الملف الليبي في الواجهة الأوروبية مجدداً

الملف الليبي في الواجهة الأوروبية مجدداً

09 فبراير 2017
قوات أمن ليبية في طرابلس (Getty)
+ الخط -
عاد الملف الليبي إلى الواجهة الأوروبية مجدداً بعد أسابيع من الغموض الذي اكتنفه، لا سيما بعد معارضة ليبية ودولية شديدة للاتفاق الموقع بين إيطاليا وحكومة الوفاق، بشأن الهجرة غير الشرعية، والذي صادق عليه الاتحاد الأوروبي.

وأعلن قادة أوروبا عن جملة من اللقاءات في عواصم الدول الكبرى، تشير إلى تحوّل في موقفها من الملف الليبي الذي تمحور طيلة العام الماضي على دعم حكومة الوفاق سلطة شرعية وحيدة في البلاد، وإمكانية الانفتاح على الأطراف الأخرى لا سيما سلطات شرق البلاد، المدعومة من أطراف إقليمية ودولية على رأسها روسيا، التي تسعى لتعزيز نفودها من خلال دعم سياسي معلن لحليفها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ودعم عسكري في الخفاء.

ومن المقرر أن يلتقي رئيس الحكومة الإيطالي "باولو جنتيلوني" نظيرته البريطانية "تريزا ماي" اليوم الخميس في لندن لمناقشة "دور أكبر" لروسيا في ليبيا، حسب تقرير نشرته صحيفة "تايمز" البريطانية، والذي يبدو أنه يأتي في إطار  الحد من النفوذ المتنامي لروسيا في ليبيا.

ولا يتوقف الحراك الأوروبي على بحث مسألة الهجرة غير الشرعية التي أرقت دولاً مهمة وعلى رأسها إيطاليا، التي وصل إليها قرابة 180 ألف مهاجر خلال العام الفائت من سواحل ليبيا، بل يتعداه إلى بحث سبل إنقاذ حكومة الوفاق المدعومة من الاتحاد الأوروبي، وذلك من خلال إحداث تقارب بين شرق وغرب البلاد.

ويبدو أن أوروبا تسير وفق حزمة من الإجراءات واللقاءات في ذات الاتجاه، فبعد أكثر من ثلاث سنوات طالب وزير الخارجية البريطاني "بوريس جونسون" لأول مرة، خلال اجتماع وزراء خارجية أوروبا الإثنين الماضي في بروكسل، بضرورة إدماج "حفتر" في أية تسوية سياسية مقبلة، ما اعتبره مراقبون بداية انفتاح بريطانيا على معسكر شرق ليبيا.


وبالتوازي مع هذه الخطوات، فضّلت الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية "فدريكا موغيريني" تسريع لقائها مع مسؤولي البيت الأبيض الجدد في واشنطن، حيث ستجري مباحثات مع عدد من مستشاري الرئيس الجديد دونالد ترامب، من بينهم "ميشيل فلين" مستشار الأمن القومي.

وبحسب مكتب "موغيريني" فإنها فضلت عدم إرجاء مناقشة العديد من الملفات الهامة؛ من بينها المسألة الليبية التي كان المفترض مناقشتها في 19 من فبراير الجاري مع مايك بينس نائب الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وبالإضافة لاتجاه أوروبا للتواصل مع دول الجوار التي ترعى مبادرات حثيثة من أجل تسريع لقاء يجمع "السراج" بــ"حفتر" كان آخرها استضافة روما للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي يوم أمس الأربعاء؛ تتجه أوروبا إلى إحداث انفتاح على روسيا ومصر، أبرز الدول الداعمة لحراك "حفتر"، لإقناعهما بضرورة التأثير على سلطات شرق البلاد السياسية من أجل القبول بالتعاون مع حكومة الوفاق، مع إمكانية القبول بإدخال تعديلات على تركيبتها الحالية، فقد أعلن نائب وزير الخارجية الإيطالي "ماريو جيرو"، خلال تصريح صحافي يوم أمس الأربعاء، عن نية بلاده دمج جهودها مع موسكو لمواجهة خطر الهجرة غير الشرعية، مضيفاً أن "إيطاليا دائمًا لديها علاقات قوية بروسيا، والآن نحن نريد ليبيا آمنة ومتوحدة، وسنكون سعداء إن أرادت روسيا ذلك أيضاً"، كما تستضيف بروكسل وزير الخارجية المصري "شكري سامح" خلال جلسة رسمية لمجلس وزراء الشؤون الخارجية الأوروبي مطلع مارس القادم، لبحث المبادرة الثلاثية لدول جوار ليبيا، وحث القاهرة على مضاعفة جهودها من أجل التأثير على برلمان طبرق لتليين موقفه المتعنت إزاء حكومة الوفاق والاتفاق السياسي.

وبحسب مصادر إعلامية أوروبية فإن "السراج" أبلغ خلال زيارته الأخيرة لبروكسل بجملة من الانتقادات الأوروبية؛ من بينها وجود عناصر قيادية بــ"جهاز الحرس الرئاسي" لها روابط بجماعات متشددة، بالإضافة لعجزه عن إنقاذ الوضع المعيشي المتهاوي في البلاد، وعدم تمكنه من السيطرة الفعلية على العاصمة؛ بعد عودة حكومة الإنقاذ، التي تهدد الوضع بشكل كبير في طرابلس.

وتشير الانتقادات الأوروبية، الأولى من نوعها، إلى إمكانية تخليها عن المجلس الرئاسي وحكومته بشكلها الحالي، لكنها حريصة على الدفاع عن الاتفاق السياسي الموقع بالصخيرات المغربية، مخرجاً لمحادثات السلام التي دعمتها أوروبا بشدة، وبالتالي إمكانية قبولها بتعديل مكوناته سبيلاً للتقارب مع سلطات شرق البلاد، الرافضة للمجلس الرئاسي وحكومته، وخطوة لاحتواء الأوضاع، ومنع تزايد منافسة روسيا التي تسعى حثيثاً لتعزيز نفوذها هناك.

وإزاء الانتقادات التي وجهها المبعوث الأممي لدى ليبيا "مارتن كوبلر"، خلال إحاطته يوم أمس الأربعاء أمام مجلس الأمن، بشأن سيطرة المجموعات المسلحة على البلاد، لا سيما في العاصمة طرابلس، مما أضعف حكومة الوفاق، وأعجزها عن أداء دورها، طلبت أوروبا من رئيس المجلس الرئاسي "فايز السراج" ضرورة الإسراع في الإعلان عن "جهاز الحرس الرئاسي"، الذي نظم مسيرة استعراضية يوم الثلاثاء الماضي لفرقة تأمين المقار الدبلوماسية جابت بسياراتها أغلب طرقات العاصمة الرئيسية للإعلان عن جهوزيتها.

ولم يعد خافياً أن اللقاءات التي ستجريها "موغيريني" في واشنطن و"جنتيلوني" في لندن و"أنجيلينو ألفانو" وزير خارجية إيطاليا مع وزير خارجية روسيا "سيرغي لافروف" في بون الألمانية نهاية الأسبوع الجاري؛ ستتمحور حول إمكانية دعم جهود التقريب بين معسكر شرق ليبيا والمجلس الرئاسي بطرابلس، وذلك في رسالة واضحة للمجموعات المسلحة المنتشرة في طرابلس سيما الموالية لحكومة الإنقاذ بضرورة انضوائها تحت "الحرس الرئاسي" أو التعرض لغضب المجتمع الدولي.


 

المساهمون