غزة وإسرائيل: المواجهة التي لا يريدها أحد

غزة وإسرائيل: المواجهة التي لا يريدها أحد

23 يناير 2019
التصعيد على غزة يمكن أن يفضي لمواجهة شاملة(العربي الجديد)
+ الخط -
على الرغم من أن كلا من حركة حماس وإسرائيل غير معنيتين بأي سيناريو يقود إلى مواجهة بينهما في هذا التوقيت تحديدا، إلا أن سلسلة الغارات التي شنها جيش الاحتلال الليلة الماضية بزعم الرد على عمليات إطلاق نار تمت انطلاقا من القطاع، يمكن أن تدفع الطرفين إلى تلك المواجهة.
كما أن قرار رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإرجاء إدخال المنحة القطرية المخصصة لدفع رواتب موظفي حكومة غزة، يمكن أن يوفر بيئة لتواصل التصعيد، ولا سيما أن التزام إسرائيل بالسماح بدخول هذه الأموال هو أحد مركبات التفاهمات التي قادت إلى وقف إطلاق النار، الذي يتم احترامه بشكل كبير في القطاع.

ويتوقف مستقبل التصعيد الحالي على طابع القرارات التي ستصدر عن المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن، الذي يفترض أن يلتئم بعد عصر اليوم، الأربعاء، والذي سيبحث بشكل خاص التصعيد مع غزة.
وعلى الرغم من أن بعض القيادات الأمنية في الاحتياط قد حثت نتنياهو على التراجع عن قرار عدم إدخال الأموال القطرية على اعتبار أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تقود إلى انفجار الأوضاع الأمنية بعكس مصالح إسرائيل، كما دعا إلى ذلك اليوم الرئيس الأسبق للمخابرات الداخلية "الشاباك" يعكوف بيري، إلا أن تزامن التصعيد مع الحملة الانتخابية التي بدأت في إسرائيل قبل موعدها الرسمي يقلص هامش المناورة أمام المستويين السياسي والعسكري في تل أبيب.
ومع أن التجربة قد دلت على أن نتنياهو وقادة الجيش غير معنيين بالانجرار إلى مواجهة مع غزة خشية الاضطرار لإعادة احتلال القطاع مع كل ما ينطوي عليه ذلك من تداعيات بالغة الخطورة ترتبط بدفع ثمن على صعيد أرواح الجنود ودفع أثمان سياسية واقتصادية كبيرة، إلا أن حضور غزة القوي في الحملة الانتخابية يقلص هامش المناورة إلى حد كبير أمام نتنياهو ويجعله أكثر حساسية تجاه أي سلوك أمني يصدر عن المقاومة في قطاع غزة.
ومن الواضح أن غزة تمثل الخاصرة الرخوة لنتنياهو في الحملة الانتخابية، حيث إن خصومه من اليمين واليسار استغلوا طابع السلوك الإسرائيلي "المعتدل" خلال جولة التصعيد الكبيرة التي اندلعت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في أعقاب تسلل الوحدة الإسرائيلية الخاصة إلى جنوب شرق القطاع، لتحميل نتنياهو المسؤولية عن انهيار قوة الردع الإسرائيلية في مواجهة حركة حماس.
ويواجه نتنياهو أزمة خيارات بالغة الصعوبة في كل ما يتعلق بالموقف من غزة، حيث إن درء التهم التي يوجهها إليه خصومه يتطلب ردا قويا على المقاومة الفلسطينية، على وجه الخصوص في ظل الحملة الانتخابية. لكن في المقابل، فإن التصعيد على غزة يمكن أن يفضي إلى مواجهة شاملة تنطوي على مخاطرة كبيرة.
فبخلاف الساحة السورية، التي تواصل إسرائيل العمل فيها بحرية شبه مطلقة وفي مستوى مخاطر منخفض، فإن التجربة قد دلت على أنه في حال اندلعت مواجهة بين المقاومة وإسرائيل، بحيث لم يتم تطويقها بشكل سريع، فإن مآلات هذه المواجهة يمكن أن تنسف النتائج التي حققتها الحملة على الوجود الإيراني في سورية، والتي يراهن نتنياهو عليها في تعزيز مكانته السياسية عشية الانتخابات.
وفي المقابل، فإنه على الرغم من أن حركة حماس غير مستعدة للتسليم بعدم احترام إسرائيل للتفاهمات التي قادت إلى التهدئة، وعلى رأس ذلك إدخال المنحة القطرية المخصصة لدفع رواتب الموظفين، فإنها أيضا غير معنية بالمواجهة مع الاحتلال إلى جانب إدراكها تعقيدات المشهد الإسرائيلي عشية الانتخابات.
وللخروج من هذا الواقع، ولتجاوز التصعيد، فإن الوسطاء الدوليين والإقليميين يمكن أن يلعبوا دورا في تقريب وجهات النظر بين الجانبين، بحيث تلتزم حماس بضمان عدم تكرار حوادث إطلاق النار، مقابل التزام إسرائيل بإدخال المنحة القطرية.