الحركة الفلسطينية الأسيرة... تجربة فريدة وتحديات متصاعدة

الحركة الفلسطينية الأسيرة... تجربة فريدة وتحديات متصاعدة

17 ابريل 2016
الحركة الأسيرة شكّلت تجربة رائدة (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

شكّلت "الحركة الفلسطينية الأسيرة" في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ركناً أساسياً في مسيرة النضال الفلسطيني منذ انطلاقتها، ورافداً متجدّداً للكوادر والقيادات الوطنية، التي حافظت على عنفوان المواجهة مع الاحتلال. الأمر الذي يبرهن على نجاح "الحركة" في تحويل زنازين الأسر إلى أكاديميات تعليمية، تتحدّى السياسات الإسرائيلية التعسفية.

تميّز "الحركة"، دفع بالاحتلال إلى استهدافها بوسائل مختلفة، تهدف في مجملها إلى إضعاف الجسم الوطني الممثل للأسرى الفلسطينيين كافة، وذلك من أجل التفرّد بالأسرى وإخضاعهم لسياسات مصلحة السجون، التي تنتهك حقوقهم من دون أي رادع، وبشكل يخالف كل الأعراف والمواثيق الدولية.

وبدأ مصطلح "الحركة الفلسطينية الأسيرة" يظهر تدريجياً عقب الهزيمة العربية في حرب عام 1967، وما نتج عنها من احتلال إسرائيلي لما تبقى من فلسطين التاريخية، واعتقال آلاف المواطنين الفلسطينيين والعرب في مراكز توقيف واعتقال عشوائية، قبل أن يتمّ إنشاء 23 سجناً ومعتقلاً إسرائيلياً مركزياً.

ويبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال نحو 7200 أسير فلسطيني من كافة فئات وشرائح المجتمع، منهم 478 أسيراً محكوماً بالسجن مدى الحياة، و30 أسيراً أمضى أكثر من 20 عاماً في السجن، ويعاني مثلهم منذ سُجنوا قبل توقيع اتفاقية أوسلو بين السلطة والاحتلال عام 1993.

وقد سجّلت الحركة الأسيرة منذ عام 1967 قرابة مليون حالة اعتقال لأسرى فلسطينيين وعرب، وقدّمت 207 شهداء، منهم 72 أسيراً استشهدوا نتيجة التعذيب الوحشي، و54 أسيراً بسبب الإهمال الطبي المتعمّد، و74 أسيراً نتيجة القتل العمد بعد الاعتقال مباشرة، بجانب سبعة أسرى قضوا بعدما أصيبوا بأعيرة نارية وهم داخل المعتقلات.
من جهته، يشير مدير مكتب إعلام الأسرى في غزة، عبد الرحمن شديد، في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، إلى أن "الحركة الفلسطينية الأسيرة تخوض بشكل يومي، معارك شرسة مع الاحتلال من أجل الدفاع عن كرامة الأسرى وأبسط حقوقهم الإنسانية التي يحاول الاحتلال سلبها"، مبيّناً أن "الحركة الأسيرة أوجدت حاضنة وطنية داخل السجون وجماهيرية في الخارج".

ويضيف شديد أن "الحركة الأسيرة ما زالت تمتلك المقوّمات اللازمة للنهوض بمسيرة الشعب الفلسطيني من أجل مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية العنصرية التي تستهدف الحجر والبشر"، مؤكداً على "أهمية الدور الذي تؤديه الحركة الأسيرة في إنهاء الانقسام الداخلي وإعادة الزخم إلى الكفاح الوطني".

كما يبيّن شديد أن "الاحتلال ما زال يعتقل 68 أسيرة، من بينهن 16 فتاة قاصرة ما دون سن الـ18، فضلاً عن أن عشر أسيرات مريضات، ويعانين من أمراض مختلفة، بينهن الطفلة ديما الواوي، بالإضافة إلى استمرار اعتقال 450 طفلاً، لم تتجاوز أعمارهم سن الـ18، من بينهم 210 محكومون والباقون موقوفون ينتظرون المحاكمة، وسبعة أطفال يخضعون للاعتقال الإداري".

ويشير مدير مكتب إعلام الأسرى إلى أن "حملات الاعتقال العشوائية أو المخطط لها، تتصاعد بشكل كبير في حال اندلاع هبة أو انتفاضة شعبية، مثلما حدث في انتفاضة القدس المحتلة، التي اندلعت في مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد تصعيد قوات الاحتلال حملات الاعتقال الموجّهة تحديداً لفئة الشبان والأطفال".

ووفقاً لتقارير صدرت عن مؤسسات تهتم بشؤون الأسرى، فقد بلغ عدد الأطفال القاصرين الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال من مختلف بلدات ومدن الضفة الغربية منذ اندلاع انتفاضة القدس، ما يزيد عن 800 طفل. وذلك في مخالفة صريحة لكل المواثيق الدولية، التي أكدت على حقوق الطفل ومنعت التعرّض له أو اعتقاله إلا في أضيق الحالات.

أما الأسير المحرر، علي عصافرة، فيقول لـ "العربي الجديد"، إن "الحركة الأسيرة شكّلت تجربة رائدة في العطاء والقدرة على مواجهة التحديات المتصاعدة طوال سنوات المقاومة، على الرغم من لجوء الاحتلال إلى عشرات الوسائل الوحشية التي سعت إلى عزل الأسرى عن ساحات المواجهة الخارجية".

ويضيف عصافرة أن "الاحتلال يسعى بوسائله المتنوعة وبشكل حثيث، إلى التأثير على عقل الأسير الفلسطيني من أجل إبعاده عن خط المقاومة في حال تحرره. الأمر الذي جعل الحفاظ على روح النضال لدى الأسير، من أهم الأهداف التي تسعى الحركة الأسيرة إلى تحقيقها داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية".

كما يلفت إلى أن "الحركة الأسيرة كانت تتميز منذ بداياتها بالوحدة وتماسك قراراتها، إلا أن أحداث الانقسام الفلسطيني التي جرت في صيف عام 2007 بين حركتي حماس وفتح، انعكست بشكل سلبي وحاد على وحدة الأسرى، على الرغم من محاولة قيادة الحركة تجنّب تداعيات الانقسام الداخلي".

ويوضح أن "الاحتلال يسعى منذ عقود طويلة، عبر سياساته الهمجية، إلى تفريق الأسرى وفقاً لانتماءاتهم السياسية والحزبية، بينما في المقابل، كانت الحركة الأسيرة تحاول الحفاظ على وحدة الأسرى في وجه الإجراءات الإسرائيلية من خلال التأكيد على وحدة الهدف والمصير".

كما يشير عصافرة إلى أن "إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية تطوّر بين الحين والآخر من أساليب التعذيب بحق الأسرى الفلسطينيين، إلا أن التعذيب النفسي يُعدّ من أكثر الوسائل التي يستخدمها جنود الاحتلال حالياً"، مشيراً إلى أن "الاحتلال ركز على التعذيب الجسدي قبل اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000".

ويتعرّض الأسرى لسلسلة من الانتهاكات والإجراءات القمعية على أيادي السجانين الإسرائيليين، كالحرمان من الزيارة وفرض الغرامات المالية، والتفتيش التعسفي في الليل، ومنعهم من إكمال تعليمهم وإدخال الكتب، وكذلك الإهمال الطبي وعدم تقديم العلاج، بجانب التنقلات المستمرة للأسرى بين السجون.