تحفظ غربي حول وضع حقوق الإنسان في السعودية

تحفظ غربي حول وضع حقوق الإنسان في السعودية

14 سبتمبر 2018
الرياض تصم آذانها عن الانتقادات لسجلها الحقوقي(مروان نعماني/فرانس برس)
+ الخط -
يرى مسؤولون غربيون أن الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين الرياض وأوتاوا دفعت في اتجاه ما يسمونه بـ"خطوط حمر جديدة" في مسألة حقوق الإنسان في السعودية، مشيرين إلى أن دولهم قد تمتنع عن الانتقاد العلني لهذا الموضوع في المستقبل.

واندلعت أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين السعودية وكندا بعد تغريدة للسفارة الكندية، الشهر الماضي، طلبت فيها "الإفراج الفوري" عن ناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان معتقلين في المملكة. وردّت الرياض بطرد السفير الكندي واتخذت سلسلة تدابير ضد كندا، بينها تعليق العلاقات التجارية.

ورفضت كندا التراجع، مؤكدة أنها ستدافع دائما عن حقوق الإنسان حول العالم. ويقول مسؤول غربي "نحن بصدد الوصول إلى خطوط حمر جديدة"، في إشارة إلى غياب المواقف الغربية الداعمة لكندا. ويضيف: "نحن نحاول أن نفهم: هل ما زال في الإمكان كتابة تغريدات ناقدة من وزارات الخارجية في عواصمنا؟ وما الذي سيجعل منك شخصا غير مرغوب فيه (في السعودية)، مثلما حصل مع السفير الكندي؟".

ولم تعبر أي دولة غربية كبرى بما فيها الولايات المتحدة علنا عن أي دعم لأوتاوا في أزمتها مع السعودية. وكان الاتحاد الأوروبي قد خطط لنشر بيان علني الشهر الماضي لدعم الموقف الكندي حول حقوق الإنسان، بحسب ما قال مصدر غربي لوكالة "فرانس برس"، ولكنه تراجع عن الفكرة. وبدلا من ذلك، قدّم سفراء دول الاتحاد الأوروبي ملاحظة دبلوماسية رسمية خلال اجتماع خاص جمعهم مع وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير.

وترى الأستاذة في جامعة واترلو الكندية، بسمة مومني، أن "الدول الغربية ستفكر مليا قبل انتقاد السياسة الداخلية السعودية علنا". وتقول لوكالة "فرانس برس": "أثبتت قضية كندا أنه من الممكن خسارة الكثير من صفقات الأعمال في حال أغضب انتقاد السعودية حكامها".

"صمت يصم الآذان"

وفي مؤتمر صحافي الشهر الماضي، لم يوضح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مطالب المملكة بالتحديد من كندا، ولكنه وصف التدخل الكندي بـ"الخطأ الكبير". وقال عدد من المسؤولين الغربيين إنه طُلب من كندا حذف التغريدة التي نشرتها سفارتها في الرياض باللغة العربية. وتم بث التغريدة أيضا بالإنكليزية، ولكن التغريدة بالعربية أغضبت السلطات في الرياض، بحسب دبلوماسي غربي، مشيرا إلى أنها رأت فيها محاولة "للتواصل مباشرة" مع الشعب السعودي، الأمر الذي تعتبره خطيرا.

وذكرت المصادر لـ"فرانس برس" أن كندا رفضت حذف التغريدة، بينما ارتفع عدد متابعي حساب سفارة كندا في الرياض من مئات إلى نحو 12 ألف شخص بعد الحادثة. وقام الآلاف بإعادة نشر التغريدة. ويردّد مسؤولون سعوديون أن الحديث في الاجتماعات المغلقة وبشكل مهذب، طريقة أكثر فاعلية من الانتقادات العلنية للمملكة.

وقال مسؤول غربي آخر لوكالة "فرانس برس"، إن "استخدام مكبّر صوت لتوجيه النقد قد لا ينجح"، متسائلا: "لكن، مع من نتحدث في الحكومة (السعودية) بشأن حقوق الإنسان؟ لا توجد قنوات تواصل واضحة ولا آليات قائمة" لذلك. وتعرضت الرياض لانتقادات من منظمات غير حكومية خلال الفترة الأخيرة بسبب توقيفها لعدد من الناشطين والناشطات.

وكندا ليست أول دولة تتخذ السعودية إجراءات بحقها على خلفية انتقادات. ففي آذار/مارس 2015، استدعت الرياض سفيرها في استوكهولم بسبب انتقادات وجهتها وزارة الخارجية السويدية للسعودية تتعلق بسجلها الحقوقي. ويبدو أن المملكة خففت من تعاملها مع بعض الشركات في ألمانيا بعد خلاف دبلوماسي مع برلين، بحسب مصادر.


وترى مومني أن الخيار واضح أمام الدول الغربية، قائلة: "إذا كان الهدف هو الحفاظ على عقود الأعمال، فالانتقادات العلنية ليست الوسيلة".

وتتابع: "لكن إن كان الهدف دعم التحرر السياسي والناشطين في المجتمع المدني، فالانتقادات العلنية هامة كمؤشر للعاملين المحليين والمجتمع الدولي على أن السياسات السعودية غير مقبولة".

(فرانس برس، العربي الجديد)