روسيا مهدّدة في قاعدتيها... والنظام يروّج لانتصاره في الغوطة

روسيا مهدّدة في قاعدتيها... والنظام يروّج لانتصاره في الغوطة

09 يناير 2018
سيطرة المعارضة على إدارة المركبات ستغير المعطيات(عبدالمنعم عيسى/فرانس برس)
+ الخط -
يتعاظم الشعور بالتهديد لدى القيادة الروسية في سورية، نتيجة لتكرار الهجمات التي تستهدف قاعدتها العسكرية الأكبر، في حميميم (ريف جبلة الساحلية)، ثم قاعدتها البحرية في طرطوس، وبأدوات مبتكرة ترجمت بهجوم طائرات بلا طيار، اعترفت به موسكو يوم أمس الاثنين، ليكون الهجوم الثالث في غضون أيام على الحصن الروسي غير الآمن في سورية. في هذا الوقت، تروّج الآلة الإعلامية التابعة للنظام السوري لـ"انتصارات" شرق العاصمة دمشق، تؤكد المعارضة السورية المسلحة أنها "وهمية"، إذ لا تزال الأخيرة تحاصر إدارة المركبات في مدينة حرستا، نافية ما تتناقله وسائل إعلام النظام عن فك الطوق عن أهم مواقع النظام العسكرية في غوطة دمشق الشرقية. وفي الوقت الذي تتكبد فيه قوات النظام خسائر فادحة في محيط دمشق، فإنها تتقدم بسرعة في ريف إدلب الشرقي، في مسعى واضح للوصول إلى مطار أبو الظهور العسكري لتحقيق تقدم مهدت الطريق له اتفاقات أستانة، التي حرّمت على المعارضة التحرك شرقي سكة القطار التي تربط الشمال السوري بالجنوب.

وكعادتها، حاولت روسيا تجاهل التقارير الموثقة عن استهداف قاعدتيها الساحليتين في حميميم وطرطوس بطائرات من دون طيار في السادس من الشهر الحالي. غير أنها عادت لتعترف أمس الاثنين بحصول الهجوم، وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن "متشددين هاجموا بـ13 طائرة من دون طيار مسلحة قاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية". وبحسب الإعلان الرسمي الروسي، فإن الهجمات لم تسفرعن خسائر بشرية أو مادية. كانت الوزارة قالت الأسبوع الماضي إن عسكريين روسيين قتلا في هجوم بقذائف هاون على قاعدة حميميم في 31 ديسمبر/كانون الأول. ثم فضح جنود روس بتسجيلات مصورة كيف أن قصفاً أصاب القاعدة قبل أيام ودمر وأعطب 7 طائرات روسية.

في المقابل، ادعت وكالة "سانا"، التابعة للنظام، أن قوات الأخير استطاعت فك الطوق عن إدارة المركبات في منطقة حرستا بريف دمشق مساء الأحد، قائلة أيضاً إنها قتلت وأصابت العشرات من قوات المعارضة السورية المحاصِرة للإدارة منذ أكثر من عشرة أيام. وأشارت الوكالة إلى أن قوات النظام "بدأت على الفور عملية عسكرية جديدة بهدف توسيع رقعة الأمان حول الإدارة"، واستهداف قوات المعارضة في المنطقة المحيطة بالإدارة بسلاح المدفعية.

لكن قيادياً في "حركة أحرار الشام"، أبرز فصائل المعارضة السورية في الغوطة الشرقية، أكد أن الفصائل العسكرية المعارضة ما تزال تحاصر إدارة المركبات، مشيراً إلى أن ما يتم تداوله من قبل وسائل إعلام النظام عن فك الحصار وإخراج المصابين من العناصر عار عن الصحة. وأشار القيادي إلى أن إعلان قوات النظام فك الحصار عن الإدارة ربما يأتي كخطوة للقضاء على جميع ضباط وعناصر النظام داخل الإدارة بعدما فشلت هذه القوات، والمليشيات المساندة لها، في إحراز أي تقدم على جبهات مدينة حرستا، من شأنه فك الحصار المضروب على إدارة المركبات. وأشار المتحدث باسم "حركة أحرار الشام"، منذر فارس، إلى أن "مليشيات (بشار) الأسد ومن ساندها وقاعدة حميميم تروج لانتصار وهمي بفك الحصار عن إدارة المركبات لرفع معنويات جنوده المنهارة"، مضيفاً، في تغريدة على "تويتر"، "يتلاعب (النظام) بجمهوره وشبيحته إعلامياً".


وتعتقد مصادر في المعارضة السورية المسلحة أن النظام قد يلجأ إلى ضرب مباني الإدارة بصواريخ شديدة الانفجار عندما يشعر أنه ليس بإمكانه فك الحصار، كي لا يقع ضباط برتب عالية أسرى لدى المعارضة السورية، إذ سيضطر بعدها للتفاوض من أجل إطلاق معتقلين لديه. وقالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إن قوات المعارضة السورية حاصرت أول من أمس مجموعات تابعة لقوات النظام كانت تحاول فك الحصار عن إدارة المركبات، مشيرة إلى أن ما بثه تلفزيون النظام، أمس الاثنين، على أنه من داخل إدارة المركبات هو في فرع الاستخبارات الجوية ومحيطها، مؤكدة أن النظام بات عاجزاً على الأقل الآن عن فك الحصار.
ويخشى النظام من تبعات هزيمته في مدينة حرستا، إذ بدأ الشارع الموالي له بالتململ أخيراً على وقع الأنباء الواردة من الغوطة الشرقية، خصوصاً لجهة الخسائر الكبرى في صفوف الضباط وصف الضباط، إذ بدأت صفحات موالية على موقع "فيسبوك" بنشر أسماء القتلى، وجلهم يتحدرون من قرى الساحل السوري، حيث المستودع البشري الأكبر لقوات النظام ومليشياته. ومن شأن سيطرة المعارضة على إدارة المركبات تغيير بعض معطيات الصراع في خاصرة دمشق الشرقية، إذ تغدو مواقع مهمة للنظام في مرمى نيران قوات المعارضة، ومن المرجح ألا تصمد قوات النظام فيها طويلاً، وأبرزها مبنى محافظة ريف دمشق الشاهق، ومبنى وزارة الري الاستراتيجي والمحصن والمطل على الطريق الدولي الذي يربط العاصمة بوسط وشمال سورية. كما أن سيطرة المعارضة على إدارة المركبات تعني تهديد ضاحية حرستا السكنية، التي يقطن فيها موالون للنظام، بشكل مباشر من قوات المعارضة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على النظام الذي حاول طيلة سنوات إبعاد مناطق مؤيديه عن دائرة الخطر لضمان ولائهم الدائم.

في موازاة ذلك، تواصل قوات النظام، ومليشيات إيرانية تساندها، زحفها باتجاه هدفها الرئيسي المعلن، وهو مطار أبو الظهور في ريف إدلب الشرقي، إذ سيطرت، أمس الاثنين، على المزيد من القرى. وأكد نشطاء أن قوات النظام سيطرت على قريتي برتقالة وعجاز، مشيرين إلى أنها باتت على مسافة تقدر بنحو 7 كيلومترات عن مطار أبو الظهور الذي يقع شرقي سكة القطار، التي تعتبر الحدود الشرقية لمنطقة خفض التوتر الرابعة التي أقرتها مفاوضات أستانة. وأكدت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أن قوات النظام تدخل قرى خالية تماماً من سكانها، الذين نزحوا منذ أيام، مشيرة إلى أن هذه القوات أحرقت منازل بلدة سنجار في سياق أعمال انتقامية تقوم بها في المناطق التي تسيطر عليها. وأكدت المصادر أن فصائل المعارضة و"هيئة تحرير الشام" لا تتعامل بجدية مع تقدم قوات النظام، مرجعة السبب إلى تفاهمات أستانة التي تسمح لقوات النظام بالتحرك شرقي سكة القطار، مضيفة أن "فيلق الشام، وهو من أهم فصائل المعارضة في شمال غربي سورية، بات خارج المعادلة العسكرية شرقي السكة". وأشارت المصادر إلى أن "هيئة تحرير الشام" ليست بأفضل حالاتها كي تتصدى للهجوم، موضحة أنها "تعاني من مشاكل داخلية بسبب صراعات بين قياداتها"، كما أن هناك أسباباً أخرى تحول دون التصدي لقوات النظام، لعل أبرزها أن طبيعة المنطقة السهلية لا تساعد قوات المعارضة على الصمود أمام قوات النظام.

إلى ذلك، أعلنت "حركة أحرار الشام الإسلامية"، في بيان، النفير العام لصد قوات النظام في ريفي إدلب وحماة، مضيفة "سيتم العمل مع الفصائل الثورية لاستعادة المناطق التي خسرتها الثورة أخيراً". وأشارت الحركة إلى أن تصرفات "هيئة تحرير الشام" واستيلاءها على السلاح، ومداهمة مقرات المعارضة المسلحة وتفكيكها، أسهمت في تقدم النظام، كما أضعفت نفوس المقاتلين. في غضون ذلك، قالت مصادر محلية إن رتلاً، يضم آليات ومدرعات عسكرية، للجيش التركي، عبر الحدود أمس الاثنين من نقطة كفرلوسين في ريف إدلب الشمالي، وتوجه إلى ناحية جبل سمعان بالقرب من بلدة دارة عزة في ريف حلب الغربي. ويأتي انتشار الجيش التركي في نقاط بريف حلب الغربي بالقرب من مناطق سيطرة الوحدات الكردية، تنفيذاً لما تم الاتفاق عليه في أستانة بين الدول الضامنة. وأشارت مصادر، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الجيش التركي يعزز من وجوده في محيط عفرين، كما يقوم بشكل دوري بتبديل نوبات قواته المتمركزة في نقاط حول عفرين بريف حلب الغربي، وينقل إمدادات الطعام والذخيرة عبر دوريات التبديل. وأكدت مصادر إعلامية معارضة أن قذيفة "آر بي جي"، مجهولة المصدر، استهدفت آلية عسكرية تركية أثناء مرورها في قرية زرزيتا الواقعة في ريف حلب الغربي، ما أدى إلى استنفار القاعدة التركية في بلدة دارة عزة.