براءة بديع والبلتاجي بـ"أحداث الاستقامة": تحريات الشرطة لا تكفي

براءة بديع والبلتاجي وآخرين بـ"أحداث الاستقامة": تحريات الشرطة لا تكفي

10 يناير 2019
تمت المحاكمة خلال 11 جلسة (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
أصدرت محكمة جنايات الجيزة المصرية، اليوم الخميس، برئاسة المستشار معتز خفاجي، حكمها ببراءة المعتقلين المتهمين بالتحريض على التظاهر وارتكاب أعمال قطع الطريق والتجمهر وإسقاط الدولة، والتي وقعت في منطقة الجيزة في القضية المعروفة إعلاميا باسم "أحداث مسجد الاستقامة".

وشملت أحكام البراءة، كلاً من: المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، محمد بديع، والقياديين بالجماعة محمد البلتاجي وعصام العريان، بالإضافة إلى كل من الداعية صفوت حجازي، ووزير التموين الأسبق باسم عودة، وأعضاء الجماعة، الحسيني عنتر، ومحمد جمعة، وعصام رجب، وعبد الرازق محمود.

وقال خفاجي، في كلمته قُبيل الحكم الصادر، إنه بسماع شهود الواقعة ثبت من شهاداتهم أنهم لم يحددوا أيًّا من المتهمين، سواء الشريك أو الفاعل الأصلي، وإنما نسب القول إلى جماعة الإخوان المسلمين دون تحديد الفاعل، فالأمر بات للمجهول.

وأضاف أن التقارير الطبية لم تُشِر إلى مرتكب الفعل الإجرامي، ومن ثم تكون الأدلة المشار إليها قاصرة عن أن يُبنى عليها حكم جازم بالإدانة، وتصبح تلك الأدلة لا تصلح لإسناد أي تهمة لمتهم بعينه.

وأضاف خفاجي متحدثا عن تحريات الشرطة، أنها لا تصلح بذاتها لبناء حكم قاطع عليها، فهي احتمالية الدلالة، وأن مُجري التحري لم يكشف عن مصدر معلوماته، وإنما بنى على الاجتماع الذي حصل بمسجد رابعة العدوية ولم يوضح للمحكمة كيفية رصد هذا الاجتماع، ومن ثم فقد بات التحري قرينا، وإن كانت تصلح للاتهام على وقوع الجرائم إلا أنها لا تصلح بذاتها لابتناء حكم بالإدانة.

وبعد سماع المرافعة ومطالعة الأوراق ومواد القانون، حكمت المحكمة حضوريا وبإجماع الآراء ببراءة كل من: محمد بديع، ومحمد البلتاجي، وعصام العريان، وصفوت حجازي، والحسيني عنتر محروس، وعصام رشوان، ومحمد جمعة حسين، وعبد الرازق محمود، وباسم عودة، مما أُسند إليهم في القضية المعروفة إعلاميا بـ"أحداث مسجد الاستقامة".

وعُقدت جلسات المحاكمة على مدار 11 جلسة. وأكدت هيئة الدفاع عن المعتقلين، والتي يترأسها المحامي محمد الدماطي، أنها ستتخذ الإجراءات القانونية ضد المحكمة التي وصفتها بأنها "مسيّسة"، وذلك لتعمد القاضي منْع هيئة الدفاع من استكمال مرافعتها بحق المعتقلين وذلك بتعمد واضح أخلّ بسير العدالة بشكل فجّ.

وكانت محكمة النقض قد قضت في 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، بقبول الطعون المقدمة من المحكوم عليهم بالإعدام والسجن المؤبد "حضوريا" في القضية، وقررت المحكمة إلغاء الأحكام الصادرة، وإعادة محاكمة المعتقلين أمام دائرة مغايرة للدائرة التي أصدرت أحكام أول درجة، مع عدم جواز الطعن المقدم من المعتقل عصام العريان، لوجود خطأ قانوني في الإجراءات، على أن يتقدم بطعن مستقل.

وطالبت نيابة النقض بقبول الطعن المقدم من المعتقلين على حكم الإدانة، وأوصت في رأيها الاستشاري بإعادة المحاكمة من جديد أمام دائرة مغايرة للدائرة التي أصدرت أحكام أول درجة، لوجود عوار في الحكم. واستعرض دفاع المعتقلين أسباب الطعن المقدم لمحكمة النقض، والذي استند إلى 13 سببا للمطالبة بوقف تنفيذ العقوبة، وإلغاء حكم الإدانة وإعادة القضية من جديد أمام دائرة جنائية مغايرة، مؤكدا أن محكمة جنايات الجيزة أغلقت باب المرافعة في الدعوى دون سماع دفاع ثلاثة معتقلين.

ومن بين الأسباب التي قدمها الدفاع للمحكمة قيام محكمة الجنايات بالتعنت في تمكين الدفاع من المرافعة، والامتناع عن ندْب محام للمرافعة عن المعتقلين، ثم أصدرت حكمها بإدانتهم دون دفاع موكل ولا منتدب، ما يشكل مخالفة للمبادئ الأساسية الواجب مراعاتها في المحاكمات الجنائية، ويكون معه الحكم المطعون عليه باطلاً بطلاناً جوهرياً يتعين نقضه.

وأكد الدفاع اضطراب صورة الواقعة التي حصلتها محكمة الجنايات، وبناء عليها أصدرت حكم الإدانة، مستدلا على ذلك بتناقض الأسباب التي ذكرتها في حيثيات حكمها، بما يستحيل معه فهم صورة الواقعة، حيث أورد الحكم بيانا صريحا تضمن وصف التهمة التي دان بها المعتقلين، حيث قالت المحكمة إنه يستوجب إدانة المعتقلين بجريمة القتل العمد، ثم جاءت في موقع آخر تقول إن تهمتهم هي تحريض أنصارهم على الخروج في مظاهرات نتجت عنها الأحداث.


وقال الدفاع إن حكم إدانة بديع وقيادات جماعة الإخوان انطوى على آراء سياسية، وتعرض للتجريح لغير المعتقلين في القضية تأثرا بهذا الرأي السياسي، ما ألقى بظلاله على الحكم برمته لكون المعتقلين فيه من المخالفين سياسيا للرأي الذي اعتنقته المحكمة.

وكانت محكمة جنايات الجيزة قد أصدرت في 30 سبتمبر/ أيلول 2014، حكما بالسجن المؤبد على 8 قيادات بجماعة الإخوان المسلمين، والإعدام على 7 آخرين، وذلك على خلفية اتهامهم بالتحريض على التظاهر والعنف يوم 22 يوليو/ تموز 2013، اعتراضا على الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر يوم 3 يوليو/ تموز 2013.

يشار في هذه القضية إلى أن دار الإفتاء رفضت لمرتين متتاليتين إعدام المعتقلين المحبوسين، لأن أوراق القضية خلت من دليل إلا أقوال ضابط الأمن الوطني التي لم تؤيَّد بدليل آخر سوى ترديد البعض أقوالا مرسلة بأن من يطلق النار هم جماعة من أنصار الإخوان المسلمين.