سياسات أوباما في أفغانستان: التنافس مع موسكو وتوزيع الجهاديين

سياسات أوباما في أفغانستان: التنافس مع موسكو وتوزيع الجهاديين

10 نوفمبر 2016
لا ترغب واشنطن في أن تسقط "طالبان" (فرانس برس)
+ الخط -

كلما اشتدت الحرب في أفغانستان تطرح الأروقة السياسية والمنابر الإعلامية أسئلة حول الاتفاقية الاستراتيجية بين أفغانستان والولايات المتحدة، التي وُقّعت في ديسمبر/كانون الأول 2013، وبعد تولي الرئيس الأفغاني أشرف غني زمام الحكم، على أمل أن يساعدهم الأميركيون في إحلال الأمن.

وبعد مضي عامين على الاتفاقية، زاد الوضع في أفغانستان سوءاً، على الرغم من قرار واشنطن تمديد فترة بقاء القوات الأميركية ما بعد نهاية عام 2016.

وثمة من يزعم أنّ تراجع سياسات الرئيس باراك أوباما، إزاء أفغانستان وانشغال حكومته بالملفات العالمية الأخرى، هو السبب الأبرز في تدهور الحالة الأمنية في أفغانستان.  

وعلى الرغم من أنّ دخول القوات الأميركية إلى أفغانستان كان خلال حكومة الرئيس الأميركي، جورج بوش، عام 2001، بعد سقوط حكومة "طالبان"، حين كان الاهتمام بأفغانستان أكثر، وكانت الحالة الأمنية آنذاك أحسن من الآن، إلا أنه خلال فترة أوباما تراجعت سياساته إزاء القضية الأفغانية، ما زاد الحالة سوءاً. ويضاف إلى ذلك انخراط واشنطن في المنافسات الإقليمية، أبرزها المنافسة بين موسكو وواشنطن، بحسب مراقبين.

كما تسببت سياسات واشنطن بجعل "طالبان" وجماعات مسلحة أخرى، في حضن طهران وموسكو، بدلاً من جلبها إلى المصالحة أو القضاء عليها، بل وهناك من يتّهم واشنطن بأنّها السبب في استمرار دوامة الحرب في أفغانستان.

من جهته، رفض الرئيس الأفغاني السابق، حامد كرزاي، توقيع الاتفاقية مع أميركا، وسعى لأن يفعل ذلك بشروطه، لكن إدارة أوباما تمكّنت من إقناع خلفه، الرئيس أشرف غني، للتوقيع على الاتفاقية، والتي بموجبها بقيت القوات الأميركية في تسع قواعد بأرجاء أفغانستان المختلفة، وكان عدد الجنود فيها 9800 جندي أميركي.

حينها كان من المقرر أن تنسحب القوات الأميركية نهاية عام 2016، وأن تبقى قوة صغيرة داخل السفارة الأميركية عند نهاية فترة حكم أوباما، إلا أنّ الأخير غيّر تلك السياسة، نظراً للحالة الأفغانية المزرية، وأعلن إبقاء قوات بلاده في أفغانستان بعد نهاية عام 2016، أي بعد سدّة حكمه.



ولاقت بعض سياسات أوباما المتغيرة ترحيباً وقبولاً لدى الحكومة الأفغانية، لكن الشعب الأفغاني عدّها ضرورة أميركية، ولأجل مصالح واشنطن وليس لمصالح الشعب.

من جهته، قال العضو في البرلمان الأفغاني، عبيد الله باركزاي، إنّ "ما تفعله الولايات المتحدة، يصب لصالحها وليس للشعب الأفغاني، ولا لوضع حد للأزمة الأمنية التي تحصد أرواح أبناء هذه البلاد".

وأضاف أنّ "الاتفاقية الاستراتيجية بيننا لا تعمل عليها واشنطن إلا في ما يدافع عن مصالحها، وكانت كابول قد وقّعت عليها لتعيد إليها أمنها، لكن ذلك لم يحدث، فعلينا إعادة النظر فيها".

وبغض النظر عن ردود الأفعال الشعبية، فإن الحكومة الأفغانية رحّبت بقرارات أوباما حول أفغانستان، والذي كان آخرها إعطاء الأوامر إلى القوات الأميركية بالمشاركة في العمليات ضد المسلحين. وهو الأمر الذي يعتبره الأفغان أحد أهم أسباب إجبار الشباب على الذهاب إلى صفوف المسلحين للانتقام من القوات الأميركية، إذ إنّ تلك العمليات لن تكون مبنية في الغالب على المعلومات الدقيقة، وتؤدي إلى مقتل المدنيين العزل.  

كما يخشى الأفغان من أنّ وجود القوات الأميركية وسياسات أوباما إزاء بلادهم قد فتحت باباً على مصراعيه إلى التنافس الأميركي الروسي على أرضهم.

وعلى الرغم من وجود خلافات بين واشنطن وموسكو، في أكثر من ملف حتى الفترة القريبة، إلا أنهما تعاونتا مع بعضهما في ما يتعلق بأفغانستان خصوصاً، والمنطقة عموماً.

لكن الآن يبدو أنه قد بدأ التنافس بينهما، والذي قد يُدخل أفغانستان والمنطقة في أزمة جديدة لا تُحمد عقباها.

وبينما بدأت موسكو تدعم "طالبان" بالشراكة مع طهران، تتهم الأولى وبعض الموالين لها في أفغانستان، واشنطن، بدعم "داعش في أفغانستان، ليشكل خطرا على آسيا الوسطى أولا وروسيا ثانيا. من هنا، يرى الأفغان أنّ التنافس الروسي الأميركي سيحرق بلادهم من جديد وسيدفعها نحو أتون حرب جديدة.

وعلى الرغم من كل تلك السلبيات، تكللت جهود الحكومة الأفغانية في المصالحة الأفغانية الشاملة، والتي أتت برضا ومباركة إدارة أوباما، إلى حد ما، بالنجاح، وتعد من السياسات الأميركية الإيجابية في أفغانستان.

وبعد نجاح عملية المصالحة الأفغانية مع الحزب الإسلامي بزعامة قلب الدين حكمتيار، ونتيجة جهود أفغانية محضة، بدأت عملية الحوار مع "طالبان"، وعلى مستوى عال، كما تدّعي السلطات الأفغانية، وكل ذلك برضا أميركي. ولا ترغب واشنطن في أن تُسقط "طالبان" أو أية جماعة مسلحة أخرى في حضن موسكو وطهران، وبالتالي تعمل لإنجاح المصالحة الأفغانية، كما يدّعي الخبراء.

وهذا ما يرحّب به الأفغان، إذ يقول مستشار الرئيس الأفغاني للشؤون الأمنية، حنيف أتمر، إننا كما نهنئ جهود الأفغان ومنهم الساسة وزعماء القبائل بصدد المصالحة، نقدر جهود حلفائنا الدوليين بهذا الخصوص، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة. كما يرحّب معظم الأفغان بدعم واشنطن وجميع الحلفاء للقوات المسلحة الأفغانية، في حين يعده البعض سبباً لاستمرار دوامة الحرب.

في المحصلة، فإن سياسات أوباما إزاء أفغانستان تخللتها سلبيات وإيجابيات. وانقسم الأفغان إزاءها، بين مؤيدين ومعارضين. إلا أنّ الأمر مرهون بمستقبل عملية المصالحة الشاملة التي تسعى إليها كابول، إذ إن دعم واشنطن هو الأساس، وما يتركه أوباما في البيت الأبيض بهذا الصدد خصوصاً وتجاه أفغانستان عموماً هو الأهم.



المساهمون