دوائر السيسي تستعد لاحتمال طلب تحقيق دولي بوفاة مرسي

دوائر السيسي تستعد لاحتمال طلب تحقيق دولي بوفاة مرسي

22 يونيو 2019
تظاهرات استنكار في النمسا بعد وفاة مرسي (أسكين كياغان/الأناضول)
+ الخط -



كشفت مصادر مصرية رسمية وجود مخاوف لدى دوائر صنع القرار الحكومية إزاء المطالب المتكررة من أطراف خارجية، بشأن إجراء تحقيق دولي شفّاف في ملابسات وفاة رئيس البلاد الراحل محمد مرسي، جراء الإهمال الطبي المتعمّد الذي عانى منه على مدى ست سنوات قضاها قيد الاعتقال، منذ تنفيذ الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي انقلاباً عسكرياً لعزله من منصبه في 3 يوليو/ تموز 2013. وفي السياق، أفادت المصادر في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "إعلان الخارجية المصرية رفضها التام لأي مطالبات بإجراء تحقيق دولي يشي بالخوف من كشف الأسباب الحقيقية التي أدت إلى وفاة مرسي"، مستطردة أن "ظروف احتجاز الرئيس الراحل قد تكون غير مقبولة على المستوى الدولي، خصوصاً مع ما يتداول بشأن منع الزيارات، وعدم تلقيه للرعاية الطبية اللازمة، أو السماح له بمطالعة الصحف، أو إدخال قلم وورقة لكتابة أفكاره".

وأضافت المصادر أن "الخارجية المصرية أصدرت بيانين رسميين لإعلان رفضها لأي مطالبات بإجراء تحقيقات أممية شفافة حول موت مرسي، باعتبار أن الوفاة طبيعية، ولا دخل لظروف الاحتجاز بها"، لافتة إلى أن "وزير الخارجية، سامح شكري، يبحث تداعيات الأزمة على المستوى الدولي مع السيسي، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل، حتى خلال وجودهم في جولة أوروبية، شملت بيلاروسيا ورومانيا".

بدورها، أشارت مصادر في مؤسسات قريبة من دائرة الحكم في مصر، إلى أن "جهات عدة تشمل الاستخبارات العامة، ووزارة الخارجية، والهيئة العامة للاستعلامات، وبعض خبراء القانون الدولي، طلبت منهم دائرة مقربة من السيسي تقدير موقف أولي، يتضمن توصيات محددة بشأن التعامل الخارجي مع المطالبات الدولية، التي لا تعتبرها مؤسسة الرئاسة خطيرة حتى الآن، وإعداد تصورات محددة للتعامل مع الموقف، في حال تصاعد هذه المطالبات". وأوضحت المصادر لـ"العربي الجديد"، أنه "باستثناء الموقف الألماني، والتخوف من موقف إيطالي قد يستغل الظروف الحالية في الضغط على النظام المصري بأكثر من ملف، في مقدمتها الأزمة الليبية وقضية قتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، فإن السيسي والدائرة القريبة منه، تتخوف لكنها لا تشعر بخطورة الموقف، تحديداً مع انشغال إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأجواء تدشين حملة ترشحه لانتخابات الرئاسة 2020".

وطالب المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، راينر برويل، في مؤتمر صحافي عقده في برلين، يوم الأربعاء، السلطات المصرية، بـ"تفسير سريع وكامل حول سبب وفاة مرسي"، مضيفاً أنه "يمكنني أن أقول إننا نشعر بالذهول لوفاة محمد مرسي، أول رئيس منتخب بحرية في مصر، ونعرب عن تعازينا لعائلته وأقاربه". من جانبها، دعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، يوم الثلاثاء، إلى "إجراء تحقيق مستقل في ظروف وفاة مرسي أثناء احتجازه، يتناول كل جوانب علاجه خلال فترة احتجازه"، مشيرة إلى أن "أي وفاة مفاجئة في السجن يجب أن يتبعها تحقيق سريع ونزيه وشامل وشفاف، تجريه هيئة مستقلة لتوضيح سبب الوفاة".


وقال المتحدث باسم المفوضية، روبرت كولفيل، إن "المخاوف بشأن ظروف احتجاز مرسي قد أثيرت، بما فيها إمكانية حصوله على الرعاية الطبية الكافية، والوصول إلى محاميه وعائلته، خلال فترة تصل إلى نحو ست سنوات في الحجز"، متابعاً: "يبدو أنه احتجز في الحبس الانفرادي لفترات طويلة، لذا يجب أن يشمل التحقيق جميع جوانب معاملته، للنظر في ما إذا كان لظروف احتجازه تأثير على وفاته".

وسارعت وزارة الخارجية المصرية إلى إدانة تصريحات مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، معتبرة أنها "تنطوي على محاولة تسييس حالة وفاة طبيعية بشكل متعمّد، ولا تليق البتة بمنظمة دولية كبيرة. كما أنها تضمنت إيحاءات للتشكيك في مؤسسات الدولة المصرية، ونزاهة القضاء، في محاولة مغرضة للنيل من التزام مصر بالمعايير الدولية". واتهم المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد حافظ، المتحدث باسم المفوضية الأممية بـ"عدم الإدراك"، و"الجهل التام بالحقائق"، مواصلاً "مصر تدرك أن هذا التصريح المسيس الفج، يساير تصريحات مسؤولين بدولة وكيانات تستغل الحدث لأغراض سياسية، وتتشدق باحترامها للديمقراطية وحقوق الإنسان، بغية تحقيق مآرب سياسية". وكان المحامي الفرنسي، جيل ديفير، قد قدم طلباً رسمياً إلى الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، مدعوماً بتوقيع تسع منظمات دولية، للمطالبة بالتحقيق في حادث وفاة مرسي، وإرسال خبراء إلى مصر لفحص التقارير الطبية المتعلقة بالرئيس الراحل لتحديد سبب الوفاة، لا سيما أنها لا تبدو طبيعية، في ضوء عدم تلقيه العناية الطبية طوال فترة سجنه.

وأثار موت مرسي خلال إحدى جلسات محاكمته، يوم الإثنين الماضي، تساؤلات عديدة حول احتمالات دفن رواية انقلاب عام 2013 إلى الأبد، خصوصاً أن السلطات المصرية عمدت إلى عزل الرئيس الراحل عن جميع السجناء منذ اعتقاله، وكذلك منعته من مقابلة أحد من المحامين في هيئة دفاعه، لضمان عدم حديثه عن كواليس ما جرى في الغرف المغلقة قبل وأثناء وقوع انقلاب الجيش عليه. ولم يُكشف النقاب بعد عن كثير من رواية الانقلاب، التي شهد تفاصيلها مرسي، وعاشها دقيقة بدقيقة أثناء احتجازه في مقر الحرس الجمهوري، خلال الفترة من 3 إلى 5 يوليو/ تموز 2013، ولم تخرج إلى النور حتى الآن، في ظل الحصار الذي فرض عليه طوال مدة احتجازه، سواء في سجن برج العرب بالإسكندرية، أو سجن طرة بالقاهرة، ومنعه من التواصل نهائياً مع العالم الخارجي حتى لحظة وفاته.