تركيا تطبق حصار عفرين... والنظام يهجّر حي القدم

تركيا تطبق حصار عفرين... والنظام يهجّر حي القدم

11 مارس 2018
قوات من "الحرّ" على تخوم عفرين (عمر علون/الأناضول)
+ الخط -
تسارعت وتيرة الحرب التركية باسم "غصن الزيتون" ضد المقاتلين الأكراد في منطقة عفرين، في ريف حلب، على مختلف المحاور، في ظلّ سيطرة الجيش التركي والجيش السوري الحر، أمس السبت، على أكثر من عشر قرى في منطقة عفرين، وباتت قواتهما على مشارف مركز المدينة من الجهتين الشرقية والشمالية، حيث المعقل الأبرز لـ "وحدات حماية الشعب" الكردية، وسط انهيارات في صفوف المقاتلين الأكراد بالرغم من التعزيزات التي وصلتهم أخيرا من شرقي البلاد.

وقد سيطرت فصائل المعارضة السورية المنضوية في عملية "غصن الزيتون" على 11 قرية في محاور مختلفة بمنطقة عفرين بريف حلب الشمالي وهي قريتا هوران والطفلة على محور ناحية بلبل، شمال غربي عفرين، وقريتا زلاقة وكعك كورك، اضافة إلى قرية كفر زيتا ومعسكرها على محور جنديرس غرب عفرين، وباتت على بعد 10 كيلومترات عن مركز مدينة عفرين على هذا المحور.

كما سيطرت تلك القوات على قرى قولاق صغير، وقورت قولاق كبير وكفر رم والخالدية على محور ناحية شران، شمال شرقي عفرين، فباتت على بعد نحو 1.5 كيلومتر من مركز مدينة عفرين. وسيطرت فصائل الحرّ يوم الجمعة الماضي، على ثماني قرى في منطقة عفرين، أهمها قريتا مريمين وأناب، المعقل الأساسي لـ "جيش الثوار" التابع لـ "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، مقتربة بذلك من المدخل الشرقي لمدينة عفرين.
وقد سرّعت فصائل المعارضة من وتيرة عملياتها وأحرزت تقدماً كبيراً في الأسبوعين الأخيرين، وسيطرت خلالهما على ثلاث نواحٍ كُبرى وأكثر من عشرين قرية وبلدة.

وقال المتحدث باسم "الجيش الوطني السوري"، الذي يضم فصائل الجيش الحر المشاركة في العملية، محمد حمادين في تصريح صحافي، إن "الفصائل باتت على مشارف مركز عفرين، وبات مركز المدينة يُرى بالعين المجردة، وبقيت قرية واحدة للدخول إليه وهي قيباز"، مؤكداً أن "العمل العسكري سيستكمل على أكثر من محور".

وعملت فصائل "الجيش الحر" على تطويق مركز عفرين من الجهتين الشمالية والشرقية، من خلال السير في محورين. وبحسب حمادين تقدمت الفصائل على محور سد ميدانكي باتجاه مركز عفرين، وسيطرت في هذا السياق على قرى عدة في محيطها وأصبحت على مشارف بلدة مشعلة، البعيدة عن المركز خمسة كيلومترات. وأضاف حمادين أنه "لم يتبق أمام الجيش الحر أي قرى على محور ميدانكي باتجاه المركز"، لافتاً إلى أن "فتح المحور المذكور يأتي لتوسيع الطوق من الجهة الشرقية والشمالية".

وحول الصعوبات التي اعترضت القوات المتقدمة في عملية "غصن الزيتون"، قال حمادين إن "معظم الصعوبات تم تجاوزها بعد كسر خطوط الدفاع الأولى والثانية في المنطقة، التي كانت محصنة بشكل كبير. وتواجهنا اليوم صعوبات الألغام، حيث هناك تلغيم كبير من قبل الوحدات للبيوت والقرى التي ندخلها، ونتجاوزها بفرق الهندسة المجهزة والمدربة على تفكيك الألغام".

وأشار المتحدث الرسمي إلى "التقدم المتسارع لقوات غصن الزيتون"، قائلاً: "نحن نخوض معارك في السهول، وهي مختلفة عن معارك الجبال، ونعلم أن معنوياتهم منهارة، وهم مفككون من الداخل. كل القوات التي كانت تدّعي التنظيم كانت عبارة عن فقاعة، وانهارت أمام ضربات الجيش الوطني المدعومة جوياً من قبل الجيش التركي".

ورأى مراقبون أن "وحدات الحماية الكردية تشهد انهياراً سريعاً في دفاعاتها بسبب الضربات التي يوجهها لها سلاح الجو التركي وفقدانها طرق المواصلات، وانهيار معنويات مقاتليها مع تضييق الخناق عليهم أكثر وفقدانهم لمعظم النواحي ومراكز الثقل السكاني في المنطقة، ولم يتبق بيد الوحدات الكردية سوى ناحية واحدة هي المعبطلي، إضافة إلى مركز مدينة عفرين، وما تبقى قرى صغيرة يصعب الدفاع عنها".

وقال مصدر عسكري من "الجيش السوري الحر" لـ"العربي الجديد"، إن "الجيش السوري الحر يسعى إلى رصد طريق الإمداد الوحيد لعفرين نارياً أو التقدم نحوه برياً بهدف قطعه، وهو الذي يصل عفرين ببلدتي نبل والزهراء الخاضعتين لسيطرة المليشيات الإيرانية ويمر من خلالهما إلى مناطق سيطرة النظام السوري في حلب".


من جهته، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان في تصريحات له أمس، إن "الجيش التركي والجيش السوري الحر فرضا حصاراً على مدينة عفرين، وسيدخلانها في وقت قريب"، مشيراً إلى أن "أكثر من 850 كيلومتراً مربعاً باتت منطقة آمنة بفضل عملية غصن الزيتون". وأكد أن "القوات التركية لا تستهدف السيطرة على الأراضي وأنها ستسلم المدينة إلى أهلها بعد نهاية العمليات العسكرية".

وكان وزير الدفاع التركي، نور الدين جانيكلي، قال يوم الأربعاء الماضي، إن "الفترة المقبلة ستشهد تسارعاً في عمليات غصن الزيتون، وسيتم الوصول إلى نتائج أكثر إيجابية"، مشيراً إلى أن "العملية تجري وفق الخطة المرسومة لها مسبقاً، من دون أية عراقيل". وذكرت "الوحدات الكردية" أن "مركز مدينة عفرين تعرّض للقصف بالسلاح الثقيل بينما دارت اشتباكات عنيفة على محور كفرجنة وقرية معراسكة شمال شرقي عفرين".


إلى ذلك، قتل قيادي عسكري بارز في "الجيش الحر" خلال المعارك الدائرة في عفرين، وهو قائد "الفيلق الأول" في "الجيش الوطني"، الملازم وائل الموسى، وذلك خلال المواجهات مع الوحدات الكردية في ريف منطقة عفرين. والموسى من القادة البارزين في الجيش الحر، وكان ضمن المشاركين في السيطرة على ناحية جنديرس غربي عفرين، وهو متحدر من محافظة إدلب، وشغل سابقاً القائد العام لفصيل "لواء سمرقند" الذي أعلن عن تشكيله في يونيو/حزيران 2016.

وينقسم "الجيش الوطني" الذي أعلن عن تشكيله أخيراً شمالي حلب إلى ثلاثة فيالق، بقيادة فهيم عيسى القائد العسكري لـ"السلطان مراد" سابقاً، ومهند الخلف قائد الفيلق الثالث، إضافة إلى وائل الموسى قائد الفيلق الأول.
وذكرت تركيا أنه "تمّ منذ بدء عملية عفرين في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، السيطرة على 164 نقطة على مساحة 815 كيلومتراً مربّعاً، إضافة إلى تحييد 3171 من مقاتلي الوحدات الكردية".

في جنوب البلاد، كشفت مصادر محلية في حي القدم بدمشق أن "فصائل الجيش السوري الحر وهيئة تحرير الشام وافقت على الخروج من الحي نحو إدلب بعد تهديدهم من قوات النظام السوري". وأوضحت المصادر أن "قوات النظام خيرتهم ما بين مواجهة مصير الغوطة الشرقية أو الخروج نحو إدلب"، مشيرة إلى أن "الفصائل اختارت الحفاظ على أرواح المدنيين والخروج من الحي، وأن الخروج سيكون خلال 48 ساعة بوجود منظمة الهلال الأحمر".

ويوجد في حي القدم فصيلا "الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام"، و"لواء مجاهدي الشام" التابعين للجيش الحر، إضافة إلى "هيئة تحرير الشام"، ولا يتجاوز عدد مقاتلي المعارضة في الحي 600 مقاتل. وسبق أن اتفق الجيش السوري الحر وفصائل إسلامية مع قوات النظام السوري في 23 سبتمبر/أيلول الماضي، على خروج من يرغب من الفصائل وأهالي حي القدم جنوبي دمشق، إلى إدلب ومدينة جرابلس في حلب. وفي شرق البلاد، قتل أكثر من 35 عنصراً من قوات النظام والمليشيات المساندة لها، بغارات لطيران التحالف الدولي على أطراف مدينة البوكمال ومدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي.