العراق: انقلاب على العبادي وتحالف محتمل بين الصدر والعامري

العراق: انقلاب سياسي على العبادي وتحالف محتمل بين الصدر والعامري بتأييد إيراني

10 سبتمبر 2018
أحداث البصرة أضعفت موقف العبادي (حيدر محمد علي/فرانس برس)
+ الخط -

تبقى خمسة أيام على موعد الجلسة الجديدة للبرلمان العراقي، والتي من المفترض أن يتم فيها إعلان رئيس للبرلمان وتسمية نائبين له، إلا أن أي اتفاق بين القوى السنّية العراقية لم ينضج بعد، مع تمسّك كل كتلة بمرشحها لرئاسة البرلمان. وفي هذا الإطار، أقرّت قيادات سياسية في بغداد، بوجود تطورات كبيرة على مستوى مباحثات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، من أبرزها قرار نهائي باستبعاد حيدر العبادي من قائمة المرشحين لشغل منصب رئاسة الوزراء، اتُّخذ من قبل تحالف "سائرون" بقيادة مقتدى الصدر وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم أبرز حلفاء العبادي السياسيين حالياً.

جاء ذلك مع تصعيد واضح من قبل فصائل مسلحة جنوب العراق، قالت إنها "ستتعامل مع من يستهدف مقراتها في البصرة أو أي مكان جنوب البلاد، معاملة الدواعش"، في إشارة إلى إحراق المتظاهرين 11 مقراً لمليشيات مسلحة بمحافظة البصرة وتدمير مكاتب أخرى لها، أبرزها مليشيا حزب الله والخراساني وبدر والعصائب والنجباء وثأر الله وجماعات مسلحة أخرى تدين بالولاء لإيران.

وقال قيادي رفيع في التيار الصدري، رداً على معلومات بشأن استبعاد العبادي من التنافس على ولاية جديدة برئاسة الوزراء لـ"العربي الجديد"، إن "ذلك صحيح"، مبيناً أن "القرار اتخذ من قبل تحالف سائرون بشقيه الصدري والشيوعي وكذلك بموافقة تيار الحكمة (بزعامة عمار الحكيم) وقيادات أخرى في تحالف الإصلاح". واعتبر أن "القرار جاء بهدف التعجيل في تشكيل الحكومة كون المعسكر الآخر رأى في العبادي شخصية عدائية له، كما أن الأكراد يرفضون دعم حكومة يشكلها العبادي وهذا سبب تأخرهم في الانضمام مع محورنا". ووصف قرار إقصاء العبادي من التنافس "مصلحة كبيرة وتجنباً لمشاكل كبيرة قد لا تنتهي"، متابعاً أن "العبادي متفهم للقرار ويعلم تماماً أن عودته الى رئاسة الحكومة شبه مستحيلة، وأن المرجعية في النجف مع وجوه جديدة تماماً وغير مجربة سابقاً".

في المقابل، كشفت مصادر سياسية في بغداد عن اتصالات حصلت هي الأولى من نوعها منذ أسبوعين أو أكثر بين الصدريين وقيادات في تحالف الفتح، أبرزهم هادي العامري، بهدف التوصل إلى تفاهم مشترك حول الحكومة المقبلة.

وقال نائب عن تحالف سائرون لـ"العربي الجديد"، إن "تواصلاً بدأ فعلاً بين سائرون والفتح بعد التوصل إلى قناعة بأن أي حكومة تشكل بإقصاء أحد الطرفين، محكوم بفشلها وإنها لن تكون مستقرة"، لافتاً إلى أن "إيران تدعم هذا الخيار الجديد ولا يوجد تمسك بكتلة دولة القانون بزعامة نوري المالكي في حال أصر الصدر على إقصائها من الاشتراك بالحكومة الجديدة". وأضاف أنه "ليس شرطاً أن يكون هناك تحالف بين الجانبين بل توافق على حكومة جديدة وبالتأكيد ستكون حكومة محاصصة، بمعنى العودة إلى معادلة ستة وزراء شيعة وخمسة سنة وأربعة أكراد ووزارات للأقليات"، واصفاً أحداث البصرة بأنها "عجّلت في القضاء على آخر فرص العبادي بالحصول على ولاية ثانية".



ونفى النائب ما تردد عن طرح أسماء عدة مرشحة لمنصب رئاسة الوزراء بين العامري والصدر، كما نقلت وسائل اعلام محلية عراقية عن مصادر لم تسمها، مؤكداً في الوقت نفسه بأن "المرشح سيكون مرشح تسوية لكل الكتل ومن المؤكد أيضاً أنه لن يكون من حزب الدعوة أي شخصية سبق وأن تولت منصباً وزارياً بالسابق".

القيادي في تحالف الفتح بزعامة هادي العامري، رزاق الحيدري أوضح لـ"العربي الجديد"، بأن "هناك تقاربا كبيرا بين الصدريين والفتح وقد نشهد خلال الأيام المقبلة إعلاناً على مستوى تحالف جديد". وأضاف أن "هناك اتفاقاً على أن العبادي لن يعود لرئاسة الوزراء، وهناك تفاهمات وتفهم من أن التحالف بين الفتح وسائرون قادر على حكومة قوية في السنوات الأربع المقبلة". وحول إمكانية تحقق تحالف سياسي جديد في بغداد يجمع قطبي معسكري الفتح وسائرون، رغم تسلم رئاسة البرلمان طلبات تسجيل الكتلة الأكثر عدداً، أكد الخبير القانوني علي العتابي لـ"العربي الجديد"، أن "الدستور ينفذ كما تريد الكتل السياسية، ويمكن الخروج بفتوى دستورية توضح أن الجلسة الأولى للبرلمان لم تُرفع بعد، وما زالت مفتوحة وبالإمكان تقديم طلب بتسجيل تحالف جديد"، مرجحاً أن "هذا ما تستند إليه تحركات الكتل السياسية الآن".

بدوره، اعتبر عضو تحالف سائرون برهان المعموري، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "أجوبة رئيس الحكومة حيدر العبادي يوم السبت، حول البصرة لم تكن مقنعة، وكذلك الوزراء المعنيين، ويجب أن يقدموا استقالتهم، ويجب ألا يتم ربط هذا بالتحالفات السياسية فلدينا حالة واضحة وهي إخفاق حكومي ويجب أن يُعَالَج". وحول وجود تقارب بين تحالفه (سائرون) وتحالف الفتح بزعامة هادي العامري، قال "حتى الآن لا يوجد شيء رسمي، وهناك جهات ولجان تفاوضية هي المسؤولة عن التصريح بهذا الشيء".



القيادي في تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، حبيب الطرفي قال إن "تفاهم الفتح وسائرون سوف يمنع تقديم الكتل الشيعية تنازلات غير دستورية إلى الأطراف الكردية مقابل دعم الحكومة"، مبيناً في تصريحات صحافية أن "مفتاح الحل يكمن في تشكيل حكومة باندماج كتل الفتح والحكمة وسائرون والوطنية والنصر في التحالف الأكبر لتشكيل الحكومة المقبلة".

واعتبر القيادي في التيار المدني، وليد الطائي، أن "التقارب بين الصدريين والفتح هو خيار إيراني في النهاية"، مضيفاً أنه "بالتأكيد هو ليس ما كانت تخطط له الولايات المتحدة في تنافسها على تشكيل الحكومة، وهذا يثبت أيضاً أن لإيران أوراق لعب كثيرة أكثر من الأميركيين".

واعتبر أن "السؤال الذي طُرح قبل نحو أربعة أشهر عند الانتخابات، وهو لماذا لم يشارك بالانتخابات سوى ثلث العراقيين، تأتي إجابته اليوم، هو لوجود قناعة بأن الانتخابات لا تنتج الحكومات بالعراق بل التوافق والتفاهم بين الأحزاب الداخلية وبحسب رغبات الخارج".

ميدانياً، في البصرة نجحت قوات الأمن بضبط الأوضاع الأمنية فيها من خلال نشر أكثر من 21 ألف عنصر أمن من الجيش والشرطة وقوات التدخل السريع. وقال مسؤولون أمنيون إن "المدينة شهدت استقراراً لم تعرفه منذ أسبوع تقريباً"، مؤكدين أن "الانتشار جاء أيضاً لمنع فصائل مسلحة بالحشد الشعبي من النزول بالشارع".

وقال ناشط في تظاهرات البصرة لـ"العربي الجديد"، إن "قراراً اتُخذ بتعليق التظاهرات لوقت قصير كوننا توصلنا إلى أدلة قاطعة، تشير إلى وجود جهات سياسية وأحزاب وفصائل مسلحة ومسؤولين فاسدين بالحكومة المحلية، قد دخلت خط التظاهر لتمرير مصالح لها". وأضاف أنه "ما دامت الخدمات معدومة ستبقى التظاهرات وهذا ما نحن متفقون عليه، لكن نريد أن نتظاهر من دون عنف ونعرف من يخرج معنا ومن يستغل خروجنا لتنفيذ أهدافه". وكانت مليشيات الحشد قد هددت بالنزول الى شوارع البصرة لحماية مقراتها من اعتداءات جديدة. وذكر "الحشد الشعبي" في بيان أنه "سيتعامل مع يعتدي على مقرات الفصائل كمعاملة الدواعش"، مضيفاً "رغم انشغالنا في جبهات القتال بتطهير ذيول وجيوب الدواعش الأنجاس الأرجاس في المناطق الساخنة، إلّا أنّنا نرى أن وقف انفلات الوضع الأمني والحفاظ على أرواح المواطنين واجب شرعي وإنساني ووطني مقدس وهو يحتم علينا النزول إلى الشارع لحفظ البصرة. ونعلن أنّنا سنتعامل مع من يريد أن يسيء لمقرّات الحشد الشعبي كما نتعامل مع الدّواعش في ساحات الشّرف والفداء".



المساهمون