صلاح الدين العراقية تقترب من انهيار أمني

صلاح الدين العراقية تقترب من انهيار أمني

04 ابريل 2018
قوة عراقية في طوزخورماتو، فبراير 2018 (محمود صالح/قرانس برس)
+ الخط -

لا تزال محافظة صلاح الدين شمال العراق تعاني من الخروقات الأمنية الكبيرة والمتكررة في مناطق مختلفة منها. وفي الوقت الذي تشهد فيه صلاح الدين صراعاً سياسياً محموماً تصاعد مع قرب موعد الانتخابات البرلمانية المقرر أن تجرى في 12 مايو/أيار المقبل، تحذر الحكومة العراقية من احتمال استغلال الإرهابيين للخصوصية الدينية لمدينة سامراء في محافظة صلاح الدين، والتي مثلت أحداثها، في العام 2006، الشرارة التي انطلقت منها الحرب الطائفية التي تسببت بمقتل وتغييب واعتقال آلاف العراقيين.

وأكد مصدر أمني في محافظة صلاح الدين أن الصراع السياسي على أشده في بلدة طوزخورماتو شمال المحافظة، بين الأكراد الذين فقدوا السيطرة على إدارة البلدة من جهة، والتركمان والعرب من جهة أخرى. وأوضح، لـ"العربي الجديد"، أن طوزخورماتو والمناطق المحيطة بها أصبحت عبارة عن بؤرة للصراعات السياسية التي تزامنت مع توترات أمنية، تمثلت بانهيار أمني في مساحات من طريق بغداد – كركوك، الذي يمر عبر طوزخورماتو، فضلاً عن تعرض البلدة بين الحين والآخر إلى قصف بقذائف الهاون، تقول السلطات المحلية في طوزخورماتو إن جماعات مسلحة، تصفها بـ "الانفصالية"، هي التي تقف وراء القصف. ولفت إلى أن محيط طوزخورماتو شهد أخيراً انتشاراً مكثفاً لفصائل مليشيات "الحشد الشعبي"، خشية تكرار الخروقات الأمنية التي أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات في حوادث متكررة، آخرها مقتل عدد من عناصر الشرطة الاتحادية على يد تنظيم "داعش" الشهر الماضي، مبيناً أن الطريق بين بغداد وكركوك لا يزال خطراً على الرغم من الانتشار المكثف فيه. وذكرت مليشيات "الحشد الشعبي"، الأحد الماضي، أنها نشرت مجموعات وثبتت كاميرات مراقبة على طول الطريق الرابط بين طوزخورماتو وبغداد لتأمينه من الهجمات التي يشنها "داعش".

وقال قياديون في "الحشد الشعبي" إن المليشيات تتعرض إلى هجوم من قبل بعض الجهات بهدف التسقيط قبل الانتخابات. وأكد المتحدث باسم المحور الشمالي في "الحشد الشعبي"، علي الحسيني، وجود من ينشر الأخبار غير الدقيقة مع قرب الانتخابات بهدف التسقيط، وتشويه سمعة "تحالف الفتح" الانتخابي المقرب من "الحشد"، مبيناً، في تصريح صحافي، أن ذلك يأتي بعد اتهامات سابقة للمليشيات بسرقة ثلاجات وأبقار. ونفى الأنباء التي تحدثت عن قيام "الحشد الشعبي" بتهريب النفط العراقي إلى إيران عبر طوزخورماتو، مؤكداً أن آبار النفط شمال العراق تقع ضمن خطوط التماس مع الجانب الكردي، ولا دخل لـ"الحشد" بتلك الآبار وتأمينها. وكانت وسائل إعلام نقلت عن رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، حاكم الزاملي، قوله إن بعض الجهات تقوم بتهريب النفط من العراق إلى إيران عبر طوزخورماتو، موضحاً أن هذه الجهات محسوبة على الحكومة العراقية، وبعض قيادات "الحشد الشعبي". ولفت إلى أن هذه الجهات تستغل الوضع الأمني من أجل تحقيق غايات شخصية.



ولا يقتصر التوتر الأمني على بلدة طوزخورماتو، بل إن هناك مخاوف من احتمال تمدده إلى مناطق أخرى في محافظة صلاح الدين، مثل مدينة سامراء، التي قال رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إن لها وضعاً خاصاً ينبغي الانتباه له، مؤكداً، خلال كلمة أثناء زيارته المدينة، أن على القادة الأمنيين تفعيل الجهد الاستخباري من أجل منع العدو من تحقيق أي مكسب. وشدد على ضرورة التزام اليقظة والحذر من محاولات الإرهاب استغلال خصوصية المدينة ومكانتها الدينية، مبيناً أن الأمن دعامة أساسية لانطلاق عمليات البناء والإعمار. وطالب القوات العراقية بإدامة وتعزيز حالة الانسجام والتعاون مع المواطنين لمنع الأعداء من تحقيق أي مكسب  أو خرق، والحيلولة دون حصوله على أية نقطة ارتكاز. يشار إلى أن مدينة سامراء مثلت الشرارة التي انطلق منها الاقتتال الطائفي في العراق على خلفية تفجير مراقد دينية في العام 2006، تلا ذلك قيام مليشيات بمهاجمة أحياء في بغداد ومحافظات أخرى، نتج عنها صراع بين المكونات العراقية، أسفر عن مقتل وتغييب واعتقال آلاف العراقيين، لم يعرف مصير بعضهم حتى الآن.

وعلى الرغم من ترحيب البعض بها، إلا أن زيارات العبادي، واجتماعه مع قيادات عسكرية، وسيطرته على القرارات الأمنية لا تروق لبرلمانيين اعتبروا ذلك محاولات للهيمنة. وعد عضو البرلمان والمرشح إلى الانتخابات عن "تحالف الفتح"، عامر الفايز، في تصريح صحافي، وضع العبادي إمكانات الجهد الهندسي لـ"الحشد الشعبي" تحت تصرفه بمثابة مصادرة لجهود المليشيا من أجل تحقيق حسابات انتخابية. ودعا الزعيم القبلي، ريكان الجبوري، إلى أخذ الخروقات الأمنية التي تتعرض لها مناطق مختلفة من محافظة صلاح الدين على محمل الجد، مؤكداً، لـ"العربي الجديد"، أن تنظيم "داعش" بدأ يضرب بقوة، لا سيما مع اختطافه عناصر في الشرطة الاتحادية، وإعدامهم بوضح النهار وأمام الكاميرات كما حدث الشهر الماضي. ولفت إلى أن الصراع الذي بدأ سياسياً في مدن وبلدات صلاح الدين بلغ ذروته ونتج عنه تدهور أمني سمح للإرهابيين بالتسلل والضرب بقوة.