الغنوشي: الحياد السلبي إزاء الأزمة الليبية لا معنى له

الغنوشي يرفض الحياد السلبي في الأزمة الليبية

02 يونيو 2020
الغنوشي يدعم الحل السياسي في ليبيا (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -
اعتبر رئيس البرلمان التونسي، راشد الغنوشي، أنّ الحياد السلبي تجاه الوضع الليبي لا معنى له، غير أنه شدد في الوقت نفسه على أن الحل السياسي هو الطريق الأسلم لتجاوز حالة اللاأمن والفوضى في هذا البلد العربي.

وقال الغنوشي، رئيس حركة النهضة (أكبر كتلة بالبرلمان التونسي، 54 نائبا/217)، في حوار مع وكالة "الأناضول"، نشر اليوم الثلاثاء: "أمام ما يجري في ليبيا، لا يمكن لدول الجوار أن تعيش اللامبالاة، فإذا كان هناك حريق لدى جارك لا يمكنك أن تكون محايداً؛ فالواجب والضرورة يقتضيان أن تساهم في إطفاء الحريق، ولذلك فإن الحياد السلبي لا معنى له".

وتابع: "نحن ندعو إلى الحياد الإيجابي القائم على قاعدة الدفع بكل الفرقاء إلى حل سياسي وسلمي، رؤيتنا أن الحل السياسي في ليبيا هو الطريق الأسلم لتجاوز حالة اللاأمن والفوضى".

وبشأن رفض بعض الأحزاب التونسية المعارضة لتواصله- بصفته رئيساً للبرلمان– مع الحكومة الليبية المعترف بها دولياً برئاسة فائز السراج، شدد الغنوشي على أن تواصله هذا "لم يخرج على ضوابط الدبلوماسية التونسية".

وأوضح أن تونس ورئيسها قيس سعيد في تواصل مع حكومة السراج؛ لأنّها "الممثل للسيادة وفق الشرعية الدولية، وقد سبق أن التقينا عقيلة صالح ممثل (رئيس) برلمان طبرق (شرقي ليبيا) وهذا ما ينسجم مع مقولة الحياد الإيجابي".

وأكد الغنوشي أن "ما يجمعنا بليبيا ليس المصالح فقط، وإن كانت ضرورية"، موضحاً: "تجمعنا بليبيا القيم من الأخوة والتعاون والسلام وحُسن الجوار؛ ولذلك نحن نشتغل ونتواصل وفق هذه الرؤية". وأضاف: "من يحتجون على تواصلنا يقترحون البديل عن الشرعية، كأن نتواصل مع تنظيمات غير معترف بها، وهو ما يضرّ بمصلحة الدولة التونسية وشعبها".

ولفت الغنوشي في هذا الخصوص إلى أنه "لا توجد دولة مستقلة بذاتها لا تتأثر بمحيطها، وفي الحالة الليبية فإن تونس تتأثر بشكل مباشر وبالغ بما يجري في الشقيقة ليبيا".

وأضاف: "لنا حدود مشتركة طويلة مع ليبيا، وتبادل تجاري وعلاقات اقتصادية واجتماعية؛ فالأمن والاقتصاد التونسيان يتأثران بما يجري في الجارة ليبيا ولذلك فإن الأمن الليبي من نظيره التونسي والعكس صحيح".

وأعرب رئيس البرلمان التونسي عن أمله في أن "يجلس أبناء ليبيا إلى طاولة الحوار ويقبلوا بالعيش المشترك ويتجاوزوا الإقصاء".

من جهتها، أكدت كتلة حركة "النهضة" في البرلمان التونسي، رفضها للائحة البرلمانية حول ليبيا، التي سيطرحها الحزب الدستوري الحر على البرلمان، غدًا الأربعاء، معتبرة أنها "في عمق سياسة المحاور بسبب ذكرها لأسماء دول بعينها".

وأكد المتحدث الرسمي باسم حركة النهضة وعضو كتلتها البرلمانية، عماد الخميري، في ندوة صحافية عقدها بالبرلمان، اليوم الثلاثاء، أن رفض حزبه لهذه اللائحة يأتي لاندراجها المتخفي في سياسة المحاور، مؤكدا أن "موقف النهضة حول ليبيا ينسجم مع الموقف الرسمي للدولة بكل مؤسساتها، الرئاسة والحكومة والبرلمان، وأنها دائما مع الشرعية الدولية في ليبيا ومع الحل السياسي والحوار الليبي-الليبي، وهو موقف ثابت للحركة لم يتغير ويلتقي مع مصالح البلاد".

وأكد الخميري أن "تونس متأثرة بهذه الأزمة، وأن أمن ليبيا من أمن تونس، وأن حزبه يدفع نحو معالجة هذه الأزمة وفق ضوابط الشرعية الدولية وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين بهدف إيجاد حل سياسي سلمي والالتقاء على طاولة حوار واحدة".
وشدد الخميري على أن "مواقف النهضة ثابتة في رفض التدخل الأجنبي في ليبيا، ومع التمسك بوحدة ليبيا ووحدة دولتها وترابها".
وفي جانب آخر، أوضح أن الجلسة البرلمانية غدًا الأربعاء، هي جلسة حوار عادية لا تتضمن أي شكل من أشكال المساءلة، (في إشارة إلى من يسميها جلسة مساءلة الغنوشي)، مؤكدا التضامن الكامل مع رئيس البرلمان راشد الغنوشي الذي يتعرض لـ"حملة ممنهجة وظالمة استهدفت دوره ودور البرلمان والمسار الديمقراطي في البلاد".
وأشار إلى أن الاتصالات الأخيرة للغنوشي مع رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج، تأتي في إطار الاتصالات الرسمية مع الجهات الشرعية في ليبيا، مشددًا على أن النهضة لا ترى حيادًا في مسائل الأمن القومي التونسي.
من جهته، اعتبر رئيس كتلة حركة النهضة، نورالدين البحيري، أنه في الوقت الذي تسجل فيه تونس نجاحا في إدارة أزمة كورونا وتتجه نحو مجابهة تداعياتها الجسيمة التي تستوجب وحدة وطنية، تحاول أطراف جر التونسيين إلى مربعات الانقسام والتحارب الأهلي وقضايا نخبوية عبر الدعوات لإسقاط مؤسسات الدولة.
وأكد البحيري أن حركته "لا تعارض الاختلاف وحرية تعبير ومساءلة كل المسؤولين في الدولة لأن هذا حق مكفول بالدستور، ولكن إدارة الاختلافات ينبغي أن تكون تحت سقف الدستور وبما يضمن المصالح العليا للدولة".
وشدد البحيري بدوره على "رفض أي تدخل أجنبي في تونس، باعتباره يمسّ باستقلال البلاد وسيادتها وهذا موقف ثابت للنهضة".