محاولات لتمرير قانون جديد لتنظيم الأحزاب في الكويت

محاولات لتمرير قانون جديد لتنظيم الأحزاب في الكويت

13 ابريل 2018
النائب جمعان الحربش خلال جلسة لمجلس الأمة(ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -
قدّمت مجموعة من النواب الإسلاميين ينتمي بعضهم إلى "الحركة الدستورية الإسلامية" (حدس)، وهي الذراع السياسي للإخوان المسلمين في الكويت، اقتراحاً بقانون يقضي بتنظيم عمل الهيئات السياسية والتيارات الموجودة في البلاد، وتحويلها إلى جمعيات سياسية رسمية أو أحزاب معترف بها. وقال النائب محمد الدلال، وهو أحد مقدمي الاقتراح في مؤتمر صحافي داخل مجلس الأمة، الأحد الماضي، إنه "منذ نشأة الحياة السياسية في الكويت، توجد لدينا تيارات ومجموعات سياسية تعمل في الشأن السياسي وتتعامل معها السلطة التنفيذية والقيادة السياسية والمجاميع الوطنية وكل النخب بحكم الأمر الواقع، لكن فعلياً لا يوجد تنظيم قانوني وسياسي لهذه الحركات الموجودة حالياً"، مضيفاً "كل التيارات السياسية، مثل الحركة الدستورية الإسلامية والتجمّع السلفي والمنبر الديمقراطي والتحالف الوطني وغيرها، لا يوجد قانون لها ينظّمها. ورغم ذلك، فإنها تعمل ولديها عضوية واشتراكات وتختار قيادات وترشّح أعضاء لمجلس الأمة وللمجالس الأخرى. يجب أن تكون الممارسات الآن قانونية وتحت إشراف الدولة، ولن تكون هناك رقابة عليها إنما نريد أن نعطيها الشرعية القانونية فحسب".

وأوضح الدلال أنّ هذا القانون "يعدّ مقدّمة لقانون آخر سنقدمه، وهو تنظيم عمل القوائم الانتخابية، حتى نصل لمرحلة العمل الجماعي، لأن الحكومة التي تسعى إلى أن يكون كل نائب مستقل وحده، حتى تحظى بسهولة التأثير عليه، تعاني اليوم بشدة، لأنها لا تستطيع التفاهم مع 50 نائباً كل واحد منهم على حدة".

ومن المنتظر أن يحتوي القانون الذي قدمه إضافة إلى الدلال كل من النواب عادل الدمخي وأسامة الشاهين وجمعان الحربش وعبد الله فهاد، 38 مادة، تشتمل على تعريف التيار السياسي، وآلية الاعتراف به، بالإضافة إلى طرق تعامل الحكومة مع تقاريرها المالية وتدقيق حساباتها وتنظيم لوائح اختيار القيادة فيها.

وينصّ القانون الكويتي في المادة 43 من الدستور على "حرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية وبوسائل سلمية مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبيّنها القانون، ولا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى أي جمعية أو نقابة". وتقول المذكرة التفسيرية للمادة إن "حرية تكوين الجمعيات والنقابات بدون النص على الهيئات التي تشمل في مدلولها العام بصفة خاصة الأحزاب السياسية، وذلك حتى لا يتضمّن النص الدستوري الإلزام بإباحة إنشاء هذه الأحزاب. وعليه فالنصّ الدستوري المذكور لا يلزم بحرية الأحزاب ولا يحظرها، وإنما يفوّض الأمر للمشرع العادي من دون أن يأمره في هذا الشأن أو ينهاه عنه".


وبقيت السلطات الكويتية تتوجّس طوال سنوات العمل السياسي البرلماني في البلاد، من إشهار الأحزاب، خوفاً من التجارب الحزبية الفاشلة في جارتها العراق، وتمدّد أحزاب مثل "الدعوة" أو "البعث"، بالإضافة إلى تأثير القوميين الخطير في ستينيات القرن الماضي، ومن ثمّ تأثير الإسلاميين في الثمانينيات والتسعينيات. كما أن أمير البلاد الحالي، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أكّد أكثر من مرّة رفضه وجود حياة حزبية في الكويت، مشدداً على أنّ القانون الكويتي رفضها بشكل قطعي. بينما فضّلت التيارات السياسية عدم الضغط على الحكومة في اتجاه الاعتراف الرسمي بها، خوفاً من تقييد حركتها السياسية والمالية وحلّها، وفق القانون، إذا ما ارتكبت مخالفات أخرى.

وتفضل التيارات السياسية العاملة في الكويت تسمية نفسها بالحركة أو التيار عوضاً عن الحزب، بسبب عدم التقبل الحكومي والشعبي لمسمى الأحزاب، لكن "حزب الأمة" الذي انطلق عام 2005 بخلفية إسلامية، كان أوّل تيار سياسي يعلن تنظيم نفسه بشكل منظّم وعلني، وهو ما عرّض أفراده في ما بعد للملاحقة القضائية من قبل السلطات.

وتعمل هذه التيارات غير المعترف بها رسمياً، بكل حرية، إذ تتمكّن من استئجار مبانٍ خاصة بها، وتحويلها إلى مقر رسمي، كما أنها تمتلك ميزانية خاصة مموّلة من قبل أعضاء التيار نفسه، بدون رقابة حكومية عليها، كما تمتلك لجاناً تنفيذية وانتخابات داخلية، وآليات اختيار متعددة. وتستغل غالب هذه التيارات جمعيات النفع العام كواجهات اجتماعية لها، بينما تستغلّ تيارات أخرى قوة أعضاءها القبليين للتمدد داخل المجتمع.

وفي هذا الإطار، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، فيصل المطيري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "تجربة الأحزاب السياسية تبدو غريبة علينا في الخليج العربي، وفي الكويت أيضاً، إذا ما استثنينا البحرين، حيث إن لفظ (حزبي) هي شبيهة بالشتيمة في الخليج. لكن إذا ما أردنا الرجوع للواقع، فلا إمكانية لأي عملية سياسية كبيرة ومحترمة بدون وجود تمثيلٍ حزبي حقيقي، شرط ألّا تتدخل الحكومة في دعم حزب دون الآخر"، مضيفاً أنّ "التجربة البحرينية كانت ناجحة نوعاً ما، حتى احتجاجات 2011، عندما قرّرت السلطات هناك مطاردة الجمعيات السياسية وحلّها واحدة تلو الأخرى، وهو ما يخيف التيارات السياسية في الكويت، حيث إنّ الاعتراف الرسمي بالأحزاب سيجعلها مقيّدة وصلبة، ويفقدها ليونتها التي تتمتّع بها الآن، وتتمكّن من خلالها من الانحلال ثمّ إعادة التجمّع، بدون قدرة قضائية أو حكومية على السيطرة عليها، لأنها على الورق غير موجودة أبداً".

ومن المتوقّع أن يفشل القانون في المرور، في ظلّ رفض الكثير من النواب المستقلين الذين يبلغ عددهم أكثر من 25 نائباً (نصف البرلمان) له، إذ إنه سيضعف فرصهم في الفوز في أي انتخابات حزبية مقبلة. ويعمل النواب المستقلون الذين لا يملكون أي توجه سياسي، كحلقة وصل بين الحكومة والناخبين، ويقومون بتمرير المعاملات وتعيين بعض الأشخاص في المناصب المتوسطة مقابل أصواتهم، وهو ما تراه التيارات السياسية رشوة غير صريحة.