أفغانستان ما بعد اتهام روسيا بدعم "طالبان"

أفغانستان ما بعد اتهام روسيا بدعم "طالبان"

04 نوفمبر 2017
أثناء توقيف عناصر من "طالبان" (فرانس برس)
+ الخط -
ملف "مكافحة الإرهاب" حضر بين روسيا وأفغانستان، بعد إعلان الرئاسة الأفغانية أخيراً عن أن "كابول وموسكو اتفقتا على العمل المشترك ضد الإرهاب، بهدف إحلال الأمن في المنطقة"، موضحة أن "الرئيس الأفغاني أشرف غني، اعتبر خلال لقائه بمستشار الأمن الروسي نيكولاي بتروشيف في كابول، أن التفريق بين المسلحين الجيدين والمسلحين غير الجيدين، سيدفع المنطقة صوب خطر أكبر، وأن العمل المشترك المنسق بين الدول هو الحل الوحيد لمواجهة خطر التنظيمات المسلحة". كذلك أعلن مكتب مستشار الرئيس الأفغاني للأمن القومي حنيف أتمر، أن "الدولتين اتفقتا على عمل منسق من خلال آلية شاملة وتعاون مشترك".

في هذا السياق، لوحظ في بيان مكتب مستشار الأمن القومي بوادر أمل في مستقبل أفضل في العلاقات بين موسكو وكابول، لا فقط في المجال العسكري بل كذلك في مجالات مختلفة، كمكافحة المخدرات والتجارة والاقتصاد ومساعدة موسكو لكابول بإرسال الخبراء في مجالات مختلفة. مع العلم أنه في بيان الرئاسة ثمة إشارات إلى أن كابول عبّرت عن شكوكها بأن "موسكو تساعد بعض المسلحين، لا سيما طالبان"، ولهذا السبب اعتبر الرئيس الأفغاني أن "التفريق بين المسلحين الجيدين وغير الجيدين سيدمر المنطقة بأسرها". والمصطلح نفسه استخدمته أفغانستان مراراً في حق باكستان بدعوى أن "الأخيرة تفرق بين المسلحين لأجل مصلحتها".

وما عزز اتهامات كابول ضد موسكو، هو تصريحات غني التي أتت قبل أيام من زيارة مستشار الأمن القومي الروسي لكابول، والتي صرح فيها خلال اجتماع قبلي، بأن "طالبان تأخذ المساعدة من دولة قتلت أكثر من مليون ونصف المليون من أبناء شعبنا"، في إشارة واضحة إلى الروس، مشدّداً على أن "دول المنطقة عليها أن تعي أن تلك الجماعات تشكّل خطراً على أمنها ومستقبلها أيضاً، وليس فقط على مستقبل أفغانستان".

بدوره، اعتبر وزير الخارجية الباكستاني خواجه محمد آصف، أن "بلاده كان لها تأثير كبير على طالبان في ما مضى، ولكنها الآن وجدت ممولين لها في المنطقة غير باكستان وهي أقرب إليها حالياً"، كإيران وروسيا، موضحاً أن "طالبان لا تحتاج حالياً إلى باكستان ودعمها". ولكنه لم ينفِ في الوقت نفسه تواجد مسلحي وقيادات طالبان في باكستان.



كما طلب آصف من الولايات المتحدة إعادة النظر في استراتيجيتها الجديدة لجنوب آسيا، موضحاً أن "في تلك الاستراتيجية تركيز كامل على أفغانستان، وأنها ليست شاملة"، معتبراً أن "فشل القوات الأميركية لا يمكن إخفاؤه بتهديد دول المنطقة، أو امتداد الحرب إليها". وأضاف أن "القوات الأميركية فشلت في الوصول إلى أهدافها في أفغانستان، لأن التركيز كان على الخيار المسلح بدلاً من اللجوء إلى الحوار البناء".

في الوقت نفسه، أقلقت الاستراتيجية باكستان، وهي إن كانت في العلن تحدثت عن فشل القوات الأميركية، حسبما لمّح آصف، إلا أنها على الأرض درست الخيارات الموجودة، وأبرزها "كيفية معاملة طالبان وشبكة حقاني، إذا ضاقت عليها السبل وزادت عليها الضغوطات الأميركية، أو ازداد خطر الهجمات الأميركية داخل الأراضي الباكستانية". وما أكد ذلك هو أوضاع مسلحي طالبان وشبكة حقاني داخل باكستان، الذين باتوا في غاية الضيق والصعوبة بعد الإعلان عن الاستراتيجية الأميركية الجديدة.

في هذا الإطار، قال أحد المقرّبين من طالبان، لـ"العربي الجديد"، إن "الأوضاع في باكستان من أصعب ما يكون، فقيادات الحركة تخشى على نفسها في كل لحظة، وهي لا تخبر حتى الباكستانيين المقربين منهم بمساكنهم، لأن هناك خشية من أن تتعامل إسلام أباد مع واشنطن على غرار ما فعلته في عام 2001".



من أجل ذلك وخشية الوقوع في الفخ، توجه قياديون كثر في طالبان صوب أفغانستان، وتصالحوا مع الحكومة عبر الزعامة القبلية، وفقاً لما كشف عنه قبل أيام مسؤول أمن قندهار، الجنرال عبد الرازق. كما ظهر أمام الإعلام قيادي في شرق أفغانستان، وهو سميع الله ملنك يار، ومعه عشرات المسلحين، مؤكداً أمام وسائل الإعلام أنه "جاء بعد أن تعب من الحرب"، إلا أن مصادر قبلية أكدت أنها "باتت في وضع غير آمن في باكستان الآن".

كذلك تحدثت وسائل إعلام أفغانية حول الخلافات بين شبكة حقاني وجهاز الاستخبارات الباكستاني، بسبب إفراج السلطات الباكستانية عن الكندي جوشوا بويل وزوجته كايتلان كولمان، في 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إثر مداهمة منزل في وزيرستان، وكانا في قبضة شبكة حقاني الموالية لطالبان. مع العلم أن الحركة كانت تسعى للإفراج عن عناصرها في مقابل الإفراج عن الأجنبيين.

كما بات الحديث في أفغانستان عن وصول إمدادات جديدة لطالبان من روسيا، خصوصاً الدعم المالي، علماً أن وسائل إعلام غربية كشفت أخيراً عن دعم مالي من موسكو لطالبان من خلال تجارة الوقود في دول آسيا الوسطى. وبلغ حجم تلك المساعدة مليونين ونصف المليون دولار شهرياً.

ونظراً للاستراتيجية الأميركية وشموليتها، كما أشار وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، فإن "الاستراتيجية الأميركية تتطلّب فترة طويلة، لكونها تشمل كل دول المنطقة وليس أفغانستان" فحسب. وهو ما تخشاه موسكو، لأن القضاء على طالبان، بالنسبة لها، يعزّز قوة "داعش".

وفي حال ضعفت طالبان أو تصالحت مع كابول، حينها ليس أمام موسكو سوى التعاون مع الحكومة الأفغانية لأجل مواجهة "داعش"، وهذا ما ترغب فيه كابول، وطلبت ذلك مراراً على لسان أكثر من مسؤول فيها، ومنهم المتحدث باسم وزارة الدفاع الجنرال دولت وزيري.