3 أسباب وراء قلق حفتر من الاتفاق الليبي التركي

3 أسباب وراء قلق حفتر من الاتفاق الليبي التركي

07 ديسمبر 2019
انزعاج حفتر يكمن في الجانب الأمني من الاتفاق(فرانس برس)
+ الخط -
مع اشتعال الخلافات وردود الفعل الإقليمية حول مذكرتَي التفاهم اللتين وقعهما رئيس المجلس الرئاسي في ليبيا فايز السراج، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء الماضي في إسطنبول، تقضي الأولى بترسيم الحدود البحرية بين البلدين، والأخرى تتعلّق بالتعاون الأمني والعسكري، دخل الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر وحلفاؤه في مجلس الأمن على خط التفاعلات الإقليمية تلك، في محاولة لاستثمارها لإنقاذ موقفه المتأزم جراء فشله العسكري جنوبي طرابلس، ومحاولة إحراز مكاسب سياسية أكبر، خصوصاً أن من يشكل الجبهة المعارضة للاتفاقين هي الدول التي تقدم له الدعم العسكري والسياسي.

وجاء توقيت الاتفاقين على وقع استمرار حرب حفتر على العاصمة طرابلس، التي طاولت المدنيين، وأسقطت عدداً منهم بين قتيل وجريح، جراء قصف جوي مكثف تنفذه طائرات مسيّرة، أكد وزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا، أنها "إماراتية، إلى جانب وجود مرتزقة روس في صفوف قوات حفتر"، وفق قوله في تصريح لقناة "ليبيا الأحرار" ليل أمس الجمعة، في وقت نقلت فيه وكالة "رويترز"، صباح اليوم السبت عن الجيش الأميركي، ترجيحه بأن "الدفاعات الجوية الروسية أسقطت طائرة أميركية مسيّرة قرب طرابلس"، الشهر الماضي بل ومطالبته بإعادة حطامها.
وأعلن مجلس النواب، المجتمع في طرابلس، صباح اليوم السبت، عن ترحيبه بـ"توقيع مذكرة التفاهم مع تركيا"، مؤكداً أهمية هذه الخطوة باعتبارها حقاً للدولة الليبية، فيما دافعت حكومة الوفاق عن حقها في توقيع الاتفاقين مع الجانب التركي، لتأمين حدودها المائية، ولتوفير الدعم الأمني لقواتها وتدريب عناصرها في المجالات الأمنية.
لكن الباحث الليبي في العلاقات الدولية، مصطفى البرق، يتساءل عما إذا كان الاتفاق البحري مهما بالنسبة لحفتر، ويشكل بعدا قد يفسد مساعيه للسيطرة العسكرية على طرابلس البعيدة عن مسرح الخلافات الإقليمية حول الاتفاق في شقه الخاص بترسيم الحدود البحرية، لكنه يلفت الى أن ما يزعج حفتر هو الشق الآخر من الاتفاق المتعلق بالتعاون الأمني.

ويوضح باشاغا، في تصريحاته لقناة "ليبيا الأحرار"، جانباً من أسباب انزعاج حفتر وحلفائه المحليين، قائلاً إن الاتفاق "عبارة عن مذكرتي تفاهم حول التعاون الأمني والعسكري، وحول السيادة على المناطق البحرية"، مضيفاً أن "معارضة كل من قبرص واليونان ومصر لها، تكشف أهمية الانفتاح على تركيا بأي طريقة شرعية تقطع الطريق على التحالفات المشبوهة مع حفتر في شخصه"، مشيراً إلى أن حفتر وقّع اتفاقات سابقة، على الرغم من أنه لا يملك أي صفة قانونية أو دستورية لتمثيل ليبيا أو التحدث باسمها، وفق قوله.
ويؤكد البرق في حديثه لـ"العربي الجديد" انزعاج حفتر من وجود تحالفات جديدة، لا سيما مع تركيا، التي تتوفر على قوة لمواجهة الحلف الإقليمي الداعم لحفتر، لكنه يؤكد أن الانزعاج الأكبر يكمن في الجانب الآخر للاتفاق، ممثلاً في الجانب الأمني، الذي سيمكّن تركيا من دعم قوات الحكومة بطريقة شرعية لا يمكن أن تتعارض مع القرارات الدولية، بشأن حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا.
وفي السياق نفسه، كشف دبلوماسي ليبي رفيع، مفضلا عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، النقاب عن سعي الحكومة في طرابلس لقطع الطريق أمام محاولات إقليمية تقودها السعودية، لسحب الاعتراف الدولي بالحكومة، مؤكداً أن وزير الخارجية، محمد سيالة، التقى عدداً من مسؤولي الدول على هامش مؤتمر أمن المتوسط المنعقد في العاصمة الإيطالية، روما.

وأكدت وزارة الخارجية بحكومة الوفاق، في بيان لها اليوم السبت، أن سيالة التقى نظيره السعودي، عادل الجبير، على هامش مؤتمر أمن المتوسط لـ"بحث المستجدات في الملف الليبي وحرب العاصمة طرابلس".
وفيما يؤكد الدبلوماسي الليبي الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، أن "مشاورات عقد قمة برلين ستشهد تغيراً كبيراً في جلستها المقبلة يوم الثلاثاء القادم، على خلفية انخراط أميركي كبير مدعوم بمواقف إيطالية وتركية جديدة"، يرى المحلّل السياسي الليبي، مروان ذويب، أن "حفتر بدا على يقين بأن الاحداث المشتعلة في المتوسط قد تجاوزته، وأن الحكومة اكتسبت أوراقاً جديدة لتقوية موقفها الدولي.
ويوضح ذويب حديثه لـ"العربي الجديد" أن "حفتر غير مهتم بما يحدث في المتوسط، والنزاع حول مواقع الغاز، لكنه قلق جداً من الاتفاق لأسباب ثلاثة، أولها أنه سيشرّع حصول الحكومة على دعم تركي لقواتها، خصوصاً أن الاتفاق في طريقه لدخوله إلى مكتب سكرتارية الأمم المتحدة، ليصبح اتفاقاً فاعلاً، خصوصاً بعد مصادقة البرلمان التركي عليه". وأضاف أن ثاني الأسباب هو أن دولاً كالإمارات ومصر، التي تراجعت عن مواقفها الحادة من الاتفاق، في تصريحات وزير خارجيتها سامح شكري أخيراً، لن تجازف بدعم حفتر بطريقة غير شرعية مقابل دعم شرعي تركي لقوات الحكومة، وهو ما يدركه حفتر، وما يجعله يسرّع من وتيرة عملياته العسكرية هذه الأيام جنوبي طرابلس".


وأمّا السبب الثالث برأي ذويب، فهو أن "الموقف الأميركي تبدو وتيرة غضبه في ارتفاع، لا سيما بعد سقوط طائرة "أفريكوم" على يد دفاعات روسية جوية من داخل صفوف حفتر، وأن وجود الولايات المتحدة داخل ردهات الإعداد لقمة برلين يعني أن نتائج القمة لن تكون في صالح حفتر".

ويؤكد الدبلوماسي الليبي أن "واشنطن تسعى حالياً إلى إطلاق حوار أمني يضمن توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية في ليبيا؛ كأحد مخرجات قمة برلين، وحفتر أبلغ بهذا الأمر شخصياً من قبل مسؤولي الوفد الأميركي الذي التقاه في الأسابيع الماضية، وهو ما لن يمكّنه من الانفراد بالمؤسسة العسكرية، وتحقيق مساعيه في السيطرة على البلاد، كما يدرك تماماً أن أحداً من حلفائه لن يعارض مسعى أميركياً يبدو قلقه واضحاً من الدعم الروسي الذي يتلقاه حفتر بعين إقليمية راضية".