أوامر إيرانية لـ"الدعوة": اختاروا بين المالكي والعبادي والجموا التظاهرات

أوامر إيرانية لـ"الدعوة": اختاروا بين المالكي والعبادي والجموا التظاهرات

19 فبراير 2017
من تظاهرات التيار الصدري في بغداد (مرتضى سوداني/الأناضول)
+ الخط -

احتدم الصراع بين رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وسلفه نوري المالكي، على ترؤس قائمة "حزب الدعوة" الحاكم في الانتخابات المحلية المقبلة، وتزامن ذلك مع وصول التظاهرات بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ضد مفوضية الانتخابات إلى بوابات المنطقة الخضراء الحكومية، وسط بغداد. ما دعا إيران إلى الطلب من الحكومة العراقية وضع حدّ لموجة التظاهرات المتفاقمة، والإسراع بالاتفاق على اسم الشخص الذي سيقود "حزب الدعوة" في الانتخابات المقبلة.

في هذا السياق، كشف سياسي مقرّب من "حزب الدعوة" عن وجود خلافات عميقة بين المالكي والعبادي، مؤكداً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "السبب الرئيسي للخلافات هو الصراع على ترؤس القائمة الانتخابية للدعوة في الانتخابات المحلية المقبلة".

وأشار السياسي إلى أن "السفارة الإيرانية في بغداد تدخّلت لحسم الصراع المتفاقم داخل الحزب الحاكم"، مبيّناً أن "وفداً يمثل السفارة حضر اجتماعاً للهيئة القيادية في حزب الدعوة، طالباً منهم الإسراع بالاتفاق على مرشحهم لقيادة القائمة الانتخابية". وأضاف أن "الوفد أبلغ المجتمعين بأن الشخص الذي سيقود القائمة الانتخابية لحزب الدعوة، سيكون هو المرشح الأوفر حظاً للفوز برئاسة الحكومة المقبلة"، موضحاً أن "الإيرانيين قالوا لقيادات حزب الدعوة إن أمامكم خيارين، إما المالكي أو العبادي".

وتابع قائلاً إن "الوفد الإيراني كان متذمراً من التظاهرات الأخيرة للتيار الصدري، والتي كادت تصل إلى بوابات المنطقة الخضراء"، مشيراً إلى أن "ممثلي السفارة الإيرانية عبّروا عن انزعاجهم من تصاعد حدة الاحتجاجات، وطالبوا الحكومة بكبح جماحها قبل أن تتحول إلى تظاهرات شعبية عارمة تصعب السيطرة عليها". ولفت إلى أن "العبادي التقى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، على هامش مؤتمر ميونخ للأمن (بدأ يوم الجمعة وينتهي اليوم الأحد)، وبحث بعض الأمور المتعلقة بالشأن العراقي الداخلي"، وذلك في وقتٍ ذكرت فيه رئاسة الحكومة العراقية أن "العبادي بحث مع ظريف تطورات الأوضاع في المنطقة، وضرورة تحقيق الأمن والاستقرار لشعوبها".

بدورهم، اتهم محتجون وأعضاء في التيار الصدري مليشيات عراقية تابعة لإيران بالتورط في عملية قتل متظاهرين قرب المنطقة الخضراء في 11 فبراير/ شباط الحالي. في هذا الصدد، قال عضو اللجنة المنظمة للتظاهرات الشعبية، محمد الزاملي، إن "القوات العراقية بريئة من عمليات إطلاق النار التي طاولت المحتجين الذين حاولوا الاقتراب من المنطقة الخضراء"، مؤكداً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "مليشيات سرايا الخراساني وبدر وعصائب أهل الحق هي التي اعتدت على المتظاهرين".


ولفت إلى أن "هذه المليشيات تتلقى أوامرها من المالكي، وفيلق القدس الإيراني"، مبيّناً أن "كاميرات المراقبة أظهرت المليشيات وهي تعتدي على المتظاهرين، وعناصر الجيش الذين حاولوا حماية المتظاهرين". ونشرت مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي التابعة للتيار الصدري، مقاطع مصوّرة مسرّبة من كاميرات مراقبة المنطقة الخضراء، تظهر عناصر مليشيات يرتدون الأقنعة والزي الأسود، وهم يعتدون بالأيدي وأعقاب البنادق على عدد من أفراد الجيش العراقي، الذين حاولوا منعهم من إطلاق النار على المتظاهرين. وقال الناشرون إن "هذه المليشيات تتبع لأحزاب سياسية عراقية".

واتهم عضو البرلمان العراقي عن التيار الصدري غزوان الشباني ما سماها "مليشيات حزبية" بـ"الاعتداء على المتظاهرين العزّل في ساحة التحرير"، مؤكداً خلال مقابلة تلفزيونية، أن "هذه المليشيات المدفوعة من قبل بعض الأحزاب، تسعى إلى صنع أزمة جديدة".

وعلى الرغم من حذر الصدريين من الإدلاء باسم الجهة الحزبية التي يتهمونها بدعم المليشيات، إلا أن عضو البرلمان عن التيار المدني فائق الشيخ علي، كان أكثر وضوحاً حين اتهم المالكي بالقول "المالكي جاء بمندسين يحملون الهراوات والسكاكين ويستخدمون القمع ضد المتظاهرين". وذكر خلال مؤتمر صحافي أن "جريمة القتل المروعة ضد المتظاهرين السلميين لا تغتفر، لأنها ارتُكبت ضد الأبرياء".

ورأى المحلل السياسي علي البدري، أن "المخاوف الإيرانية من نتائج التظاهرات تتجاوز الخشية على مفوضية الانتخابات التي يتهمها البعض بالتبعية للمالكي"، لافتاً خلال حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "طهران تدرك أن تجاوز الاحتجاجات أسوار المنطقة الخضراء، أمر قد يهدد حلفاءها في حزب الدعوة، الذي يحكم العراق منذ عام 2005".

وأضاف أن "إيران لا تريد أي بديل لحزب الدعوة لحكم العراق، لأن قادته من صناعتها"، مشيراً إلى "نفور الإيرانيين من التيار الصدري، الذي يتهم بميوله العربية وبعده عن الجارة الشرقية". وأشار البدري إلى أن "الضغوط الإيرانية على حزب الدعوة، للاختيار بين العبادي والمالكي، لا تأتي من حب طهران لأحد الرجلين، بل انطلاقاً من حرصها على حفظ المصالح الاستراتيجية الإيرانية في العراق، التي لا تتحقق إلا من خلال أدوات، أبرزها حزب الدعوة".

تجدر الإشارة إلى أن ثلاثة قياديين في "حزب الدعوة" توالوا على منصب رئيس الوزراء في العراق، منذ عام 2005، أولهم إبراهيم الجعفري الذي تولى رئاسة الحكومة العراقية الانتقالية (2005 ــ 2006)، ثم المالكي (2006 ــ 2014)، والعبادي الذي أصبح رئيساً للوزراء في أغسطس/ آب 2014.