مناورات للمعارضة التركية لإزاحة "العدالة والتنمية"

مناورات للمعارضة التركية لإزاحة "العدالة والتنمية"

16 يونيو 2015
يحاول أردوغان لعب دور مهم في التقارب بين الأحزاب(الأناضول)
+ الخط -
عقدت الحكومة التركية، أمس الاثنين، أول اجتماع لها بعد الانتخابات التشريعية في 7 يونيو/حزيران الجاري، فيما لا يزال أمر تشكيل الحكومة الائتلافية التركية والخيارات المتاحة لذلك، الشغل الشاغل للوسط السياسي التركي.

وفي ظلّ الارتباك الواضح الذي بدت عليه مختلف أحزاب المعارضة التركية بعد أكثر من 12 عاماً من الابتعاد عن السلطة، كان موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هادئاً تماماً فيما يخص تشكيل الحكومة، وكأنه يسعى لتأدية دور مهم في التقارب بين مختلف الأحزاب المتواجدة في البرلمان، لتسريع عملية تشكيل الحكومة.

وقد أكّد أردوغان للصحافيين الذين رافقوه في زيارته إلى العاصمة الأذرية، باكو، أنّه سيعمل على اللقاء مع زعامات الأحزاب الأربعة المتواجدة في البرلمان، قبل تكليف أحدهم في تشكيل الحكومة، قائلاً: "قبل أن أكلف أحدهم بتشكيل الحكومة، لدي برنامج للقاء مختلف الزعامات الحزبية كلٌّ على حدة. سأنظر إلى برنامجي، ومن الممكن أن تبدأ هذه اللقاءات حتى قبل أن يؤدي البرلمانيون اليمين الدستوري، لذلك أعتقد بأنه من الممكن توجيه الدعوات الأسبوع المقبل"، مضيفاً: "أعتقد أنّ أداء اليمين الدستوري سيكون بين 24 و25 من الشهر الحالي. وبعد أن يتم انتخاب رئاسة ديوان البرلمان، سأقوم بتكليف رئاسة الحزب الذي حصل على أكبر نسبة من الأصوات بتكليف الحكومة. فإن لم يستطع تشكيل الحكومة، سأقوم بتكليف الحزب الذي حصل على المرتبة الثانية، ومن المعروف أن هذه المرحلة ستأخذ 45 يوماً. إن صندوق الاقتراع أعطى إشارة واضحة للحكومة الائتلافية، ولم يسمح لأي حزب بأن يشكل الحكومة وحده".

اقرأ أيضاً: أردوغان يدعو لحكومة ائتلافية

لم تمض ساعات على هذا التصريح، حتى أبدى زعيم حزب "الحركة القومية"(يميني متطرف)، دولت بهجلي رد فعل قوياً على دعوة الرئيس التركي للقاء بقيادات الأحزاب الأربعة المتواجدة في البرلمان، قائلاً: "إن اللقاء بقيادات الأحزاب التركية ليس أمراً من اختصاص رئاسة الجمهورية. لن نلتقي إلا بمن سيكلّفه رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة".

بدوره، اعتبر زعيم "الشعب الجمهوري" كمال كلجدار أوغلو في مؤتمر صحافي، بعد اجتماع الحزب، أمس الاثنين، أنّ "مهمة تشكيل الحكومة الجديدة يجب أن تتولاه أحزاب المعارضة التي حصلت مجتمعة على الأغلبية في الانتخابات التشريعية، قائلاً: "من غير المقبول أن يكون الرئيس رجب طيب أردوغان طرفاً سياسياً رئيسياً أثناء المحادثات الخاصة بتشكيل حكومة ائتلافية، ويجب أن يلتزم بالحدود التي ينص عليها الدستور".

وعلى الرغم من ردّ كلجدار أوغلو، يبدو "الشعب الجمهوري" راغباً بالعودة بشدة إلى الحكم، وذلك لأنّه يحاول أن يقدم شيئاً عبر الحكومة لاستعادة شعبيته، وهو المهدد بأن يخسر المزيد من الأصوات، أي حوالي 5 في المائة أخرى في حال بقي في المعارضة، لصالح "الشعوب الديمقراطي، وبالتالي البقاء "على عظم" الطبقة الكمالية القومية ممن يطلق عليه "الأتراك البيض".

وبينما تستمر المحادثات غير الرسمية بين مسؤولين في "العدالة والتنمية" و"الشعب الجمهوري" لتشكيل الحكومة، يحاول الأخير البحث عن خيارات أخرى لتلافي الأصوات المعارضة في الحزب لمثل هكذا ائتلاف خوفاً من خسارته لمصداقيته، وهو الذي أقام حملته الانتخابية كلها على مهاجمة "العدالة والتنمية" واتهامه بالفساد، ليبدو عالقاً بين مطرقة "الحركة القومية" وسندان "الشعوب الديمقراطي". فالأخير لن يساند حكومة أقليّة بين "الحركة القوميّة"
و"الشعب الجمهوري"، لا يعترف بعملية السلام. كما أن "الحركة القومية" لن يقبل بالدخول في حكومة ائتلافية مع "الشعوب الديمقراطي"، ولن يساند حكومة أقلية بين "الشعب الجمهوري" و"الشعوب الديمقراطي"، الأمر الذي أكده بهجلي عندما أعلن، يوم الأحد، أنّه سيرفض ولن يسمح بتمرير حكومة أقلية بين "الشعب الجمهوري" (132 مقعداً) و"الشعوب الديمقراطي" (80 مقعداً)، قائلاً: "تقاربنا مع "الشعوب الديمقراطي" أمر غير ممكن على الإطلاق. إن "الحركة القومية" لن يسقط بذلك الفخ نفسه الذي يريد أن يسقط به "الشعب الجمهوري"، وهو الاستمرار بعملية أوسلو"، في إشارة إلى عملية السلام مع "العمال الكردستاني" التي يعارضها "الحركة القومية" جملة وتفصيلاً، ويدعو إلى إيقافها. الأمر الذي أثار رد فعل كبيراً من "الشعب الجمهوري"، أصدر على أثره بياناً دان فيه ما أطلق عليه "عدم الإحساس بالمسؤولية" تجاه الأمة والدولة التي يجب أن يتم العمل على "إعادة ترميمها" بعد أكثر من 12 عاماً على حكم "العدالة والتنمية" بكل ما رافقه، بحسب البيان، من "سرقات وفساد".

اقرأ أيضاً: أسهم الحكومة الائتلافية ترتفع

في غضون ذلك، بدأت التحديات تواجه "الشعوب الديمقراطي" في إدارة هذا التحالف الواسع الذي بات يشكله، إذ عقد الحزب يوم الخميس الماضي اجتماعاً تم خلاله توجيه إنذارات واضحة لاثنين من نواب الحزب، وهما النائب عن ولاية موش، بورجو جليك، (عمال كردستاني) والنائب عن دياربكر، ألتان تان ( إسلامي كردي).



قامت النائب جليك (ابنة القيادي في "العمال الكردستاني" قدري جليك) بتوجيه تهديدات لقوات حماة القرى (التشكيل الذي أنشأه الجيش التركي لمحاربة "العمال الكردستاني" في الثمانينيات ونجح "الشعوب الديمقراطي" في إجراء بعض المصالحات معه)، قائلة: "سننظف البلاد منكم". أمّا النائب تان، وفي إطار انتقاده لزعيم "الشعب الجمهوري" كمال كلجدار أوغلو (علوي بكداشي)، بأنه لم يخاطب القاعدة الشعبية، وجه كلاماً أزعج القيادات العلوية في الحزب، عندما قال: "لم يقل كلجدار أوغلو، حتى بأنّه مسلم". يأتي كل ذلك، في الوقت الذي بدا فيه "الشعوب الديمقراطي" غير قادر على تهدئة خطاب الحملة الانتخابية المعادي لـ"العدالة والتنمية"، وذلك لأسباب عديدة، أهمها أنّه يعتبر التكتل المكوّن من مجموعات تعتبر "الأكثر حقداً على سياسات العدالة والتنمية".

اقرأ أيضاً: هل يتكرّر السيناريو التونسي بتركيا؟

المساهمون