سورية: انتقادات لتقصير الأمم المتحدة في إيصال المساعدات

سورية: انتقادات لتقصير الأمم المتحدة في إيصال المساعدات

22 يوليو 2016
النظام يعرقل وصول المساعدات إلى مناطق المعارضة (Getty)
+ الخط -

على الرغم من أن قضية محاصرة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية، وحرمانها من مقومات الحياة الأساسية، تشكل سياسة راسخة لدى النظام السوري منذ الأشهر الأولى للثورة، لكن المجتمع الدولي لم يتخذ حتى الآن مواقف جادة لمواجهة ذلك، وما زالت جهوده تقتصر على إدخال بعض المساعدات الإنسانية إلى هذه المنطقة أو تلك، وذك بعد مفاوضات شاقة وطويلة.

وقد نجح النظام السوري، والأطراف الداعمة له وعلى رأسها روسيا، في تقزيم دور الأمم المتحدة على هذا الصعيد، وتحويلها إلى مجرد طرف ناقل للمساعدات، بعيداً عن أي إطار سياسي ينهي الأسباب التي استدعت تقديم المساعدات، والمتمثلة في الحصار الذي تفرضه حكومة رسمية، وبدعم من حكومات رسمية دولية.

وفي إطار هذا الدور المتراجع للأمم المتحدة، دعا مستشار المبعوث الأممي الخاص إلى سورية الأمين العام لمجلس شؤون اللاجئين، يان إيغلاند، روسيا والولايات المتحدة، والدول الأعضاء في "مجموعة دعم سورية"، للسعي لتوفير هدنة لمدة 48 ساعة كل أسبوع لتأمين إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة.

وكان وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين، قد أكد أن مخزون الأمم المتحدة للمساعدات في حلب سينفد منتصف في شهر أغسطس/ آب المقبل، وسط مخاوف من عدم إيصال المساعدات لأحياء المدينة الشرقية، عقب قطع طريق الكاستيلو.

وأعرب أوبراين عن قلقه إزاء التطورات في أحياء المدينة الشرقية، حيث "توقفت التحركات المدنية والإنسانية والتجارية فعلياً بعد إغلاق طريق كاستيلو"، مشيراً الى أن "أهم الأولويات تتمثل في إعادة الوصول إلى شرق مدينة حلب، لتجديد مخزون المساعدات الحيوية مثل الغذاء والإمدادات الطبية والوقود، وضمان استمرار الخدمات الأساسية".

ودعا جميع أطراف النزاع للسماح بشكل "مستدام وغير مشروط" بوصول المساعدات إلى المناطق المحاصرة.

كما لفت إلى تضرر المشافي والبنى التحتية "بسبب القتال" وإصابة عدد من العاملين في المجال الطبي.

وكان الطيران المروحي التابع للنظام قد قصف الخميس ببرميلين متفجرين مركز الطبابة الشرعية في حلب، ما أدى لتدمير جميع الآليات والمعدات، وخروج المركز من الخدمة بشكل كامل، بسبب استهدافه للمرة الثانية على التوالي خلال اليومين الماضيين.

وشهدت أسواق مدينة حلب، الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة نقصاً حاداً في العديد من المواد الغذائية والخضروات والمحروقات، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير.

وقال ناشطون إن كثيراً من المحلات والبسطات أغلقت لعدم توفر الخضروات والفواكه نتيجة قطع طريق الكاستيلو؛ شريان المدينة وطريق إمدادها الوحيد.

كما انخفضت كميات المحروقات المتوفرة في السوق، ما سبب ارتفاع أسعارها إلى الضعف تقريباً، فيما تشهد أفران الخبز ازدحاماً شديداً، حيث يعمد الأهالي لجمع الخبز وتموينه تحسباً لطول أمد الحصار على المدينة.

وكانت الأمم المتحدة قد نجحت الخميس في إدخال مساعدات إنسانية إلى قرى في سهل الغاب، وجبل شحشبو في ريف حماة الغربي للمرة الأولى منذ انطلاق الثورة السورية، حيث دخلت نحو 40 شاحنة بتسهيل من حركة "أحرار الشام الإسلامية" التي اشترطت توزيع المساعدات على كامل ريف حماة، وليس سهل الغاب فقط.

وتضمنت المساعدات مواد غذائية ودعم مؤسسات الماء والكهرباء في قلعة المضيق، ومن المتوقع دخول قوافل أخرى خلال الأيام المقبلة.

وقال ناشطون إن المساعدات الواصلة استلمتها منظمة "إيلاف" السورية، وستعمل على توزيعها مع لجنة مشكلة من الأهالي والهلال الأحمر، مشيرين إلى أنها تكفي لنحو 30 ألف شخص لمدة شهر واحد.

ويبلغ عدد سكان قلعة المضيق نحو أربعين ألف نسمة؛ عشرة آلاف منهم نازحون من القرى المجاورة، وتحاصرها قوات النظام، وتقصفها بشكل متقطع، كما أنها تسيطر على قلعتها الأثرية.

وقد وجهت قوى عدة في المعارضة السورية انتقادات لدور الأمم المتحدة، وطريقة تعاملها مع قضية المناطق المحاصرة في سورية من جانب قوات النظام.

ورأى الناشط والصحافي، ماجد اليوسف، المقيم في مدينة حلب المحاصرة إنه في الوقت الذي "تحول دور الأمم المتحدة إلى فاعل خير مقصوص الجناح، تعمل قوات النظام المدعومة من روسيا وإيران على تحويل مجمل مناطق المعارضة إلى مناطق محاصرة، من حلب إلى حمص وصولاً إلى ريف دمشق".

ولفت اليوسف إلى ما اعتبره نفاقا دوليا في هذا الشأن حيث تدعي روسيا مثلا الحرص على إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة في الوقت الذي يساعد طيرانها قوات النظام السوري على تحقيق هذا الحصار، مستشهدا بما يجري حاليا في مدينة حلب التي تتعرض لهجمة شرسة من جانب قوات النظام والمليشيات الإيرانية وبدعم قوي من الطيران الروسي بغية محاصرتها بشكل كلي وإجبار فصائل المعارضة فيها على الاستسلام.

ولفت إلى تجاهل الولايات المتحدة هذه القضية "ما عدا تصريحات شكلية لا يكون لها حضور جدي على طاولة التفاوض مع الروس، بعد أن تحول الجانبان، بحسب الوثائق المسربة الأخيرة، إلى شركاء في محاربة فصائل المعارضة بدعوى التصدي لجبهة النصرة وتنظيم داعش، دون وضع قيود جدية على استراتيجية النظام في عموم سورية القائمة على محاصرة مناطق المعارضة وإنهاكها إنسانيا، بغية تطويعها عسكريا وسياسيا".