الأمم المتّحدة تتبنّى آلية للتحقيق في جرائم الحرب بسورية

الأمم المتّحدة تتبنّى آلية للتحقيق في جرائم الحرب بسورية

نيويورك
ابتسام عازم (العربي الجديد)
ابتسام عازم
كاتبة وروائية وصحافية فلسطينية تقيم في نيويورك. مراسلة "العربي الجديد" المعتمدة في مقرّ منظمة الأمم المتحدة.
22 ديسمبر 2016
+ الخط -
في خطوة غير مسبوقة، تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة، فجر الخميس، قرارًا حول إنشاء آليات دولية مستقلة تساعد على التحقيق والملاحقة القضائية بخصوص الجرائم الأشد خطورة، بحسب تصنيف القانون الدولي، المرتكبة في سورية منذ آذار/ مارس 2011.

وأيّدت القرار 105 دول، في حين عارضته 15، وامتنعت عن التصويت 52 دولة. وتقدّم بمشروع القرار كل من قطر وليختنشتاين، فيما شاركت أكثر من خمسين دولة في صياغته، من بينها، عربيًّا، السعودية وقطر والإمارات والبحرين والكويت واليمن.

وشهدت الجلسة نقاشات حادة حول مدى قانونية التصويت على مشروع القرار، حيث ادعى المعارضون للتصويت أن هذه خطوة غير مسبوقة، وأن صياغة المشروع تمت بسرعة، ومن دون التشاور مع الأطراف المعنية، وعلى رأسها النظام السوري.


وتحدّث سفير ليشتنشتاين في الأمم المتحدة، كرستيان فينافيسر، باسم الدول التي شاركت في صياغة مشروع القرار، قبل التصويت عليه، وقال موجهًا كلامه إلى أعضاء الدول الـ193 في الجمعية العامة: "الوضع في الجمهورية العربية السورية هو الأفظع، ويتم انتهاك وتجاهل كامل لحقوق الإنسان من قبل أطراف النزاع". وأكد أن "الاختلاف بين أعضاء مجلس الأمن، الذين لديهم حق النقض (الفيتو)، أدى إلى انهيار الدبلوماسية متعددة الأطراف، ونتيجة لذلك أخفقنا جميعًا". ونوّه إلى أن "القرار يتناول قضية لطالما أهملت؛ وهي ضرورة المساءلة عن الجرائم المرتكبة في سورية منذ 2011."

ومن جهته، وصف سفير سورية في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، مشروع القرار بأنه "غير قانوني"، و"يثبت نفاقًا وفجوة بين النظرية والتطبيق"، زاعمًا أنّه جاء "نتيحة لتحركات الوفد الدائم للشتنشتاين المتحالف مع قطر". وادّعى الجعفري أن هذا القرار يجب أن يتخذ بموافقة الدولة المعنية فقط، أي النظام السوري في نظره.

ودعا نائب سفير الاتحاد الروسي، الدول الأعضاء إلى التصويت ضد القرار، قائلًا "إن الجمعية العامة إن اعتمدت القرار هذا؛ فذلك سيعني أنها تتدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى، حيث إن مبدأ التحقيق يجب أن يأتي بموافقة الدولة المعنية، وهذا لم يحدث هنا، وهذا تصرف غير مسبوق لم يتم اعتماده في أية أزمة في العالم سابقًا".

ووصف كل من مندوبي الجزائر وجنوب أفريقيا هذه الآلية بأنها "غير قانونية"، على اعتبار أن إنشاء هذ النوع من الآليات هو من مهام الدول الأعضاء في مجلس الأمن، أو من مهام مؤتمر دبلوماسي خاص بالقضية، وليس الجمعية العامة، وخاصة إذا لم يتقدم مجلس الأمن بها، حسب قولهما. وتساءل كل منهما: "لماذا لم يتم تقديم طلب من هذا القبيل فيما يخص اليمن أو فلسطين أو العراق وغيرها من الدول؟".



وعلل مندوب مصر امتناع بلاده عن التصويت بالقول إنه لم يتم التشاور مع المجموعة العربية، وبلاده على وجه التحديد، في فترة إعداد مشروع القرار. وقال إن هناك غموضًا وعدم وضوح فيما يتعلق بالصلة بين قرار الجمعية العامة وبيان جنيف المتعلق بسورية.

وبموجب القرار الذي اعتمدته الجمعية العامة، وتحمل وثيقته الرقم (A/71/L.48)؛ فسيتم إنشاء "آلية دولية محايدة مستقلة للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للمسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة، وفق تصنيف القانون الدولي، المرتكبة في الجمهورية العربية السورية منذ آذار/ مارس 2011، برعاية الأمم المتحدة، كي تتعاون على نحو وثيق مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية لاستقاء وتجميع وحفظ وتحليل الأدلة على انتهاكات القانون الدولي الإنساني، وانتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان، وإعداد ملفات لتيسير وتسريع السير في إجراءات جنائية نزيهة ومستقلة، وفقًا لمعايير القانون الدولي والمحاكم الوطنية، أو الإقليمية، أو الدولية، التي قد ينعقد لها الاختصاص بهذا الجرائم وفقًا للقانون الدولي".

وأكد قرار الجمعية العامة التزامه بقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان السابقة ذات الصلة، والتي أنشئت بموجبها لجنة تحقيق دولية معنية بسورية. وأعرب القرار عن تقديره لعمل آلية التحقيق المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة، وتقارير تلك الآلية. كما أشار قرار الجمعية العامة إلى التقارير والبيانات الصادرة عن الأمين العام، ومفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، ومجلس حقوق الإنسان، والتي ترجّح ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب في سورية.

ووجّه نص القرار انتقادًا إلى مجلس الأمن، بسبب عدم إحالته مسألة التحقيق بجرائم الحرب المرتكبة في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية، من أجل المساءلة من خلال تحقيقات ومحاكمات مناسبة ونزيهة ومستقلة على المستوى المحلي أو الدولي. وأكّد القرار أنه من أجل تحقيق المصالحة والسلام المستدام في سورية؛ يجب أن تأخذ أية عملية سياسية تهدف إلى حل الأزمة في سورية كفالة المساءلة الشاملة والموثوقة حول انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي المرتكبة في البلاد. وشجّع القرار الدول على إطلاع الآلية على ما لديها من معلومات ذات صلة من أجل التحقيق في الجرائم المرتكبة.

وبموجب القرار، يتعين على الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، خلال 20 يومًا من صدوره، أن يحدد اختصاصات الآلية الدولية بالاستعانة بمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. كما يطلب القرار من الأمين العام أن يأخذ الخطوات والتدابير اللازمة من أجل إنشاء وتشغيل الآلية الدولية وتمويلها، الذي من الفترض أن يأتي أولًا عبر التبرعات، والتنسيق مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسورية، والاستفادة من القدرات الموجودة في تلك اللجنة، واستقدام أشخاص جدد، وخبرات إدارية وفنية مناسبة. ويطلب القرار من الأمين العام تقديم تقريره في هذا الصدد خلال 45 يوم من صدوره. كما يتعهد القرار بالعودة لمسألة تمويل الآلية في أقرب وقت ممكن.

قصف قافلة المساعدات

في سياق آخر، توصّل تحقيق داخلي للأمم المتحدة، نشرت نتائجه فجر الخميس، إلى أن "أنواعًا متعددة من الذخيرة نشرتها أكثر من طائرة وأكثر من نوع من الطائرات" أصابت قافلة إغاثة في سورية في سبتمبر/أيلول الماضي.

وبحسب وكالة "رويترز"، فقد ذكر التحقيق أنه لم يتسنَّ التعرف على مرتكب الهجوم، وأشار، في الوقت نفسه، إلى أن الطائرات السورية والروسية وطائرات التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة، هي وحدها التي لديها القدرة على تنفيذ مثل هذا الهجوم، وليس قوات المعارضة.

وقال التحقيق إنه "من غير المرجح بشكل كبير" أن تكون طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قد شاركت في الهجوم.

وجاء في نتيجة التحقيق أن عشرة أشخاص، على الأقل، قتلوا، وأصيب نحو 22 في الهجوم على القافلة التابعة للأمم المتحدة و"الهلال الأحمر العربي السوري"، في منطقة أورم الكبرى، بالقرب من مدينة حلب، والذي دمّر أيضًا 17 شاحنة.

ذات صلة

الصورة

سياسة

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة استهدفت كتيبة عسكرية ومستودعات أسلحة في محيط مطار حلب الدولي، ما أسفر عن سقوط 42 قتيلاً.
الصورة

سياسة

كشفت مقررة الأمم المتحدة للأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، اليوم الأربعاء، أنها تلقت تهديدات عديدة خلال عملها على إعداد تقريرها بشأن قطاع غزة.
الصورة

سياسة

وصف يسرائيل كاتس الأمم المتحدة بأنها "منظمة معادية للسامية وإسرائيل"، بعد أن دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى وقف لإطلاق النار
الصورة
تظاهرة ضد هيئة تحرير الشام-العربي الجديد

سياسة

تظاهر آلاف السوريين، اليوم الجمعة، مناهضة لسياسة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، ومطالبة بإسقاط قائدها أبو محمد الجولاني.

المساهمون