المجلس الأعلى للقضاء يواجه الانقسام والمصاعب بتونس

المجلس الأعلى للقضاء يواجه الانقسام والمصاعب بتونس

03 يناير 2017
خلافات كبيرة تهمّ إرساء المجلس (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -
يبدو مسار تركيز المجلس الأعلى للقضاء في تونس، أحد أهم المؤسسات الدستورية، شاقا وعسيرا، فالخلافات التي رافقت سن قانونه وانتخاب أعضائه لم تنته، بل تواصلت وبقوة إثر عقده لأول اجتماعاته الخميس الماضي وانتخابه الجمعة لرئيس ونائب مؤقت له.


ويحتد الصراع حاليا بين الهياكل المهنية للقضاة فيما بينها (نقابة القضاة وجمعية القضاة وبقية الهياكل). ففي الوقت الذي نددت فيه جمعية القضاة بأول جلسة له معتبرة أنها منافية للدستور، ردت النقابة بالتأكيد على أن المسار سليم دستوريا إلا في نظر "من لم ترق لهم نتائج انتخابات القضاة".

ووجهت جمعية القضاة التونسيين سهام نقدها لكامل خطوات التركيز، وصعدت هذا الأسبوع من وتيرة احتجاجاتها بعد قرار الدعوة لانعقاد أول جلسة له في الوقت الذي لم يستكمل فيه بعد أعضاؤه نتيجة الشغور الحاصل.

ونددت الجمعية بما اعتبرته خرقا للدستور وللقانون المنظم للمجلس الأعلى للقضاء، بعقد أولى جلسات المجلس في 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مبرزة أنه لا يجوز تركيزه وعقد أولى جلساته في ظل وجود شغور به لم يتم سده إلى غاية الآن. كما انتقدت الأصوات التي تدعم انتهاء مهام الهيئة الوقتية للقضاء العدلي التي أشرفت على القضاء منذ 2014. وحملت الجمعية المسؤولية كاملة لرئاسة الحكومة التي لم تعين بعد القضاة في الخطط الشاغرة بمحكمة التعقيب، حتى يستكمل بذلك المجلس تركيبته.

وشهدت أولى جلسات الهيكل الأهم في قطاع القضاء والذي يعد مكسبا دستوريا تونسيا، مقاطعة من قبل عدد من أعضائه احتجاجا على انعقاده دون اكتمال النصاب من جهة، وتعيين القاضي الهادي الزرمديني رئيسا مؤقتا له حيث لم يحض هذا القرار بالإجماع. إضافة إلى عدم توفر النصاب القانوني اللازم (ثلث الأعضاء حسب قانون إرساء المجلس) حيث لم يحضر الاجتماع إلا 21 عضوا فقط، فيما أعلن الأعضاء المقاطعون عدم تبنيهم لأي من قراراته أواعترافهم به، داعين الحكومة لسد الشغور في خطة رئيس محكمة التعقيب ووكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب والرئيس الأول لدائرة المحاسبات (المحكمة المالية).

واعتبر القاضي وعضو المجلس الأعلى للقضاء، رضوان الوراثي، في حديث لـ"العربي الجديد" أن قرار المقاطعة جاء ردا على محاولات الانحراف بهذا الهيكل وضرب مصداقيته وشرعيته وإضعافه بدعوته للانعقاد دون استكمال تركيبته وتركيزه خارج الأطر القانونية، لاسيما تلك التي يضعها الدستور التونسي وينص عليها صراحة، مبرزا أن الحلول موجودة غير أنه لا يتم اعتمادها من أجل إنهاء أزمة ستكون عواقبها وخيمة.

وأضاف الوراثي أنه في حال استمر عمل المجلس وعقد جلساته دون الاستماع لأصوات الأعضاء المقاطعين، سيكرس عدم شرعية قراراته وضعفها، مبينا أنه لتدارك الوضع، على الحكومة أن تسرع في إمضاء الترشيحات المتعلقة بالخطط الشاغرة في محكمة التعقيب حتى يتسنى انعقاده بنصاب قانوني.

وعقد القضاة المقاطعون أمس الاثنين ندوة صحفية، معلنين غياب الانسجام بين أعضاء المجلس ولاسيما خطورة التئامه دون نصاب قانوني ودون سداد الشغور الحاصل.

في المقابل، احتجت نقابة القضاة على ما اعتبرته تحركات تصعيدية ستضرب بدورها المؤسسة الدستورية القضائية التي ستسهر على ضمان استقلالية هذا المنصب. وأبرز رئيس النقابة، القاضي فيصل البوسليمي، في تصريح تلفزيوني أن النقابة حاولت إيجاد حلول للأزمة وفق القانون حيث يبيح التئام المجلس إثر دعوته من قبل رئيس الهيئة الوقتية للقضاء العدلي. ووصف البوسليمي مارافق الجلسة من تنديد واستنكار بالتشويش على المجلس الأعلى للقضاء.

دلالات