واشنطن تطالب القاهرة بإنهاء العلاقات مع بيونغ يانغ

واشنطن تطالب القاهرة بإنهاء العلاقات العسكرية مع بيونغ يانغ

11 أكتوبر 2017
ترامب والسيسي في لقاءٍ سابق (برندان سميالوفسكي/فرانس برس)
+ الخط -


بدأت المواجهة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية تنعكس على مصر، مع إعلان مصادر دبلوماسية أميركية في القاهرة، لـ"العربي الجديد"، أن "الإدارة الأميركية طالبت مصر بضرورة إغلاق مكاتب الملحقين العسكريين، وكل ما يرتبط بهما من أنشطة سواء في القاهرة أو العاصمة الكورية الشمالية بيونغ يانغ".

في هذا السياق، أوضحت المصادر أن "هناك شكاوى داخل الأجهزة الأميركية المعنية بمتابعة هذا الشأن من تلكؤ الجانب المصري في إنهاء العلاقات العسكرية مع كوريا الشمالية"، مشدّدة على أن "هذا الأسلوب يغضب أجهزة الاستخبارات الأميركية". وحذّرت من المزيد من القرارات العقابية ضد النظام المصري في حال عدم استجابة القاهرة للمطالب الأميركية في هذا الشأن، قائلة إن "السياسات العقابية الأميركية قد لا تقف عند تجميد جزء من المساعدات العسكرية والاقتصادية فقط، وقد تشمل أموراً أخرى".

وأضافت المصادر أنه "على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن أراد الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن يقطع كل العلاقات العسكرية مع كوريا الشمالية بصورة حاسمة لا تترك أي شكوك عند الجانب الأميركي". وشدّدت على أن "الممارسات الأخيرة لنظام بيونغ يانغ من تجارب صاروخية جعل من واشنطن ترى أن من يتعاون مع كوريا الشمالية من حلفائها يرتكب خطيئة كبرى".

في المقابل، أوضح مصدر مصري في واشنطن، أن "الجزء الغاطس في أزمة التعاون مع كوريا الشمالية بين مصر والولايات المتحدة أكبر بكثير مما ظهر على السطح أخيراً"، مؤكداً أن "الأيام المقبلة ستحمل مزيداً من المفاجآت بشأن هذه الأزمة".

وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية قد كشفت أخيراً عن أن "شحنة أسلحة كورية شمالية كانت متجهة لمصر في نهاية أغسطس/آب الماضي، وأن الجهة التي كانت تعتزم شراء تلك الشحنة هي القاهرة"، مرجعة القرار الأميركي المفاجئ بتجميد 295 مليون دولار من قيمة المساعدات العسكرية والاقتصادية الموجهة للقاهرة إلى ذلك السبب.

بدورها، كانت قد ذكرت مصادر مصرية تعليقاً على ذلك حينها أن "القوات المسلحة المصرية ليس في إمكانها الاستغناء عن التعاون مع بيونغ يانغ، بسبب الاعتماد الكبير على تكنولوجيا الصواريخ الخاصة بها". وأوضحت أن "جزءاً كبيراً من منظومة الصواريخ تحديداً لدى القوات المسلحة المصرية، سواء الهجومية أو الدفاعية، يعتمد بشكل أساسي على كوريا الشمالية من حيث المكونات أو تكنولوجيا التشغيل". وتابعت أن "الموقف الأميركي من مصر في هذه القضية تحديداً ينقسم إلى جزأين؛ أولهما أن القاهرة تخالف التعليمات الأميركية وتكسر العقوبات المفروضة على بيونغ يانغ، أما الثاني فهو متعلق بمنع امتلاك القاهرة منظومات أكثر تطوراً من الصواريخ ذات المدى البعيد، وهي في ذلك تتحرك بناء على مطالب إسرائيلية لكون ذلك يؤثر على تل أبيب بشكل مباشر".



من جهته، أفاد مصدر دبلوماسي بارز، أن "الملاحظات الأميركية بشأن التعاون مع كوريا الشمالية لم تقتصر على أزمة شحنة الأسلحة التي تم كشفها، ولكن كانت هناك ملاحظات بشأن برنامج تدريبي مموّل تجاوزت قيمته 15 مليون دولار لعدد من المهندسين العسكريين، الذين زاروا بيونغ يانغ على مدار عام ونصف العام، للتدريب على منظومات عسكرية لا تزال القاهرة تستخدمها، وتعد كوريا الشمالية واحدة من الدول المتقدمة فيها".

وأوضح المصدر أن "دوائر عسكرية ودبلوماسية مصرية أجرت مباحثات موسعة مع الجانب الأميركي، حتى قبل أزمة تجميد المساعدات الأميركية في أغسطس/آب الماضي بشأن هذا الملف، في محاولة لتوضيح الصورة". وشدّد على أن "الجزء الخاص بشراء تلك التكنولوجيا من كوريا الشمالية لا مفرّ منه، نظراً لطبيعة منظومة التسليح داخل القوات المسلحة المصرية التي تعتمد في الأساس على كمّ كبير من السلاح السوفييتي، والذي انتقلت عدد من التوكيلات الخاصة به إلى كوريا الشمالية".

واتخذت واشنطن قراراً في 22 أغسطس/آب بإلغاء وإرجاء مساعدات تناهز قيمتها 300 مليون دولار إلى مصر، في وقتٍ كانت افترضت فيه الحكومة المصرية أن "التوافق الدافئ بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي كان كافياً لضمان علاقات ثنائية وطيدة تشمل المساعدات العسكرية الأميركية، بعد سنوات من عدم اليقين في عهد إدارة الرئيس السابق باراك أوباما"، كما ورد في مقال لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.

وتضمن القرار الأميركي ثلاث حزم منفصلة من المساعدات المقدمة لمصر، فتمّ إلغاء اثنتين منها. وتمت إعادة برمجة مساعدة عسكرية بقيمة 65.7 مليون دولار من السنة المالية 2014، كما أعادت الإدارة الأميركية توجيه مساعدة اقتصادية بقيمة 30 مليون دولار من أجل معالجة أولويات إقليمية أخرى غير محددة. كما عملت الإدارة الأميركية على تحقيق سيطرة مباشرة بشكل أكبر على الحزمة الثالثة، التي تنطوي على 15 في المائة من 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأميركية السنوية لمصر، أو 195 مليون دولار. ووضعت الإدارة الأميركية شروطاً جديدة لاستخدام تلك المساعدات، فتم إنفاذها من قبل "وكالة التعاون الأمني الدفاعي"، التي تدير المساعدات العسكرية الأميركية، والتي يجب أن توافق على أي نفقات للمعونة إلى مصر، بعدما كانت هناك توصية من الكونغرس بأن تكون الموافقة عليها خاضعة لوزير الخارجية وفقاً للتقدم في ملف حقوق الإنسان.


المساهمون