النظام يخطّط للتوغل في عمق إدلب... وتركيا تستقدم تعزيزات

النظام يخطّط للتوغل في عمق إدلب... وتركيا تستقدم تعزيزات جديدة

13 فبراير 2020
أصدرت الأمم المتحدة إحصائية جديدة للقتلى المدنيين (فرانس برس)
+ الخط -
مع تكثيف التحركات والتصريحات السياسية والاتهامات المتبادلة بين روسيا وتركيا، تشهد ساحات المعارك في شمال غرب سورية، تراجعاً نسبياً، خصوصاً مع تواصل غياب حركة الطيران الحربي التابع للنظام السوري منذ حادثة إسقاط إحدى مروحياته في ريف إدلب الثلاثاء، وهو غياب قد يكون ساهم فيه أيضاً تردي الأحوال الجوية في المنطقة.
وعلى الرغم من هذا الهدوء النسبي، فقد حققت قوات النظام تقدماً جديداً غرب حلب، وسيطرت على منطقتي ريف المهندسين الأول وكفر جوم، في إطار سعيها لتأمين طريق دمشق - حلب الدولي "أم 5".
وذكرت وكالة "سانا" التابعة للنظام، اليوم الخميس، أنّ "وحدات الجيش العاملة ما بين الحدود الإدارية لمحافظتي حلب وإدلب، سيطرت، أمس الأربعاء، على قريتي عرادة والشيخ علي بين الطريق الدولية دمشق - حلب غرباً، وطريق إدلب - حلب القديم، وذلك بعد اشتباكات ضارية بمؤازرة المدفعية والطيران الحربي".
ونقلت صحيفة "الوطن" المقرّبة من النظام، عن مصدر عسكري قوله إنه "بعد السيطرة على طريق دمشق - حلب الدولية، وبعد توسيع مسافة الأمان غرب الطريق، من المتوقع أن تتجه قوات الجيش للسيطرة على الطريق الثاني الموازي بالأهمية العسكرية، وهو الطريق القديم إدلب - حلب أو ما يُسمّى "الطريق 60"، والممتد من مدينة حلب شمالاً، نزولاً إلى خان العسل، إلى الشيخ علي، ثم كفرحلب مزناز، فمعرة النعسان، تفتناز، طعوم، بنش، وقلب مدينة إدلب".
وتابع المصدر قوله إنه "إضافة إلى ذلك، فإن الطريق الآخر المهم أيضاً هو طريق حلب - اللاذقية والمعروف بـ"أم 4"، والذي تتطلب مسافات الأمان على جوانبه السيطرة على أغلب قرى محافظة إدلب الجنوبية، لتصبح مدينة إدلب محاصرة تماماً، وعند ذلك يتقرّر وضعها بالكامل حسب المعطيات، سواء تتم استعادتها بعملية عسكرية أو باتفاق"، بحسب الصحيفة.
من جهته، أشار "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، إلى وصول تعزيزات عسكرية لقوات النظام إلى ريفي إدلب وحلب، حيث وصلت آليات عسكرية ودبابات إلى مشارف حي الراشدين، وحلب الجديدة، وشرق طريق "أم 5" الدولي، كما وصلت تعزيزات مماثلة إلى منطقة ريف إدلب الجنوبي.


واعتبرت وزارة الدفاع الروسية أن ما سمّته "نجاحات الجيش السوري في إدلب، سمحت بإنشاء منطقة آمنة هناك تنص عليها مذكرة سوتشي، بعد أن فشلت تركيا في تنفيذ هذه المهمة".
ونقل موقع "روسيا اليوم" عن مدير مركز حميميم التابع لوزارة الدفاع الروسية، اللواء يوري بورينكوف، قوله، مساء أمس الأربعاء، إنّ عملية قوات النظام "حملت طابعاً اضطرارياً، ويعود سببها إلى فشل الجانب التركي في تنفيذ البنود ذات الصلة في مذكرة سوتشي، حول إقامة المنطقة منزوعة السلاح على طول حدود منطقة إدلب لخفض التصعيد"، على حدّ تعبيره.

أنقرة: لإرغام الأطراف على الالتزام بالهدنة

في المقابل، استقدمت تركيا المزيد من التعزيزات العسكرية إلى سورية، حيث دخل رتل عسكري تركي، مساء أمس، من معبر كفرلوسين، مكوّن من نحو 150 آلية تحمل معدات عسكرية ودبابات ومدفعية ذاتية الحركة، وذلك بعد ساعات من وصول قوات خاصة تركية إلى محافظة إدلب، بحسب ما أفاد به مراسل "العربي الجديد".

وفي هذا السياق، أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، اليوم الخميس، على أنّ بلاده ستتخذ كافة التدابير اللازمة لإرغام الأطراف غير الممتثلة لوقف إطلاق النار في إدلب، على الالتزام به، بما في ذلك "الجماعات الراديكالية".

وأوضح أكار، خلال تصريح للصحافيين، أنّ الجيش التركي يرسل وحدات عسكرية إضافية إلى إدلب "بهدف تحقيق وقف إطلاق النار وجعله مستداماً"، وأن أنقرة ستقوم بمراقبة المنطقة.   

وشدد، حسب ما نقلته وكالة "الأناضول"، على سعي بلاده لتحقيق الهدنة، ووقف إراقة الدماء، والحد من عمليات التهجير والنزوح، مضيفاً أنّ "نظام الأسد يواصل هجماته على المنطقة جوا وبرا، بالرغم من التوصل للهدنة 4 مرات".

وشدد على "ضرورة عدم صمت المجتمع الدولي أمام المأساة الإنسانية في إدلب"، مشيراً إلى أنّ "نقاط المراقبة التي حظيت بالتعزيزات، تواصل أداء دور فعال على الأرض، والهدف الرئيسي للتواجد التركي هناك، هو السعي لتحقيق وقف إطلاق النار واستمراريته".

وكانت وزارة الدفاع التركية، قد أعلنت، أمس الأربعاء، "تحييد" 55 عنصراً من قوات النظام. ونقلت وكالة "الأناضول" عن بيان للوزارة قوله: "علمنا من مصادر متنوعة في منطقة إدلب بأن عدد قوات النظام السوري الذين تم تحييدهم اليوم، وصل إلى 55 عنصراً".
كما بثت "الجبهة الوطنية للتحرير"، اليوم الخميس، شريطاً مصوراً يظهر مقتل وجرح عدة عناصر من قوات النظام، في استهداف عربة عسكرية مصفحة في ريف حلب الغربي.


وأمس الأربعاء، قال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، إنّ وفداً تركياً سيزور العاصمة الروسية موسكو، خلال الأيام المقبلة، لمواصلة المباحثات حول مستجدات الأوضاع في محافظة إدلب. ونقلت "الأناضول" عن الوزير التركي قوله إنه "في حال لم يتم التوصل إلى أية نتيجة خلال هذه المرحلة، فإن عزمنا وموقفنا واضح، وسنقوم بما يلزم".
وفي السياق نفسه، قال رئيس دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون، عبر تغريدات نشرها على حسابه في "تويتر" إن "نظام الأسد يستهدف المدنيين ويرتكب انتهاكات في المنطقة"، لافتاً إلى أن "المنطقة تتعرض لعملية تفريغ من سكانها، بهدف تسهيل السيطرة عليها، وتجميع اللاجئين على الحدود التركية، لكن لن نسمح بتدفق مئات الآلاف من المدنيين إلى حدودنا".
وتابع ألطون: "تركيا عاقدة العزم بنهاية فبراير/ شباط الجاري على إخراج النظام السوري بموجب اتفاق سوتشي، إلى خارج حدود نقاط المراقبة في إدلب، ومن أجل تحقيق ذلك، سنقوم بتعبئة قواتنا العسكرية الجوية والبرية". وأضاف: "لن نتسامح مع أي اعتداء، وكما أوضح رئيسنا السيد رجب طيب أردوغان، سوف نرد بقوة وحزم ضد أي من مضايقات النظام ضد قواتنا. من واجبنا الأخلاقي والإنساني دعم بقاء الشعب السوري على أرضه وحفظ كرامته".


تركيا تتغيّب عن الدورية المشتركة مع روسيا
من جهة أخرى، سيّرت الشرطة العسكرية الروسية، اليوم الخميس، دورية منفردة في ريف عين العرب/ كوباني بريف حلب الشمالي، بسبب عدم حضور العربات العسكرية التركية، حيث تمتنع تركيا منذ أيام عدة عن المشاركة في الدوريات المشتركة مع القوات الروسية، امتداداً كما يبدو، للتوترات بين الجانبين في إدلب.


إلى ذلك، أصدرت الأمم المتحدة إحصائية جديدة للقتلى المدنيين في منطقة خفض التصعيد شمالي سورية، جراء استمرار القصف والحملة العسكرية من قبل قوات النظام وروسيا عليها منذ إبريل/ نيسان 2019.
وأعلنت، في مؤتمر صحافي للمتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة استيفان دوجاريك، بالمقر الدائم للمنظمة الأممية في نيويورك، مساء أمس الأربعاء، مقتل 1710 مدنيين، بينهم 337 امرأة و503 أطفال، شمال غربي سورية خلال هذه الفترة.
وسجلت هذه الإحصائية زيادة في عدد الضحايا، بلغت قرابة 210 قتلى مدنيين، عن آخر إحصائية نشرتها الأمم المتحدة قبل نحو شهرين، حيث سجلت 1500 قتيل حينذاك.


قتلى من "الجيش الوطني" في اشتباكات مع "قسد"

على صعيد آخر، تواصلت الاشتباكات في ريف حلب الشمالي، شمالي سورية، وتل تمر في ريف الحسكة الشمالي الغربي، ما أسفر عن مقتل عدد من عناصر "الجيش الوطني" المدعوم من تركيا.

وقال مصدر من مجلس تل تمر العسكري لـ"العربي الجديد"، إن "الفصائل هاجمت قرى العريشة، والقاسمية، والداودية بريف تل تمر الشمالي، شمالي الحسكة، وتمكنت قواتنا من التصدي لها، وقتل 13 عنصراً من الفصائل وجرح عدد آخر".
وأضاف: "تمكن مجلس تل تمر العسكري من تدمير عربة عسكرية تحمل سلاح دوشكا، واستولى على كمية من الأسلحة بينها مناظير ليلية وقنابل"، من دون أن يشير الى الخسائر في صفوف مقاتلي المجلس.
وتشهد قرى ريفي تل تمر وزركان اشتباكات مستمرة بين "الجيش الوطني" و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أدت إلى نزوح عدد كبير من سكان القرى الواقعة على خطوط التماس إلى مدينتي الحسكة والقامشلي.
كما قُتل 3 عناصر من "الجيش الوطني" أثناء التصدي لتسلّل عناصر من "قسد" ليلة أمس الأربعاء، على محور قرية كفركلبين بريف حلب الشمالي.
واندلعت اشتباكات بين الجانبين بعد منتصف ليل الأربعاء – الخميس، تزامناً مع قصف المدفعية التركية مواقع انتشار "قسد" وقوات النظام في مطار منغ العسكري، ومحيط تل رفعت شمال حلب.

المساهمون