المغرب: هل ترث "الجبهة الاجتماعية" حركة 20 فبراير؟

المغرب: هل ترث "الجبهة الاجتماعية" حركة 20 فبراير؟

20 فبراير 2020
شهدت بعض الاحتجاجات صدامات مع القوى الأمنية (فرانس برس)
+ الخط -

تحلّ اليوم الخميس الذكرى التاسعة لانطلاق "حركة 20 فبراير"، التي قادت احتجاجات الربيع العربي في المغرب عام 2011، في ظل أسئلة عن قدرة "الجبهة الاجتماعية" التي تأسست أخيراً على حمل مشعل مطالب حركة أفل نجمها على مدى السنوات الماضية. قبل أيام من إحياء الذكرى التاسعة لانطلاق النسخة المغربية من "الربيع العربي"، كانت لافتةً دعوة أكثر من 30 جمعية إلى تنظيم مسيرات احتجاجية، اليوم في عدد من المدن المغربية، وذلك لـ"تأكيد استمرار المطالب الملحّة للحركة الاحتجاجية الشعبية"، التي انطلقت في 20 فبراير/ شباط 2011، مع خروج آلاف المغاربة إلى الشوارع، رافعين لافتات تطالب بالكرامة والعدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية، ومرددين شعارات تنادي بمحاسبة المفسدين ووقف استغلال النفوذ ونهب ثروات البلاد.

وبينما شملت المطالب السياسية لـ"حركة 20 فبراير"، آنذاك، الفصل بين الثروة والسلطة في المناصب الحكومية واستقلال القضاء وحرية الإعلام وإقامة ملكية برلمانية وإجراء انتخابات نزيهة ووضع دستور جديد، رفعت التنظيمات الـ 35 التي اتحدت في "الجبهة المغربية الاجتماعية" شعار "الدفاع عن الحقوق والحريات لأوسع شرائح الجماهير الشعبية، وفي عمقها القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وذلك بالمبادرة والانخراط ودعم كل الحركات النضالية التي تصبّ في مصلحة المطالب الحيوية للمغاربة". وفي الوقت الذي يراهن فيه داعمو "الجبهة الاجتماعية المغربية"، على أن يكون تحركها بذات القوة التي كانت عليها "حركة 20 فبراير" 2011، يتساءل المراقبون عمّا إذا كنا في ظل الوضع السياسي والاجتماعي الحالي أمام نسخة ثانية من الربيع المغربي.

في السياق، قال أحد مؤسسي النسخة المغربية من الربيع العربي، محمد علال الفجري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه يصعب اعتبار الجبهة وريثة للحركة، بفعل غياب أحد أبرز المحددين لهويتها في الاجتماع الموسع من أجل الديمقراطية، عبر مشاركة كل الشرائح والقوى والتعبيرات المجتمعية في خوض أصعب معركة وأشرسها، هي معركة إقرار النظام الديمقراطي. وبحسب الفجري: "لسنا أمام موجة ثانية من الحراك، بل بصدد حالة نضالية لمكونات يسارية ساهمت في نضالات حركة 20 فبراير من موقعها"، لافتاً إلى أن الجبهة الاجتماعية هي واجهة نضالية بنفَس يساري، مثل حركة كفاية المصرية مثلاً، وهي بذلك لا تعد وريثاً لحركة 20 فبراير، التي كانت بنفَس ليبرالي يضع مسألة الدمقرطة والعدالة الاجتماعية أولى أولوياته.



ورأى أنّ "من الصعب الإنكار أننا عدنا فعلاً إلى مرحلة ما قبل 2011، من خلال العمل على ترسيخ نمط معين من الحكم صنّفته إحدى المنظمات الدولية أنه نمط حكم هجين، يتداخل ما بين وثائق وقوانين قد تحمل نفَساً ديمقراطياً، وكذلك ممارسة ورغبات سلطوية". ولفت إلى أنه إذا كانت الحركة قد ماتت تنظيمياً، فإن أسباب وجودها لا تزال سائدة، بل وتنامت بشكل مستفز. وتابع: "ما دام النظام السياسي لم يحسم مع الخيار الديمقراطي الفعلي، فإنه مهدّد كل يوم ببروز حركات 20 فبراير جديدة قد تتخذ أسماءً أخرى محكومة بسياقاتها ورغبتها في النضال الجدي من أجل إقرار ديمقراطية حقيقية"، معتبراً أن "غياب دولة القانون بشكل رئيس وسطوة الفساد، وافتقاد المؤسسات لعنصر الكفاءة حتى على مستوى التدبير، وغياب العدالة الاجتماعية تشكل سبباً جوهرياً لمشروعية بروز حركة اجتماعية بمضمون سياسي".

بدوره، رأى رئيس اللجنة المركزية لشبيبة حزب العدالة والتنمية، حسن حمورو، في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أنْ "ليس هناك بديل لحركة 20 فبراير ولا وريث لها، لأنها كانت روحاً سرت في البلاد نتيجة أسباب داخلية وخارجية، وتعبيراً جماعياً عن رفض مسار سياسي لم تنجح نتائج الانتخابات ومواقف الأحزاب الوطنية الجادة في التعبير عنه بالشكل المطلوب". واعتبر حمورو أن أي تجمع أو تنسيق إذا كانت خلفياته بريئة، لن يكون سوى جرس إنذار إضافي أو لبنة إضافية في سياق التراكم الذي لا شك في أنه سيولد انفجاراً اجتماعياً إذا لم يجرِ التدارك بمبادرات جادة تعيد قطار الانفتاح السياسي والحقوقي إلى السكة الصحيحة، وتقطع مع التردد الذي طبع تفاعل الدولة مع حق المجتمع عليها".

وعلى الرغم من أن "حركة 20 فبراير" كانت قد ساهمت في إحداث هزة كبيرة في مشهد سياسي سمته البارزة، وقتها، الأزمة على كل الأصعدة، بميلاد دستور "الربيع العربي"، وإجراء انتخابات سابقة لأوانها مكّنت، لأول مرة في تاريخ المغرب، من صعود الإسلاميين إلى سدة الحكم، إلا أن اللافت على امتداد السنوات التسع الماضية كان تحوّل ذكراها إلى مناسبة تعود فيها الهيئات الحقوقية والمدنية والسياسية والنقابية للاحتجاج والمطالبة بمزيد من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، في إشارة إلى أن الأوضاع تكاد تشبه، إلى حد كبير، تلك التي دفعت في 20 فبراير 2011 آلاف المغاربة إلى الخروج إلى الشارع للتظاهر والاحتجاج.

وأضاف حمورو أن السياقات السياسية والاجتماعية التي أفرزت الحركة مختلفة عن السياق الحالي، وأن ما نعيشه من قلق ملحوظ لا يفيد بإمكانية انفجار احتجاجات سياسية على المستوى الوطني. وأشار إلى أنه "صحيح أن هناك احتقاناً اجتماعياً متزايداً وانسداداً سياسياً ملحوظاً، لكن في اعتقادي ليس بالمستوى الذي يمكن أن يفرز حراكاً بالزخم الذي عشناه سنة 2011، فضلاً عن أن البلاد شهدت طوال الفترة الماضية مبادرات إصلاحية خاصة قبل سنة 2016، بددت العديد من المخاوف لدى المواطنين، وخصوصاً الشباب".

المساهمون