كورونا يضرب الجيش المصري: تدابير لمنع التفشي بالمعسكرات

كورونا يضرب الجيش المصري: تدابير لمنع التفشي بالمعسكرات

24 مارس 2020
تم إلغاء العطلات للموجودين داخل المعسكرات (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
ضرب فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، الجيش المصري بقوة في الساعات الماضية، والتي شهدت الإعلان عن وفاة كل من مدير إدارة المشروعات الكبرى بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة اللواء أركان حرب شفيع عبد الحليم داود، وزميله مدير إدارة المياه بالهيئة الهندسية أيضاً اللواء أركان حرب خالد شلتوت، بالإضافة إلى رئيس أركان إدارة المهندسين العسكريين اللواء محمود أحمد شاهين، فضلاً عن سوء الحالة الصحية لمساعد مدير إدارة المشروعات الكبرى اللواء محمد الزلاط.
وعلى النقيض مما أعلنه المتحدث باسم الجيش المصري العقيد تامر الرفاعي، عن أنّ داود وشلتوت توفيا أثناء أعمال التطهير التي يقوم بها الجيش بواسطة هيئة الحرب الكيميائية للمنشآت الحكومية وبعض الطرق والميادين خلال الأيام الماضية، قالت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، إنّ داود كان أول ضابط كبير يتم تشخيص إصابته بفيروس كورونا قبل أسبوعين تقريباً، وذلك بعد عقده اجتماعاً مع عدد من المستثمرين والمقاولين الأجانب الذين قدموا إلى مصر نهاية فبراير/ شباط الماضي، للعمل في بعض مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة.

وأضافت المصادر أنّ داود وشلتوت والزلاط وشاهين و3 ضباط كبار آخرين في الهيئة الهندسية عقدوا على مدار يومي 7 و8 مارس/ آذار الحالي اجتماعات عدة معاً، ومع رئيس الهيئة الهندسية اللواء أركان حرب إيهاب الفار، ثمّ تمّ تشخيص حالاتهم يومي 9 و10 مارس. ووفقاً للمصادر، فإن هناك 3 ضباط كبار آخرين مصابين حالياً بالفيروس ومعزولين في مستشفى للقوات المسلحة بالإسماعيلية تمّ إخلاؤها لهذا الغرض.
وذكرت المصادر أنه تمّ فحص أكثر من 30 ضابطاً (بعضهم بدرجة لواء وعميد) و20 من المجندين والسائقين وضباط الصف الذين يتعاملون بشكل مستمر مع الضباط الكبار المتوفين والمصابين، وأكد الفحص سلبية عيناتهم جميعاً، ثمّ تمّ تكراره بعد 48 ساعة فجاءت التحاليل سلبية أيضاً، لكن بعضهم ما زالوا معزولين ذاتياً في دار خاصة بالقوات المسلحة في شرق القاهرة لحين انتهاء فترة 14 يوماً على آخر احتكاك لهم بالمتوفين والمصابين.
وكشفت المصادر أيضاً أنّ هناك مجندين اثنين مصابان بفيروس كورونا تمّ إبلاغ وزارة الصحة بشأنهما، لم يحتكا بزملائهما، ويتم علاجهما حالياً، ويستجيبان للعلاج بشكل جيد، موضحةً أنه تمّ اكتشاف حالتيهما مساء الخميس الماضي، من إجمالي 24 مجنداً تمّ الاشتباه في إصابتهم، من خلال الإجراءات الاحترازية الجديدة التي اتخذت في معسكرات القوات المسلحة لمنع انتشار الفيروس. وقد تم البدء بتطبيق هذه الإجراءات منذ يوم 11 مارس الحالي، وتتمثل في الفحص المسبق لجميع الضباط والمجندين العائدين من العطلات للمعسكرات، والمترددين على مباني القيادة العامة ومنشآت الأندية والدور وقيادات الأسلحة، وإلغاء العطلات للموجودين بالفعل داخل المعسكرات، ومنع الشرطة العسكرية من التواجد خارج محيط وحداتها ووحدات تأمين المعسكرات، ومنع تسيير دورياتها في المناطق المتاخمة التي لها احتكاك بالمدنيين، بالإضافة إلى تطهير جميع المعسكرات بشكل مستمر.
إلى ذلك، ذكرت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، أنّ رئيس أركان إدارة المهندسين العسكريين، اللواء محمود شاهين، توفي في مستشفى الحميات العسكري بألماظة، شرقي القاهرة، صباح أمس الإثنين. وقالت المصادر إنّ هناك تكتماً رسمياً على نبأ وفاة شاهين داخل أروقة القوات المسلحة، إذ تقرّر عدم الإعلان عن الوفاة بشكل رسمي قبل يوم أو اثنين على أقصى تقدير، خشية إثارة البلبلة داخل صفوف الجيش، وذلك بعد الإعلان عن وفاة اثنين من القيادات العسكرية البارزة على مدار يومين.


كذلك، أكدت المصادر نفسها خضوع مدير جهاز المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، للعزل ولإجراءات الحجر الصحي بعد الاشتباه بإصابته بفيروس كورونا، وذلك في أعقاب حضوره اجتماعاً شارك فيه اللواء خالد شلتوت بشأن ملف سدّ النهضة، وهو اللواء الذي توفي متأثراً بإصابته بالفيروس أول من أمس، الأحد. وأوضحت المصادر أنّ كامل لم يمارس مهام عمله من مكتبه بمقر الجهاز بمنطقة كوبري القبة، شرق القاهرة، منذ أيام عدة، فيما تمّ فرض حالة من السرية على المكان الذي يخضع فيه للعزل.

كما كشفت المصادر عن خضوع رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، اللواء إيهاب الفار، للعزل وإجراءات الحجر الصحي، مع عدد من أفراد أسرته ومدير مكتبه، مؤكدةً أنّ هناك أزمة كبيرة داخل القوات المسلحة بسبب الاشتباه بإصابة عدد ليس بالقليل من قيادات الصف الأول بالفيروس.
وقالت المصادر إنه تمّ توسيع دائرة الاشتباه وإخضاع كافة التابعين للهيئة الهندسية للقوات المسلحة بالعاصمة الإدارية الجديدة للفحوص الطبية، وذلك بسبب لقاءات جرت لمسؤولين مع وفد صيني من الشركة التي تنفذ الأبراج هناك في وقت مبكر قبل الإعلان الرسمي عن انتشار الفيروس.
ونعت القوات المسلحة، أمس الاثنين، اللواء أركان حرب شفيع عبد الحليم داود، الذي قالت إنه توفي متأثراً بإصابته بفيروس كورونا خلال أعمال التصدي للوباء. كما نعت، مساء الأحد، اللواء أركان حرب خالد شلتوت بعد إصابته أيضاً بالفيروس.
وكانت مصادر خاصة قد كشفت لـ"العربي الجديد"، أنّ اكتشاف إصابة شلتوت جاء قبل 10 أيام، إذ دخل العناية المركزة بمستشفى حميات ألماظة العسكري، إلا أنّ حالته ساءت بعد أيام قليلة من خضوعه للعلاج إلى أن توفي، أول من أمس الأحد. وكشفت المصادر أنه تمّ عزل 5 من أسرة شلتوت، بالإضافة إلى 12 آخرين من العسكريين العاملين بمكتبه والمخالطين له قبل اكتشاف إصابته بالفيروس.
ويبدو أنّ إصابات الهيئة الهندسية هي أخف الأضرار التي يمكن أن تقع للقوات المسلحة المصرية في ظلّ أزمة الجائحة الحالية، لأنّ قيادات الهيئة ليسوا على احتكاك بالمعسكرات والميادين المغلقة للأسلحة والقطاعات العسكرية الأخرى، ولا يتواصلون بشكل مباشر مع المجندين، بل مع عدد محدود من الضباط والمقاولين والمستثمرين.
يأتي ذلك فيما تزايدت المطالبات البرلمانية بفرض حظر تجول شامل لمواجهة الانتشار السريع للفيروس، في ظلّ عدم جدوى وتأثير قرار الغلق الجزئي للمحلات والنوادي. وطالب وكيل مجلس النواب سليمان وهدان، بـ"إصدار قرار بحظر التجوال في الشوارع، حفاظاً على الشعب المصري، ولحمايته من مخاطر انتشار فيروس كورونا". وأضاف وهدان، في تصريحات صحافية أول من أمس الأحد، أنّ قرارات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي التي اتخذها للوقاية من الفيروس، سواء بتعطيل الدراسة أو بغلق المقاهي والمطاعم والنوادي في الفترات المسائية، لم يلتزم بها الشعب المصري بكامل أطيافه، وهناك خروج عنها في كثير من الأماكن.


كما تقدمت النائبة إيفلين متى بطرس، الأحد، باقتراح إلى رئيس البرلمان علي عبد العال، على أن يوجه لمدبولي، لإصدار قرار حكومي بفرض حظر تجول، للحدّ من حركة المواطنين، في سبيل مواجهة فيروس كورونا. وجاءت هذه التطورات في وقت تزايدت فيه أعداد المتوفين من المصابين المصريين بالفيروس لتصل إلى 15 شخصاً من إجمالي 340 تمّ تشخيص إصابتهم بفيروس كورونا في 24 محافظة، حتى مساء أمس، وجميع المتوفين تتجاوز أعمارهم الـ50 عاماً.
لكن يبدو أن قرار حظر التجول لم يتخذ بعد. وفي السياق، نفت وزارة الداخلية المصرية ما تداولته إحدى الصفحات المزورة المنسوبة إليها على موقع "فيسبوك"، بشأن اتخاذ إجراءات حظر التجول في جميع أنحاء البلاد، ابتداءً من مساء أمس الاثنين.

وتأتي المناشدات بشأن فرض حظر التجول في ظلّ تخوفات واعتبارات عدة طرحتها قيادة الجيش على رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي الأسبوع الماضي، بشأن إعلان حظر التجول وتوقيته ومدى تشديده، أبرزها خشية الجيش من احتكاك أفراده بالشارع، وبالتالي زيادة فرص تعرضهم للعدوى، حسبما كشفت مصادر واسعة الاطلاع بمجلس الوزراء لـ"العربي الجديد". وبحسب المصادر، اعتبرت وزارة الدفاع أنّ الدفع بالقوات المسلحة لمتابعة تنفيذ قرار حظر التجول المقترح، كما كان الوضع عام 2011 عقب ثورة يناير/ كانون الثاني، أو في عام 2013 عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، يمكن أن تكون له أضرار يصعب تلافيها، ما دفعها للمطالبة بأن يتضمن المقترح آليات لتقليل الحاجة للتواصل المباشر بين أفراد الجيش والمدنيين. وبالتالي تم اقتراح عدد من الآليات التمهيدية والبدائل، بعضها تم إقراره، كغلق أماكن التجمع الترفيهية في المساء، وغلق أماكن العبادة تماماً، بينما لم يتم تنفيذ بعض القرارات، كوقف التنقل بين المحافظات.
وذكرت المصادر أنه خلال اجتماع اللجنة التنسيقية للأزمة، مساء يوم الجمعة الماضي، وجهت قيادات بالمخابرات العامة انتقادات لاذعة للشرطة بسبب ما وصفته بـ"تراخيها في تطبيق قرار غلق المقاهي وأماكن التجمع الأخرى من السابعة مساء وحتى السادسة صباحاً، وعدم تنفيذ القرار نهائياً في بعض المناطق في صعيد مصر".
وأشارت إلى أنّ قيادة الجيش تعتبر أنه من الصعب عليها إدارة الأزمة بمفردها، أو في ظلّ تراخي الشرطة، الأمر الذي تطلب تشكيل لجنة أخرى لتنسيق طريقة إدارة الحظر فور اتخاذ القرار، تحت إشراف وزير الدفاع محمد زكي، ومدير مكتب السيسي.
وانتشرت بداية الأسبوع الحالي معدات عسكرية تابعة لسلاح الحرب الكيميائية ببعض مناطق القاهرة الكبرى لتطهيرها، في مشهد غير مسبوق اعتقد بعض المواطنين أنه بداية لحظر التجول. وذلك بينما استمر انتشار دبابات ومدرعات عسكرية، بأعداد رمزية، في كل من مدينة نصر ومصر الجديدة حول منشآت القيادات العسكرية للمنطقة المركزية، وبالقرب من التمركزات السكانية الكبيرة، وكذلك في مدينتي الشيخ زايد وأكتوبر بالجيزة، وبالقرب من منطقة الأهرامات، وعلى الطرق المؤدية للقاهرة من الشمال الشرقي والغربي وطريق الصعيد الغربي وطريق الفيوم.

المساهمون