اعتراضات ألمانية على الطلب الأميركي لحماية مضيق هرمز

اعتراضات ألمانية على الطلب الأميركي للمشاركة بحماية الملاحة في مضيق هرمز

31 يوليو 2019
ألمانيا تميل نحو الأطر الدبلوماسية بملف إيران (محمد اسر/الأناضول)
+ الخط -
لاقى طلب المساندة الذي تقدّمت به الولايات المتحدة الأميركية رسمياً من ألمانيا لحماية الناقلات في مضيق هرمز، اعتراضاً واسعاً في برلين، وبرزت العديد من المواقف الرافضة لفكرة المشاركة بالمطلق.

في المقابل، قالت وزيرة الدفاع الجديدة، انغريت كرامب كارنبور، إنها لا تستبعد بصورة مبدئية مشاركة قوات بلادها في مهمة المراقبة البحرية للخليج، وهو ما اعترض عليه عدد من الأحزاب وفي مقدمتهم الشريك في الاتئلاف الحاكم الحزب "الاشتراكي الديمقراطي"، حيث اعتبر وزيره الذي يتولّى وزارة الخارجية هايكو ماس، أنّ طلب المساعدة للمشاركة في المهمة البحرية يحتاج للمزيد من الإيضاحات حول الشكل المطلوب لها، قبل اتخاذ القرار.

ويأتي ذلك في وقت تراهن الولايات المتحدة على تحقيق أقصى الضغط ضد إيران، فيما تميل الحكومة الألمانية أكثر نحو اعتماد الأطر الدبلوماسية.

وعارضت الأحزاب الألمانية بشدة طلب المساندة في مهمة بحرية في مضيق هرمز. وقال رئيس الشؤون الخارجية في "البوندستاغ" نوربرت روتغن والمنتمي للاتحاد المسيحي في هذا السياق: "لا يمكن حالياً القيام بمهمة مشتركة مع الولايات المتحدة لأن "الأريوسيين" يمثلون سياسة مختلفة تجاه إيران.

هذه التحفظات نفسها جاءت من قبل الشريك في الائتلاف الحاكم "الاشتراكي الديمقراطي"، إذ أوضح المتحدث باسم الشؤون الخارجية في الحزب نيلز شميد لتاغس شبيغل، اليوم الأربعاء، أنّه لا يمكن للمرء أن يقف فجأة إلى جانب الولايات المتحدة في الحرب مع إيران، مؤكداً أنّ ألمانيا لن تشارك في مهمة أميركية.

وكان زعيم "كتلة الاشتراكية" بالإنابة، رولف موتزينيتش، قال أمس الثلاثاء، إنّ التوترات الحالية في الخليج تعود أساساً إلى قرار الرئيس الأميركي بإنهاء الاتفاق النووي مع ايران، وكانت خطوة غير مسؤولة، فبدلاً من الدبلوماسية كان هناك العناد والتصعيد، مشدداً على أنّ أي مشاركة في مهمة مراقبة عسكرية في مضيق هرمز، من دون موافقة من مجلس الأمن ستكون خطوة غير مسؤولة.

أمّا نائبة زعيم كتلة "حزب اليسار" سفيم داغدلين، فقالت من جهتها إنّه يجب ألا يشارك الجنود الألمان في المغامرة الحربية المزمعة للرئيس الأميركي ترامب.

واعتبرت زعيمة "حزب الخضر" انالينا باربوك، من ناحيتها، في حديث إلى وكالة الأنباء الألمانية، أنّه إذا كانت المهمة هي للمساهمة في وقف التصعيد، يمكن أن تكون فقط أوروبية وعلى أساس قانوني واضح، وبعد أن تكون قد استُنفدت كلّ الوسائل الدبلوماسية.


إلى ذلك، برز موقف لمفوض الدفاع في "البوندستاغ" هانز بيتر بارتلز، الذي اعتبر أنّ مهمة الحماية في مضيق هرمز كانت ممكنة من حيث المبدأ، لكن سيكون هناك فجوات في أماكن أخرى. واعتبر السياسي المنتمي إلى "الاشتراكي الديمقراطي" في حديث لشبكة "التحرير" الألمانية، أنه من بين الفرقاطات الخمس عشرة التي كان ينبغي أن تكون في خدمة القوات البحرية الألمانية، هناك سبع منها خارج الخدمة، فيما الأخرى تشارك بأكثريتها في عمليات ضمن بعثات الأمم المتحدة.

في المقابل، كان هناك موقف من قبل القطاعات الصناعية والتجارية الألمانية، مرحّب بأهمية مشاركة ألمانيا في تأمين الأمن العسكري لحرية الشحن في مضيق هرمز. وطالبت هذه القطاعات بتدخل الجيش الألماني في المهمة، وهو ما شدّد عليه رئيس اتحاد الصناعات ديتر كمبف لوكالة الأنباء الألمانية، قائلاً إنّه من الأهمية بمكان ضمان ملاحة بحرية آمنة لدولة صناعية مصدرة مثل ألمانيا. ولفت إلى أنّ مضيق هرمز أهم مسار لمرور الغاز والنفط حول العالم ويمثل أهمية تجارية كبرى مع الدول المطلة على الخليج.

في خضم ذلك، يعتبر خبراء في الشؤون السياسية الألمانية أنّ طلب المساعدة الأميركية أمر صعب بالنسبة لبرلين، لأنه لا يتلاءم مع استراتيجية ألمانيا ودورها في إدارة الأزمات للتخلص من التصعيد بالطرق الدبلوماسية. وأبرز الخبراء في هذا الإطار موقف وزير الخارجية الذي أبدى في تصريح، كل الحرص والتصميم لبذل كل الجهود الدبلوماسية، لأنّ الحكومة الالمانية تريد إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني، وهي التي تنتقد السياسة الأميركية بعد أن زادت الضغط على طهران وعلى نطاق واسع، فيما تريد ألمانيا أن تميّز نفسها عن سياسة ترامب المتمثلة باعتماد خطر المواجهة والتصعيد، وما يحمل من مخاوف من الانجرار إلى صراع عسكري في منطقة الخليج.
وكانت الخارجية الألمانية أكدت أمس الثلاثاء، وللمرة الأولى رسمياً، أنها تلقت طلباً خطياً أميركياً بهذا الشأن. وبينت وكالة الأنباء الألمانية أنّ الطلب تضمن مهارات محددة، قبل أن تعلن أنه لا يُتوقع مساهمة ألمانيا في المهمة الاميركية المخطط لها. مع العلم أنّ وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، كان قد تواصل الأسبوع الماضي هاتفياً، وفق "دير شبيغل"، مع وزيرة الدفاع كرامب كارنبور، للتشاور بخصوص الوضع المتأزم في منطقة الخليج، وإمكانية المشاركة في المساعدة لتأمين عمليات النقل البحري عبر مضيق هرمز.