خالد علي يبدأ جولة قضائية للطعن باتفاقية "تيران وصنافير"

خالد علي يبدأ جولة قضائية جديدة للطعن باتفاقية "تيران وصنافير" بعد صدورها

28 يونيو 2017
القضية تشغل الشارع المصري (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -

بدأ المحامي الحقوقي المصري خالد علي، جولة قضائية جديدة ضد الحكومة، في أزمة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، حيث أقام، صباح اليوم الأربعاء، دعوى قضائية جديدة أمام محكمة القضاء الإداري لإلزام رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بوقف إجراءات وأعمال تسليم جزيرتى تيران وصنافير للسعودية.

وطالبت الدعوى بحظر القيام بأي تصرفات مادية أو قانونية تنال أو تنتقص من سيادة مصر على الجزر أو ملكيتها لها، وعدم إنزال العلم المصري من على الجزر، وحظر رفع علم أي دولة أخرى عليها، وذلك بصفة مستعجلة.

كما طالبت بوقف تنفيذ قرار الموافقة والتصديق على نشر اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية بالجريدة الرسمية، وإحالة الطعن للمحكمة الدستورية العليا أو التصريح باتخاذ إجراءات الطعن أمام المحكمة الدستورية العليا لعدوانها على نصوص المواد 1، 4، 86، 94، 100، 101، 104، 118، 119، 144، 151، 157، 184، 190 من الدستور كونها تتضمن التنازل عن مصرية جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، وإخراجهما من الإقليم البري المصري ومن السيادة المصرية إلى الإقليم البري السعودي والسيادة السعودية، بما ترتب على ذلك من آثار توقيع المطعون ضده الثاني على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.

وجاء في الدعوى أنه سبق إقامة دعاوى ضد إبرام هذه الاتفاقية وقضت المحكمة فيها ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة في أبريل/ نيسان سنة 2016 المتضمنة التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم البري المصري، وضمن حدود الدولة المصرية واستمرار السيادة المصرية عليهما، وحظر تغيير وصفهما بأي شكل لصالح أية دولة أخرى، وذلك على النحو المبين بالأسباب.



وفي 29 ديسمبر/ كانون أول 2016 أصدر مجلس الوزراء المصري بيانًا قال فيه "إنه في ما يتعلق باتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية الموقعة في القاهرة في 18 أبريل 2016، فإن المجلس قد وافق عليها في جلسة اليوم وأحالها لمجلس النواب، وذلك لاتخاذ الإجراءات الدستورية المعمول بها في هذا الشأن".

ولما كانت هيئة قضايا الدولة قد طعنت على الحكم الصادر فى الدعويين رقمي 43709، 43866 لسنة 70 قضائية، والصادر من محكمة القضاء الإداري الدائرة الأولى 21/ 6/ 2016، أمام المحكمة الإدارية العليا بموجب الطعن 74236 لسنة 62 قضائية عليا، وبعد تداول الطعن بالجلسات أمام المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى فحص طعون قضت فى 16/ 1/ 2017 بـ (حكمت المحكمة بإجماع الآراء: برفض الطعن، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات).

وفى 10 أبريل/ نيسان 2017 فوجئنا، والكلام لخالد علي في صحيفة دعواه، بمجلس النواب يعلن إحالة هذه الاتفاقية للجنة التشريعية به لبدء إجراءات مناقشتها سعياً لعرضها على النواب، والتصويت بشأنها، علماً بأنه قد صدر حكم المحكمة الإدارية العليا فى 16 يناير/ كانون الثاني 2017 والقاضي برفض طعن الحكومة (المشكو فى حقهم) وبتأييد حكم القضاء الإداري الصادر في الدعويين 43709، 43866 لسنة 70 قضائية بجلسة 21 يونيو/ حزيران 2016 ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية في ما تضمنته من التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير ونقل تبعيتها للسعودية، وذلك بموجب الحكم 74236 لسنة 62 قضائية عليا.



وورد في الدعوى أن مقيمها قد حصل، أيضاً، على حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن 13583 لسنة 63 قضائية عليا، برفض طعن الحكومة (المشكو فى حقهم) على حكم القضاء الإدارى الصادر لصالح الشاكي فى الإشكال المقام منهم برقم 68737 لسنة 70 قضائية فى 8/11/2016 بالاستمرار فى تنفيذ حكم بطلان الاتفاقية موضوع البلاغ الصادر فى الدعويين 43709، 43866 لسنة 70 قضائية بجلسة 21 يونيو/ حزيران 2016.

وجاء في الدعوى أنه قد تم إعلان المطعون ضدهم على يد محضر بحكم القضاء الإدارى ببطلان الاتفاقية فى 9 أغسطس/ آب 2016، وتم إعلانهم بحكم الإشكال المعكوس بالاستمرار فى تنفيذ حكم بطلان الاتفاقية فى 3 ديسمبر/ كانون الأول 2016، وتم إعلانهم بأحكام المحكمة الإدارية العليا، وذلك يوم 20 فبراير/ شباط 2017، كما تم إنذار رئيس مجلس النواب بأحكام الإدارية العليا بموجب إنذار على يد محضر فى 6 مارس/ آذار 2017.

وأضافت الدعوى أنه بدلاً من إعلان مجلس النواب احترامه للدستور المصري وأحكام القضاء الإداري والإدارية العليا واجبة النفاذ، برفض مناقشة اتفاق وقعت عليه السلطة التنفيذية وقضت الإدارية العليا ببطلانه، فوجئنا بمجلس النواب يعلن عن إحالة الاتفاقية للجنة التشريعية به لبدء مناقشتها.

وفى 14 يونيو/ حزيران 2017 وافق مجلس النواب على هذه الاتفاقية، وفي 24 يونيو/ حزيران 2017 وافق وصدق على تلك الاتفاقية رئيس الجمهورية وأمر بنشرها فى الجريدة الرسمية، فقام خالد علي بإنذار المطعون ضدهم وإلزامهم بإصدار قرار بوقف أي عمل أو إجراء من إجراءات أو أعمال تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وحظر القيام بأي تصرفات مادية أو قانونية تنال أو تنتقص من سيادة مصر على الجزر أو ملكيتها لها، وعدم إنزال العلم المصري من على الجزر، وحظر رفع علم أي دولة أخرى عليها، وذلك لحين الفصل في موضوع النزاع الماثل بما ترتب على ذلك من آثار أخصها القضاء ببطلان تلك الاتفاقية وكافة القرارات والتصرفات المادية أو القانونية المترتبة عليها، وانعدامها، وزوال كافة آثارها، واعتبارها كأن لم تكن، لأن الموافقة على هذه الاتفاقية والتصديق عليها ونشرها بالجريدة الرسمية يخالف نصوص الدستور المصري فى المواد 1، 4، 86، 94، 100، 101، 104، 118، 119، 144، 151، 157، 184، 190 لكونها تتضمن التنازل عن مصرية جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، وإخراجهما من الإقليم البري المصري ومن السيادة المصرية إلى الإقليم البري السعودي والسيادة السعودية.



وأكدت الدعوى أنها اتفاقية باطلة تتضمن التنازل عن أراضي مصرية ممن لا يملك دستورياً هذا الحق، وفضلاً على أنها تعتبر هي والعدم سواء للقضاء ببطلانها بموجب أحكام القضاء الإداري والإدارية العليا، ومن ثم لا يجوز عرضها على مجلس النواب، وبالتالي يضحى كل إجراء في شأن هذا العرض باطلاً كونه يهدر أحكام القضاء.

وذكرت أن موافقة وتصديق رئيس الجمهورية والأمر بنشر هذه الاتفاقية بالجريدة الرسمية قد عصف بنصوص الدستور المصري، الأمر الذى دعا مقيم الدعوى لإنذار المطعون ضدهم بالإنذار سالف الذكر، لكنه اصطدم بإصرار رئيس الوزراء (شريف إسماعيل) على إرسال هذه الاتفاقية لمجلس النواب، وكذا إصرار مجلس النواب على مناقشة الاتفاقية والموافقة عليها، ثم موافقة وتصديق المطعون ضده الأول عليها والأمر بنشرها فى الجريدة الرسمية رغم الأحكام السالف بيانها، ورغم أن فى ذلك تعريضاً لأراضي الدولة للخطر وتهديداً للأمن القومي ووحدة وسلامة الوطن وأراضيه وعصف بواح بالدستور المصري.

وشددت الدعوى على أن الاتفاقية تهدر الشرعية الدستورية فى شأن استقلال السلطة القضائية واحترام وحماية أحكام القضاء، حيث إن ديباجة الدستور المصري التي تشكل مع نصوصه نسيجاً مترابطاً، وكلاً لا يتجزأ طبقاً لنص المادة 227 من الدستور، تضمنت على لسان شعب مصر صاحب السيادة".... نكتب دستوراً يستكمل بناء دولة ديمقراطية حديثة، حكومتها مدنية. نكتب دستوراً نغلق الباب به أمام أي فساد وأي استبداد ... ونرفع الظلم عن شعبنا الذي عانى طويلاً ..." وكشفت الديباجة مع نصوص الدستور عن نوع الدولة، ونوع نظام الحكم الواجب قيامه، فالدولة ديمقراطية، ونظامها جمهوري ديمقراطي، وحكومتها مدنية، وأغلق الدستور الباب أمام تحول الحكم في مصر إلى نظام استبداد، سواء في أي شكل أو صورة من صور الاستبداد، وينص الدستور في المادة 1 و94 على أن سيادة القانون أساس للحكم في الدولة، كما ينص في المادة (94) على أن".... وتخضع الدولة للقانون، واستقلال القضاء وحيدته ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات".

وصان في المادة (97) حق التقاضي، وحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، وحظر المحاكم الاستثنائية، وكفل في المادة (98) حق الدفاع، وبين الدستور في المادة (100) فلسفة إصدار الأحكام وتنفيذها، فهي لا تصدر باسم الحاكم، ولا تنفذ باسمه، وإنما تصدر وتنفذ باسم الشعب، صاحب السيادة، وأوجب على الدولة تنفيذ أحكام القضاء وجرم الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها، ولم يترك أمر تجريم هذا السلوك للمشرع، وينص الدستور في المادة (184) على أن "السلطة القضائية مستقلة تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفقاً للقانون، ويبين القانون صلاحيتها، والتدخل في شؤون العدالة أو القضايا جريمة لا تسقط بالتقادم".

وأسند في المادة (188) إلى القضاء الاختصاص بالفصل في كافة المنازعات والجرائم، عدا ما تختص به جهة قضائية أخرى، والمادة (190) نصت على أن مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، ويختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل في الدعاوى والطعون التأديبية، ويتولى وحده الإفتاء في المسائل القانونية للجهات التي يحددها القانون، ومراجعة، وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية، ومراجعة مشروعات العقود التي تكون الدولة، أو إحدى الهيئات العامة طرفاً فيها، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى.



وقد أكدت المحكمة الإدارية العليا "أن الحماية التي كفلها الدستور للقضاء وردت على ثلاثة مستويات، الأول: هو حماية استقلال السلطة القضائية، باستقلالها بشؤون أعضائها كافة وبمنع تدخل جهة الإدارة في شؤون جهات القضاء، وحماية استقلال القضاة وحظر عزلهم، وحظر التدخل في شؤون العدالة، وجعل ذلك جريمة من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم، والمستوى الثاني يتعلق بحماية عمل القاضي بحظر تدخل أية سلطة في القضايا المنظورة أمامه وتجريم التدخل في القضايا، والمستوى الثالث يخص احترام نتيجة عمل القاضي بوجوب تنفيذ الأحكام التي تصدر، وتجريم تعطيل أو الامتناع عن تنفيذ الأحكام".

كما أكدت المحكمة الدستورية العليا في قضائها على أنه "يتعين على السلطة التنفيذية بوجه خاص ألا تقوم من جانبها بفعل أو امتناع يجهض قراراً قضائياً قبل صدوره، أو يحول بعد نفاذه دون تنفيذه تنفيذاً كاملاً، وليس لعمل تشريعي أن ينقض قراراً قضائياً، ولا أن يحور الآثار التي رتبها".

فالدستور النافذ حالياً الصادر عام 2014 لم يتضمن نصاً يجيز تعطيل أي حكم من أحكامه حتى أثناء إعلان حالة الطوارئ على غرار ما نص عليه بالدستور الصادر عام 1923 في المادة (155) والدستور الصادر عام 1930 في المادة (144) حيث أجازا تعطيل بعض أحكام الدستور وقتياً في زمن الحرب أو أثناء قيام الأحكام العرفية – وعدم تضمين الدستور الساري – الصادر بإرادة شعب مصر صاحب السيادة – نصا مماثلا لنص المادتين المشار إليهما – قصد منه فرض احترام الدستور على جميع سلطات الدولة وعدم التخلي عن تطبيق أحكامه وفي مقدمتها المبادئ الضامنة والحامية لحقوق وحريات المواطنين، ولاستقلال القضاء، والحظر على السلطتين التنفيذية أو التشريعية أن تعطل أي حكم من أحكام الدستور مهما كانت الذريعة.

وأكدت الدعوى أن الحماية القضائية للحقوق والحريات والتي تكشف عنها أحكام القضاء تبقى عديمة الجدوي إذا لم توضع تلك الأحكام موضع التنفيذ، أو إذا حاولت أيّ من السلطتين التنفيذية أو التشريعية تعطيل نفاذ تلك الأحكام أو الالتفاف عليها، أو عدم احترام حجيتها.

وأشارت إلى أن تنفيذ الأحكام أمر استلزمه الدستور واستوجبه القانون وأن الجهة المنوط بها التنفيذ يجب أن تلتزم به سلطات الدولة انصياعاً لهذا الأمر بتنفيذ الحكم القضائي المطلوب منها القيام بتنفيذه، ولها في ذلك أن تستعمل القوة متى طلب إليها ذلك، فإن هي نكلت عن هذا الواجب أو أعرضت عن ذلك الأمر شكل مسلكها هذا – فضلاً عما ينطوي عليه من جرم جنائي – قراراً سلبياً غير مشروع ومخالفة قانونية ودستورية لمبدأ أساسي وأصل من الأصول القانونية الدستورية يكمن في الطمأنينة العامة وضرورة استقرار الأوضاع والحقوق استقراراً ثابتاً، فضلاً عن أنه من المظاهر الأساسية للمدنيات الحديثة خضوع الدولة في تصرفاتها لحكم القانون، حتى أن الدول تتباهى في ما بينها بمدى تعلقها بأهداف القانون ورضوخها لمبادئه وأحكامه، ولذلك فإن الالتزام بالتنفيذ الكامل غير المنقوص للأحكام القضائية يعتبر عنواناً للدولة المتمدنة وللدولة القانونية، ويعد الامتناع عن تنفيذ الحكم القضائي الواجب النفاذ أو تنفيذه تنفيذاً مبتسراً مخالفة قانونية صارخة، إذ لا يليق بالسلطات في بلد متحضر أن تمتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية أو أن تنحرف عن التنفيذ الصحيح لموجباتها بغير وجه حق قانوني لما يرتبه هذا الانحراف من إشاعة للفوضى وفقدان للثقة في سيادة القانون، إذ لا قيام للدولة القانونية إلا بإعلاء مبدأ خضوع الدولة للقانون وإعلاء مبدأ المشروعية، ولا قيمة لهذا المبدأ الأخير ما لم يقترن بمبدأ تقديس واحترام أحكام القضاء ووجوب تنفيذها، فلا حماية قضائية إلا بتمام تنفيذ الأحكام الصادرة من السلطة القضائية، ولا قيمة للقانون بغير تطبيق وتنفيذ وإعمال مقتضاه على الوجه الصحيح.



واستطردت الدعوى: لا ينال من ذلك القول بأن سلوك رئيس الجمهورية قد تم فى 24 يونيو/ حزيران 2017، وسبقه صدور قرار من رئيس المحكمة الدستورية فى 21 يونيو/ حزيران 2017 فى الطعن 12 لسنة 39 ق تنازع بوقف تنفيذ الحكم الصادر فى الدعويين 43709، 43866 لسنة 70 ق قضاء إداري، وكذلك الحكم في الطعن 74236 لسنة 62 قضائية عليا، لكون قرار رئيس المحكمة الدستورية مجرد قرار وقتي - صدر بدون جلسة وبدون تمكين الطاعن من إبداء دفاعه - بوقف تنفيذ الحكم مؤقتاً لكنه لا ينال من حجية أحكام القضاء الإداري والإدارية العليا، ومن كونها عنواناً للحقيقة، ولم يصدر حكم بإلغائها أو بعدم الاعتداد بها، ومن ثم لا يجوز إتيان أي تصرفات قانونية أو مادية تفرغ هذا الحكم من جوهره أو من مضمونه أو تعصف بحجيته وتفرض على الأرض واقعاً مغايراً لتلك الحجية بزعم وقف تنفيذ الحكم مؤقتاً.

وشددت الدعوى على كون حيثيات حكم القضاء الإداري، وحيثيات حكم الإدارية العليا استندت إلى أن جزيرتي تيران وصنافير من الأراضي المصرية، ومن ضمن الإقليم البري المصري، ولا يجوز لأي سلطة، بل لا يجوز حتى بالاستفتاء الشعبي التنازل عنهما، لمخالفة ذلك لنصوص الدستور المصري أرقام 1، 4، 86، 139، 144، 151، 157، 165، 200
فالمادة (1) من الدستور نصت على أن (جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة)، وعقد الدستور السيادة للشعب وحده لأنه مصدر السلطات طبقاً لنص المادة (4)، وألزم الدولة بحماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية طبقاً لنص المادتين( 43 و 45)، وأوجب الحفاظ على الأمن القومي لمصر، وحمل جميع المصريين واجب الدفاع عن الوطن وحماية أرضه، ووصف فى المادة (86) واجب الدفاع عن الوطن وحماية أرضه بوصفين لم يجتمعا إلا له – حيث وصفهما بالشرف والواجب المقدس، وألزم الدستور رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء وأعضاء الحكومة قبل أن يتولوا مهام مناصبهم وقبل مباشرة أعمالهم أن يؤدوا يميناً يتعهدون فيها بالمحافظة على وحدة وسلامة أراضي الوطن، واحترام الدستور والقانون.

وقد وردت صيغته فى المادتين( 144 ، 165 ) من الدستور على الوجه الآتى: (أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه).
وبين الدستور فى المادة (200) مهمة القوات المسلحة والتزامها الحفاظ على سلامة أراضي الدولة فنصت على أن (القوات المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها ....) وقد نظم الدستور إبرام المعاهدات فنص فى المادة (151) على أن: (يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور. ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة. وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة).

وقد حمل نص المادة (151) من الدستور الحالي المزيد من الضوابط والقيود على السلطة التنفيذية فى مجال إبرام المعاهدات على وجه يفوق ما كان عليه الحال فى ظل العمل بنص المادة (151) من الدستور الصادر فى عام 1971 ومن بعده المادة (144) من الدستور الصادر عام 2012 وذلك استشعاراً لخطورة المعاهدات الدولية، وما قد يترتب عليها من تحميل الدولة بالتزامات دولية، ويقع عبء التحمل بها فى النهاية على الوطن وعلى المواطنين.
فمنع الدستور كل سلطات الدولة من التوقيع أو الموافقة على معاهدات يترتب عليها النزول عن جزء من إقليم الدولة حتى لا تقدم على هذا العمل أيّ منها تحت ضغوط أو ملاءمات سياسية، ذلك أن إقليم الدولة ليس ملكاً لها، وإنما تلتزم فقط بحمايته وعدم التفريط فيه.

كما منع الدستور مجلس النواب من الموافقة على أي اتفاقية من هذا النوع لأن أعضاء البرلمان ينوبون عن الشعب، والشعب ممنوع بدوره من التنازل عن أرضه، وليس للنائب سلطة تزيد على سلطة الأصيل، ولم يجعل الدستور للشعب ممثلاً فى هيئة الناخبين سلطة الموافقة على التخلي عن أي جزء من إقليم الدولة فى استفتاء عام، لأن الدستور أوصد جميع الأبواب التى يمكن أن تؤدي إلى التنازل عن جزء من إقليم الدولة، وكل عمل حظره الدستور لا يجوز لسلطة أو لأحد أن يجيزه، فأرض الوطن لا تخص جيلاً واحداً من المصريين، وإنما تخص الأمة التى عاشت عليها أجيال سبقت، وستبقى مهداً لأجيال قادمة يقع عليها أيضاً واجب الدفاع عن هذه الأمة امتدادًا لما كان عليه أسلافهم ممن بذلوا أرواحهم وأريقت دماؤهم واختلطت بتراب هذا الوطن حماية له ودفاعاً عنه، لذلك منع الدستور التنازل عن أي جزء منه خاصة وأن حماية إقليم الدولة ووحدة وسلامة أراضيه هو التزام وواجب دستوري وقانوني في عنق كل مواطن من مواطني الدولة أيا كان عمله أو موقعه داخل سلطة ما أو فرداً عادياً، وقد جُبل المواطن على حماية أرض بلاده قبل أن يحضه على ذلك نص فى الدستور أو القوانين.