إدارة الرقة بعد "داعش" تؤخر معارك تحريرها

إدارة الرقة بعد "داعش" تؤخر معارك تحريرها

15 يوليو 2017
قوات سورية الديمقراطية في معارك الرقة (Getty)
+ الخط -
فجّر مصير مدينة الرقة السورية خلافاً جوهرياً بين فصيلين يدعمهما التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، هما "قوات سورية الديمقراطية"، المتهمة بمحاولة الهيمنة على الرقة لغايات انفصالية كردية، و"قوات النخبة السورية" العربية. مع ذلك أكدت مصادر مطلعة أن "هناك مساعي لتطويق الخلاف، قبل استفحاله أكثر، وهو ما يؤسس لصراع عربي كردي على إرث تنظيم داعش في شرقي سورية"، على وقع تراجع حدة العمليات العسكرية في الرقة معقل "داعش" في سورية. وساد الجمود في الجبهات كافة، مع عدم قدرة "قوات سورية الديمقراطية" على تحقيق اختراق حقيقي في شمال المدينة، مع فشل جهودها في السيطرة على مقرات الفرقة 17 التي كانت تتبع لجيش النظام قبل عام 2013. كما فشلت في التقدم أكثر في غربي المدينة، إثر السيطرة على حيي السباهية والرومانية. وكانت "قوات النخبة السورية" قد حققت تقدماً في المدينة القديمة، قبل أن يدب الخلاف بينها وبين "قوات سورية الديمقراطية"، منذ السبت الماضي، مع تراجع "قوات النخبة" عن مواقع متقدمة لها "تجنباً لحدوث فتنة بين العرب والأكراد"، وفق مصدر مطّلع مقرب من "قوات النخبة" طلب عدم ذكر اسمه، لأنه غير مخوّل بالحديث العلني.

وكشف المصدر أن "قيادة سورية الديمقراطية طلبت بشكل واضح من قوات النخبة الانسحاب من المعركة، والخروج من الرقة بشكل كامل"، مضيفاً أنهم "يريدون الهيمنة على مدينة الرقة بعد طرد تنظيم داعش منها، وهذا أمر بات واضحاً وجلياً"، مع أن مدينة الرقة من المدن العربية بشكل كامل، ولا وجود لثقل سكاني كردي تاريخياً فيها. وأشار إلى أن "قوات سورية الديمقراطية، لم تستطع تحقيق نتائج عسكرية مهمة منذ أن بدأت المعركة في السادس من يونيو/حزيران الماضي".

ونوّه المصدر إلى أن "قوات سورية الديمقراطية تريد تكرار سيناريو مدينة الموصل العراقية في الرقة، إثر فشلها في التقدم على الأرض"، مضيفاً أنهم "يريدون من طيران التحالف تحويل المدينة إلى ركام، قبل أن يزجوا بمقاتليهم في المعركة". وأوضح أن "هناك مفاوضات بين قوات النخبة السورية، وقوات سورية الديمقراطية للعودة الى المعركة"، مشيراً إلى أن "التحالف الدولي يحاول تقريب وجهات النظر بين الطرفين".



وأضاف المصدر أن "قوات سورية الديمقراطية لا تريد شراكة عربية حقيقية وجادة في مسألة تحرير الرقة"، مردفاً بأنهم "يضغطون على النخبة من أجل أن تكون تابعة لها مثلها مثل فصائل عربية أخرى تدور في فلكها". وشدّد على أن "قيادة النخبة ترفض هذا الأمر بالمطلق"، مضيفاً "نريد شراكة بين سوريين عرباً وكرداً من أجل مستقبل أفضل لسورية، ولا نريد الانجرار لمحاولات التأسيس لصراع عربي كردي في المنطقة".

ورفض قياديون في "قوات سورية الديمقراطية" التعليق على اتهامات بمحاولتها الهيمنة على المدينة، مشيرين إلى أن "مصير الرقة بعد تحريرها يحدده أبناؤها". ونفوا الأنباء التي تتحدث عن استبعاد "قوات النخبة السورية" من معركة تحرير الرقة. وكان تيار الغد السوري برئاسة رئيس الائتلاف الوطني السوري الأسبق أحمد الجربا، الذي تتبع له "قوات النخبة" أبرم مع الجانب الكردي في سورية اتفاقيات في القاهرة المصرية تنصّ على وحدة سورية. وفي هذا السياق، أكد مصدر لـ "العربي الجديد"، أن "قيادة النخبة تحاول تخفيف الاحتقان، فسكان الرقة، ودير الزور كلهم عرب، ومن يعتقد أنه قادر على فرض إرادته عليهم هو واهم"، في إشارة واضحة إلى "قوات سورية الديمقراطية".

وكانت قيادة "قوات سورية الديمقراطية" استبعدت لواء "ثوار الرقة" الذي يضم مئات المقاتلين المنتمين للرقة، من المعركة في مؤشر على تجذر الخلاف بين الطرفين. وذلك في ظلّ إصرار قيادة اللواء على حقها الدخول إلى الرقة وتحريرها، وإدارتها. من جانبه، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن "قوات سورية الديمقراطية" فرضت سيطرتها على نحو 50 في المائة من مساحة المدينة القديمة في الرقة، بعد التوغل داخلها على محاور متفرقة، لتوسع نطاق سيطرتها إلى ما يقرب من 35 في المائة من مساحة مدينة الرقة، إلا أن مصادر محلية أبلغت "العربي الجديد" بأن "النسبة مبالغ فيها"، مضيفة بأنه "لا يزال التنظيم يسيطر على نحو 80 في المائة من المدينة.
في غضون ذلك، ذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن "مدينة الرقة تكاد تتحول إلى أطلال مدينة، بعد نحو 40 يوماً من القصف الجوي والمدفعي المركز والمكثف"، لافتة إلى أن "ما يجري داخل المدينة كارثي وطائرات التحالف الدولي لا تغادر سماء المدينة. أعتقد أن ما جرى في الموصل يتكرر في الرقة".

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه "وثّق مقتل 233 مدنياً على الأقل في مدينة الرقة، منذ 5 يونيو/حزيران الماضي، وحتى فجر 12 يوليو/تموز الحالي"، مشيراً إلى أن "من ضمن المجموع العام للقتلى ما لا يقل عن 39 طفلاً دون سن الثامنة عشرة، و30 امرأة. وتسبب القصف الجوي بإصابة مئات المدنيين بجراح متفاوتة الخطورة، وبعضهم تعرض لبتر أطراف ولإعاقات دائمة، بينما لا يزال بعضهم بحالات خطرة".