتهم والاعتداء بصورة وحشية على المصلين من الرجال والنساء وكبار السن والمقعدين، وكذلك الاعتداء على الشخصيات الدينية واقتحام المكاتب وتفتيشها وإخراج المصلين بالقوة وإفراغ المسجد من جميع العاملين والموظفين والحراس وإغلاقه ومنع رفع الأذان وإقامة الصلاة فيه".

واستنكر المجلس ودان وشجب بأشد العبارات "هذا العدوان المبيت والمخطط له، والذي يعتبر انتهاكاً واضحاً لحرمة المسجد الأقصى المبارك واستفزازا لمشاعر المسلمين واعتداء على حرية العبادة".



وكان القيادي في حركة "فتح"، عضو مجلس الأوقاف، حاتم عبد القادر، قد أفاد في وقت سابق، اليوم، في اتصال مع لـ"العربي الجديد"، بأن اجتماعاً طارئاً للمجلس سيعقد قبل ظهر اليوم في مقر القبّة النحوية، يخصص لبحث العدوان الأخير على المسجد والمصلين أمس من قبل قوات الاحتلال التي تذرعت بحريق مفبرك ومفتعل داخل أحد مخافرها، مدعية أن هجوماً بالمفرقعات استهدفه. 

وشدد عبد القادر على أن ما جرى كان مدبراً ومبيتاً، وهو ما تشير إليه جميع المعطيات على الأرض، مضيفاً أن الاحتلال رغم ذلك يريد بحسب ما يبدو، فرض أمرٍ واقع آخر داخل الأقصى، خاصة في منطقة باب الرحمة.

ورداً على سؤال حول ما تناقلته وسائل إعلام إسرائيلية من أنباء عن اتفاق يقضي بإغلاق مصلى الرحمة لأغراض الترميم والتأهيل، قال عبد القادر: "موقف مجلس الأوقاف واضح بهذا الشأن. مصلى الرحمة لن يغلق ثانية. إن بدأت أعمال الترميم والتأهيل، فسيتم حتماً إغلاقه، لأنه لا يمكن للمصلين وبوجود مواد الترميم وأدواته وسقالات البناء أن يؤدوا صلواتهم داخله، حيث لن يتسع المكان لوجود مصلين. لكن بعد ذلك، فإن استخدامات المقر سواء لغرض الصلاة أو أي استخدام آخر، أمر تقرره دائرة الأوقاف وحدها وهي المسؤولة عن شؤون إدارته، ولا مانع عندئذ من أن يكون واحداً من الأماكن التي تشملها السياحة الأجنبية للأقصى، لأن هذه السياحة تتم إلى الأقصى يومياً وتشمل جميع مرافقه".

وشهد المسجد الأقصى والبلدة القديمة من القدس المحتلة ومحيطها توتراً، بعدما زعمت شرطة الاحتلال، ظهر أمس، تعرض مركز لها قبالة قبّة الصخرة لهجوم بالزجاجات الحارقة أدى لاحتراقه. وعقب ذلك، اعتدت قوات الاحتلال على المصلين، بينهم مسؤولون في الأوقاف الإسلامية في القدس، واعتقلت عدداً منهم، كما عمدت إلى إغلاق أبواب المسجد الأقصى حتى فجر اليوم.

من جهة أخرى، واصل المستوطنون، منذ صباح اليوم، اقتحاماتهم للمسجد الأقصى بالعشرات، بحماية القوات الخاصة في شرطة الاحتلال، فيما جددت منظمات الهيكل المزعوم دعواتها لأتباعها وأنصارها لاجتياح الأقصى ومصلى الرحمة، غداً الخميس، بالآلاف تحت شعار "معاً نمنع المسلمين من السيطرة على باب الرحمة".

المساهمون