6 أشهر على اتفاق الحديدة: أولى مؤشرات التقدّم

6 أشهر على اتفاق الحديدة: أولى مؤشرات التقدّم

13 مايو 2019
فرق الأمم المتحدة في الحديدة (فرانس برس)
+ الخط -

من جديد، يعود اتفاق استوكهولم بشأن مدينة الحديدة اليمنية، إلى صدارة الملفات المرتبطة بالأزمة في البلاد، بعد الإعلان أخيراً عن بدء "الخطوة الأولى" في طريق تنفيذ "إعادة الانتشار" المنصوص عليها في الاتفاق، ولكن من طرف واحدٍ، وهو جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وسط تحفّظ وشكوك الجانب الحكومي. وهو الأمر الذي عُدّ حصيلة أشهر من الاجتماعات والنقاشات التي سيطرت تقريباً على مختلف نقاشات الجهود الدولية الرامية إلى إحلال السلام في البلاد بقيادة الأمم المتحدة. ويوافق اليوم 13 مايو/أيار، إكمال ستة أشهر على إبرام الاتفاق في 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي، في وقتٍ تشهد فيه مدينة الحديدة الخطوات الأخيرة في إكمال "إعادة انتشار أحادي الجانب"، الذي بدأه الحوثيون، السبت الماضي، بإشراف ومتابعة بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحُديدة، التي أعلنت ترحيبها بمبادرة الجماعة بإعادة الانتشار من موانئ الحديدة الثلاثة (الحديدة، والصليف، ورأس عيسى)، في الفترة بين السبت الماضي وحتى يوم غد الثلاثاء، لتنتهي قبل يوم واحد من اجتماع مجلس الأمن لتقييم التقدم الحاصل في تنفيذ الاتفاق، المقرر يوم الأربعاء المقبل.

وكشفت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" عن أن "خطوات إعادة الانتشار ومجمل الإجراءات التي شرع فيها الحوثيون، منذ السبت الماضي، لم تختلف كثيراً عن الإجراءات التي سبق وأعلنت عنها الجماعة من طرف واحد (التسليم من قوات تابعة لها إلى أخرى خاضعة لسيطرتها)، سوى بأن الأمم المتحدة هذه المرة طرف حاضر ومراقب على الإجراءات المندرجة في إطار تنفيذ (المرحلة الأولى) من الاتفاق".

وأكدت بعثة الأمم المتحدة المكلّفة الإشراف على تنفيذ اتفاق الحديدة، أن عملية "إعادة الانتشار" تسير وفق "الخطط الموضوعة". وقالت البعثة في بيان أمس "مضى اليوم الأول من إعادة انتشار قوات أنصار الله (الحوثيين) من الموانئ الثلاثة، الحُديدة والصليف ورأس عيسى، وفقاً للخطط الموضوعة". وتابعت "جرت مراقبة الموانئ الثلاثة في وقت واحد من قبل فرق الأمم المتحدة عند خروج القوات العسكرية من الموانئ وتولى خفر السواحل مسؤولية الأمن فيها"، مشيرة إلى أن الأيام التالية ستركز على إزالة المظاهر المسلحة والألغام. وستقوم البعثة بإجراء "تحقيق رسمي" لعملية انسحاب الحوثيين من الموانئ يوم الثلاثاء.
وأكّد رئيس لجنة التنسيق وإعادة الانتشار في الحديدة، الجنرال مايكل لوليسغارد، أنه "يتعين أن يُنظر إلى هذه الخطوة الأولية بوصفها الجزء الأول من المفهوم المتفق عليه للمرحلة الأولى من عمليات إعادة الانتشار الأوسع في الحُديدة". وتابع بحسب بيان البعثة، أن الحكومة اليمنية أعربت عن التزامها "بتنفيذ الجزء الخاص بها من المرحلة الأولى عند طلب الأمم المتحدة ذلك". من جهتها، ذكرت وكالة "فرانس برس" أن مصدراً مقرّباً من الحوثيين قال إنّ الموانئ سُلّمت إلى خفر السواحل الذين كانوا مسؤولين عنها قبل استيلاء الحوثيّين عليها قبل قرابة خمس سنوات. وأفاد مصوّر في "فرانس برس" في ميناء الصليف أنّه شاهد قوّات الحوثيين تُغادر الموقع، فيما كان رجال في زي خفر السواحل يدخلونه.

وعلى الرغم من تذبذب الموقف الحكومي بين الرفض والتشكيك في الإجراءات واعتبارها "مسرحية" وبين التحفظ نتيجة الضغط الدولي وانتظار ما ستسفر عنه العملية برمتها، لاختبار الجدية من عدمها، برزت مؤشرات إيجابية، خلال اجتماع عُقد بين رئيس لجنة التنسيق وإعادة الانتشار في الحديدة، الجنرال مايكل لوليسغارد، مع الفريق الحكومي في اللجنة. وأعلن عضو الفريق صادق دويد، عن أنه "جرى الاتفاق على ضرورة أن تفضي انسحابات الحوثيين من الموانئ إلى إطار زمني محدد لتفعيل آلية التحقق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة، وعلى الإطار الزمني لإزالة الألغام والمظاهر المسلحة، فضلاً عن آلية الإشراف على واردات الموانئ، والإطار الزمني لاستكمال المرحلة الأولى".


من زاوية أخرى، جاءت تطورات الأيام الأخيرة، لتسلط الضوء مجدداً على المراحل التي مر بها اتفاق استوكهولم منذ إبرامه في 13 ديسمبر الماضي، برعاية الأمم المتحدة، عقب أول جولة مشاورات رعاها المبعوث الدولي، مارتن غريفيث، واستمرت أسبوعاً، لتنتهي بأول اختراق سياسي تحقق منذ تعثّر مشاورات الكويت، في أغسطس/آب 2016. غير أن التقدم المتمثل في اتفاق الحديدة، يكاد يكون وقف العملية العسكرية من أبرز نتائجها، التي دخلت حيز التنفيذ في غضون أيام، اعتباراً من 18 ديسمبر الماضي، وصمد إلى حد كبير حتى اليوم، على الرغم من الخروق اليومية التي يتبادل الطرفان الاتهامات بشأنها.

ومثّل الضغط الدولي، حجر الزاوية بالوصول إلى الاتفاق، وقبل ذلك الذهاب إلى السويد للتفاوض، لكن هذا الدور تعزز بصدور أول قرار عن مجلس الأمن الدولي بمضامين جديدة في 21 من ديسمبر، وهو القرار 2451، بالتزامن مع الإعلان عن تشكيل فريق الرقابة برئاسة الجنرال الهولندي باتريك كاميرت، الذي ترأس اللجنة المؤلفة أيضاً من ممثلين عن الجانب الحكومي ومثلهم عن الحوثيين. لكنه سرعان ما اصطدم بالحوثيين مع إعلان الجماعة "إعادة الانتشار" من جانب واحد في ميناء الحديدة. وأدى تحفّظ رئيس فريق الرقابة على الاعتراف بالخطوة إلى انتقادات حوثية دفعته إلى الاستقالة، بعد نحو شهر على تسلّمه المهمة، لتنتهي مهمته بالتزامن مع صدور قرار دولي ثان هو 2452، جاءت أبرز مضامينه لدعم تنفيذ اتفاق الحديدة وتوسيع مهام وعدد أفراد البعثة الدولية المعنية بالرقابة على الاتفاق.

في المرحلة الثانية من رحلة تنفيذ اتفاق الحديدة، جاءت خطة لوليسغارد، التي عرضها على ممثلي الطرفين، في فبراير/شباط الماضي، وأبرز ما تضمنته هو تقسيم الخطة التنفيذية للاتفاق إلى مرحلتين، تشمل الأولى "إعادة الانتشار" من قبل الحوثيين من ميناء الصليف وميناء رأس عيسى مسافة خمسة كيلومترات، في مقابل تراجع القوات الحكومية مسافة كيلومتر واحد في المدخل الشرقي. وفيما تدخلت الخلافات في التفاصيل بشأن تسمية هوية القوى المفترض أن تتسلم المناطق الخاضعة للحوثيين على وجه التحديد، قدم لوليسغارد خطة معدلة، في 18 مارس/آذار الماضي، تشمل إعادة الانتشار من قبل الحوثيين من موانئ الحديدة الثلاثة، ومثل ذلك بالنسبة للقوات الحكومية مسافة كيلومتر في المدخل الشرقي، إلا أن الطرفين تبادلا الاتهامات بالتهرب من التنفيذ، قبل الإعلان أخيراً عن "إعادة انتشار أحادي" من قبل الحوثيين.



المساهمون