العراق بلا قانون للتظاهر والحكومات تتعكز على "قانون بريمر"

العراق بلا قانون للتظاهر والحكومات المتتالية تتعكز على "قانون بريمر"

20 فبراير 2020
السلطات العراقية تستخدم القوة المفرطة ضد المحتجين (فرانس برس)
+ الخط -

لا تزال السلطات العراقية مستمرة في استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين منذ اندلاع التظاهرات مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على الرغم من الدعوات المحلية والخارجية المتكررة لوقف العنف ضد المتظاهرين.

وبحسب آخر الإحصائيات، فإنّ أكثر من 650 متظاهراً قُتلوا، وأُصيب نحو 26 ألفاً آخرين بهجمات للقوات العراقية، وعمليات اغتيال نفذتها جهات مسلحة اكتفت السلطات العراقية بتسميتها بـ"الطرف الثالث".

ووجه متظاهرون اتهامات لعناصر بمليشيا "سرايا السلام" التابعة للتيار الصدري بقتل محتجين ببغداد والنجف ومحافظات جنوبية أخرى.

ومع انطلاق الاحتجاجات وتصاعد الدعوات الرافضة للممارسات القمعية التي مارستها الحكومة دون وجود سند قانوني، برر رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، إجراءات القوات العراقية بأنّها تمت وفقاً لتشريع "حرية التجمع" (رقم 19 لسنة 2007) الذي أصدره رئيس سلطة الاحتلال الأميركي للعراق بول بريمر.

وبيّن عبدالمهدي أنّ "الحكومة ستتعامل مع فقرات هذا القانون لإنهاء أي مظاهر للاحتجاج لا تحصل على موافقات رسمية"، وهو ما زاد من حدة الاحتجاجات التي قابلتها قوات الأمن بممارسات قمعية غير مسبوقة رافقها انتشار قناصين مجهولين تولوا مهمة قتل المتظاهرين.

ويحظر "قانون بريمر" على أي شخص أو مجموعة أو منظمة تسيير مسيرة أو تنظيم تجمع أو اجتماع أو تجمهر، أو المشاركة في أي من ذلك على الطرق أو الشوارع العامة في أكثر من منطقة واحدة محددة، أو في مكان محدد، إلا إذا كان هذا النشاط يتم بموجب تصريح من قائد قوات الائتلاف (القوات الأميركية والتشكيلات المتحالفة معها)، أو من قائد فرقة أو لواء يُشار لهم فيها باسم "سلطات الترخيص".

وقال الخبير القانوني العراقي طارق حرب، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، إنّ تشريع "حرية التجمع" الذي تحدث عنه عبد المهدي "غير قابل للتطبيق بالعراق في الوقت الحاضر بسبب كثرة ما يحمله من مواد مجحفة"، موضحاً أنّ "هذا الأمر صدر في وقت كان يعاني العراق من احتلال وظروف صعبة، لذا فإنّ أحكامه جاءت ثقيلة جداً".

ولفت إلى أنّ "تطبيقه في الوقت الحاضر يُعد بمثابة عقوبة للعراقيين"، واصفاً القانون بأنّه "غير منصف"، مذكّراً بأنّ السلطات العراقية حاولت تنظيم أمور التظاهر في مشروع "قانون حرية التعبير" الموجود في أدراج البرلمان منذ فترة طويلة.

من جهته، انتقد الأكاديمي المتخصص في مجال حقوق الإنسان سعد القره غولي، لجوء السلطات العراقية إلى استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين، دون أن تمتلك أي مسوغ قانوني لذلك، مؤكداً، لـ "العربي الجديد"، أنّ "الدستور الدائم الذي صدر عام 2005، ضمن حرية التعبير والتظاهر في أكثر من مادة، إلا أنه لم يشر في أي من مواده إلى حق الحكومة في قمع الاحتجاجات أو حتى منعها".

وفي ما يتعلق بـ"قانون بريمر" بشأن التظاهرات، قال القره غولي إنّ "جميع الأوامر التي صدرت عن بريمر انتهت بمجرد صدور الدستور، إلا أن الحكومات المتعاقبة تعكّزت على هذا الأمر لتواصل قمع المتظاهرين".

وتابع: "حتى البرلمان، فإنه مقيد في هذا الجانب لأن إصداره أي قانون يقيد التظاهر سيفتح أبواب الانتقادات، وربما التدخلات الخارجية".

وطالبت الولايات المتحدة الأميركية، أمس الأربعاء، السلطات العراقية بضرورة "وضع حد للممارسات الإجرامية ضد المتظاهرين السلميين".

وقالت السفارة الأميركية في بغداد، في بيان، إنّ مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، أجرى زيارة إلى بغداد في 18 فبراير/شباط، لبحث العلاقات بين واشنطن وبغداد.

وأكدت السفارة أنّ شينكر التقى رئيس الوزراء بحكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي، ورئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، و"سلّط الضوء على أهمية العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق والتعاون المستمر لدعم عراق مزدهر ومستقر وديمقراطي".

ونقل البيان عن "مساعد وزير الخارجية الأميركي تنديده بالهجمات المستمرة ضد المتظاهرين السلميين الذين يمارسون حقهم الديمقراطي في حرية التعبير، بما في ذلك مطالباتهم بالإصلاح السياسي والاقتصادي"، داعياً الحكومة العراقية إلى "وضع حد لهذه الممارسات الإجرامية وتقديم الجناة إلى العدالة".

وأكد دعم بلاده للحق الديمقراطي الأساسي للمواطنين العراقيين في حرية التجمع السلمي والتعبير، مجدداً التشديد "على احترام الولايات المتحدة للدور المهم والدائم الذي تؤديه المرجعية الدينية بالنجف في العراق".