هجوم "ولاية سيناء" في ذكرى العملية الشاملة: التوقيت والرسالة

هجوم "ولاية سيناء" في ذكرى العملية الشاملة: التوقيت والرسالة

11 فبراير 2020
لم ينجح الجيش بالقضاء على الإرهاب (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لـ"داعش"، اختار توقيت تصعيد هجماته الإرهابية ضد قوات الأمن المصرية، لتتزامن مع الذكرى السنوية الثانية لبدء العملية العسكرية الشاملة "سيناء 2018"، التي أراد من خلالها النظام المصري القضاء على الإرهاب بشكل تام في محافظة شمال سيناء، في أعقاب مجزرة مسجد الروضة، في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2017، التي راح ضحيتها أكثر من 300 مواطن مصري. وفسّر معنيون بالشأن السيناوي تصعيد الهجمات بأنه محاولة للترويج لاستمرار قوة التنظيم العسكرية، وقدرته على استهداف قوات الأمن، وعلى التوسع الجغرافي في اتجاه الغرب، حيث مدينة بئر العبد، التي لطالما كانت بعيدة عن نطاق الحرب الدائرة بينه وبين قوات الأمن المصرية.

وأعلنت القوات المسلحة المصرية مقتل سبعة من عناصرها في هجوم مسلح على أحد الارتكازات الأمنية في محافظة شمال سيناء، مساء الأحد الماضي، مشيرة إلى تصدّي عناصر التأمين في الارتكاز لمجموعة مسلحة من العناصر "الإرهابيين"، ما أدى إلى مقتل عشرة أفراد من المهاجمين. وقال الجيش المصري، في بيان نشره المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية العقيد تامر الرفاعي، إن قوة الارتكاز الأمني تمكنت من تدمير عربة دفع رباعي يستخدمها العناصر المسلحون، مضيفاً أن "ضابطين قُتلا نتيجة تبادل إطلاق النيران، بالإضافة إلى خمسة عسكريين من رتب مختلفة"، مشدداً على "استمرار جهود القوات المسلحة والشرطة في القضاء على الإرهاب، واقتلاع جذوره".

وكانت مصادر قبلية وشهود عيان قد قالوا لـ"العربي الجديد" إن تنظيم "ولاية سيناء" هاجم كمين "زلزال" التابع للجيش المصري في منطقة الجورة جنوب مدينة الشيخ زويد شمال سيناء، ما أدى إلى مقتل وإصابة جميع أفراد الكمين. وأضافت المصادر أن المسلحين هاجموا الكمين من اتجاهات عدة، لافتة إلى أن قوات من الجيش هرعت إلى المكان، مدعومة بطيران حربي لوقف هجوم المسلحين المنتمين إلى "ولاية سيناء"، حيث أوقعت فيهم خسائر بشرية ومادية. ولم يكشف التنظيم تفاصيل الهجوم أو حجم الخسائر في صفوفه بعد.

من ناحية أخرى، كشفت مصادر طبية في مستشفى العريش العسكري، لـ"العربي الجديد"، أن خسائر الجيش المصري بلغت سبعة قتلى، ومثلهم مصابون، بينهم مصابون بجروح خطرة. وعن هوية القتلى والمصابين، أفادت المصادر بأن القتلى هم النقيب أحمد خالد صلاح، والملازم أول أحمد رضا أبو الفتوح، والجنود أحمد جمال عبده، وأشرف رفعت نعيم، ومحمد ممدوح عبد الحميد، وجمعة رضا جمعة، وربيع فتحي عبد العظيم، بالإضافة إلى المصابين، وهم المجندون سامح صادق صادق، ورامي جرجس، وكريم أشرف عبد العال، ومحمد ربيع عبد السلام، وسمير محمد شاهين، ومحمد حمزة، ومحمد رمضان بكري، وغالبيتهم من سكان الصعيد والشرقية.

الهجوم الأخير لتنظيم "ولاية سيناء" جاء في ذكرى العملية العسكرية الشاملة، واضطر المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية إلى إعلان تفاصيل الخسائر البشرية التي نتجت منه، على الرغم من أنه توقف عن نشر ذلك منذ أشهر طويلة، إلا في بعض الهجمات الدموية. كذلك جاء الهجوم في منطقة خالية تماماً من السكان الذين جرى تهجيرهم على مدار السنوات الماضية. وجاء الهجوم بعد أيام قليلة من زيارة رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الفريق محمد فريد لمحافظة شمال سيناء، حيث تفقد الوضع الأمني فيها، إثر سلسلة واسعة من الضربات التي تعرضت لها قوات الأمن في مناطق سيناء كافة، شملت تفجير خط الغاز بمدينة بئر العبد، بعد هدوء نسبي ساد المنطقة لعدة أسابيع.

وتعقيباً على ذلك، رأى باحث في شؤون سيناء، طلب عدم ذكر اسمه، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "ولاية سيناء" أكد، في هجماته الأخيرة، أن العملية العسكرية لم تنجح حتى الآن في تحقيق هدفها الرئيس بالقضاء على الإرهاب المتمثل بالتنظيم، في ظل أن الأخير بإمكانه الضرب في كل الأماكن، من دون تمكن الجيش المصري من وقف هذه الهجمات بشكل تام، على الرغم من القوة النارية الكبيرة التي استخدمها على مدار عامي العملية العسكرية الشاملة التي بدأت في فبراير/ شباط 2018. كذلك فإن التنظيم أتبع زيارة فريد بهذا الهجوم الدموي، الذي أدى إلى مقتل وإصابة 14 عسكرياً، ليضاف إلى سلسلة الهجمات الدموية التي وقعت في الفترة الأخيرة، وأودت بحياة عشرات الضباط والمجندين، بالإضافة إلى استهداف خط الغاز بعد أكثر من أربعة أعوام على توقف الهجمات عليه.

وأضاف الباحث أن "توقيت الهجوم كان حرجاً للغاية بالنسبة إلى النظام المصري، ما دفع المتحدث باسم القوات المسلحة إلى التحدث عنه، وهي سابقة لم تحدث منذ أشهر، ولا تحدث إلا في الهجمات الكبرى، أو التي تأتي في توقيتات حساسة بالنسبة إلى النظام والجيش المصري. وبالتالي استطاع التنظيم ضرب الجيش المصري ميدانياً وإعلامياً، وخدش صورة نجاح العملية العسكرية الشاملة التي حشد من أجلها الجيش المصري قوة عسكرية هائلة، وصفها الرئيس (عبد الفتاح السيسي) بالقوة الغاشمة، التي في نهاية المطاف لم تستطع تحقيق الهدف المطلوب منها. فيما استطاعت تهجير آلاف السكان وإدخال سكان المحافظة في حلقة من حلقات الحصار التي لم تعرفها المحافظة من قبل، بالإضافة إلى هدم مئات المنازل على مدار العامين الماضيين، حتى أضحت رفح مدينة أشباح، تستمر فيها الهجمات حتى يومنا هذا".