لا توقيفات بهجمات ديالى العراقية: "المزاج الحزبي" يتحكم بالأمن

لا توقيفات بهجمات ديالى العراقية: "المزاج الحزبي" يتحكم بالملف الأمني

14 يونيو 2019
المقدادية بديالى من المناطق التي شهدت هجمات(يونس البياتي/فرانس برس)
+ الخط -

تدخل محافظة ديالى شرقي العراق، الشهر الثاني على التوالي، لحالة الفوضى وعدم الاستقرار، بينما لم يتم توقيف مشتبه بهم في هجمات المليشيات التي شهدتها، أخيراً، وسط شكاوى محلية من تحكّم الأحزاب بالملف الأمني، والتقصير بمحاسبة القوات الأمنية المسؤولة.

ونفى مسؤول محلي في مدينة بعقوبة العاصمة المحلية لديالى، لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، صحة الأنباء عن عودة أسر نزحت، خلال الأسابيع الماضية، من مناطق شمال شرقي بعقوبة، جراء هجمات مليشيات مسلحة على عدة قرى بالمحافظة.

وبلغ مجموع الهجمات التي شهدتها ديالى، خلال شهرين فقط، أكثر من 40 استهدافاً بين قذيفة هاون وإطلاق نار وعبوات ناسفة واغتيال بشكل مباشر، في 8 مناطق بشمال شرقي ديالى، والتي أسفرت عن مقتل وجرح عدد من المدنيين، وخطف آخرين ما زال مصيرهم مجهولاً، حتى الآن.

وتُعتبر مناطق المخيسة والكبة وأبو كرمة وأبو الخنازير وقرى وقصبات المقدادية وأبو صيدا ومندلي وشهربان والخالص أبرز المناطق المستهدفة، فيما لم تكشف قوات الأمن العراقية عن أي نتائج تحقيق بتلك الهجمات كما وعدت سابقاً.

وأكد المسؤول المحلي في بعقوبة، والذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الأشخاص المتهمين بالوقوف وراء تلك الهجمات لا يزالون طلقاء، والعناصر الأمنية والضباط الذين ثبت تقصيرهم في حماية المدنيين ومرور المليشيات من حواجزهم دون اعتراضهم، لا يزالون في عملهم ولم يتم توقيفهم كما تعهدت قيادات أمنية قدمت من بغداد، خلال الفترة الماضية".

واتهم المسؤول "القوة المهيمنة على ديالى سياسياً، بمنع تنفيذ أي أمر قبض على الشخصيات المتورطة بالهجمات الطائفية كونها مرتبطة بها أو محسوبة على فصيل مسلح معين لها علاقة معه".

ويتوزع ما يقارب الأربعين ألف جندي وعنصر شرطة وأمن على المدن الرئيسية في ديالى، وقراها الممتدة من شرق بغداد وحتى الحدود العراقية مع إيران، فيما عقدت سلسلة اجتماعات لمسؤولين عراقيين سياسيين وحكوميين وأمنيين، خلال الأيام الماضية، لم تسفر عن قرارات جديدة لحفظ أمن المحافظة.

وتتصدر عدة قوى وأحزاب المشهد السياسي في محافظة ديالى، منذ سنوات، غالبيتها تمتلك أجنحة مسلحة تابعة لها أبرزها "منظمة بدر" وحزب "الدعوة الإسلامية" بقيادة نوري المالكي، والتيار الصدري، وحركة "صادقون"، وحزب "الفضيلة"، إضافة إلى "الحزب الإسلامي العراقي"، وحركة "الحل" وحركة "الوفاق".

وتنشط عدة مليشيات مسلحة في ديالى؛ أبرزها "حزب الله" العراقي، و"العصائب" و"النجباء" و"سرايا عاشوراء" و"الإمام علي" و"بدر" و"سرايا السلام".


"المواطنون خائفون"

من جانبه، قال عضو مجلس عشائر ديالى محسن القيسي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، إنّ "الوضع في المحافظة لا يزال مرتبكاً، والقوات العراقية فشلت في زرع الثقة بنفوس الناس التي ترى في بعض الأحيان أنّ قوات الأمن جزء من المشكلة".

وأضاف أنّ "المواطنين في ديالى خائفون، وبعض المناطق تخلو من الحياة بعد نزول الشمس من الأفق".

وتابع القيسي أنّ "هناك عائلات غادرت وأخرى تفكر بمغادرة المحافظة، نظراً لغياب الأمن"، مضيفاً أنّ "قوات الأمن لم تثبت حياديتها من قبل في مجازر ارتكبت بالمحافظة، وثبت تورط مليشيات بها، بدءاً من مجزرة جامع سارية ثم جامع مصعب ومجزرة سجن الخالص ومجزرة حوض الوقف وقرية المخيسة، وصولاً إلى أحداث الشهر الماضي".

وقال القيسي المقيم منذ مدة في إقليم كردستان شمالي العراق، إنّ "سلطة ونفوذ المليشيات أقوى من الجيش العراقي بعدة أضعاف، والقانون اليوم يطبق بمزاج حزبي".

وفي المواقف، قال النائب عن المحافظة رعد الدهلكي، إنّ "القادة الأمنيين مكبلون بسبب هيمنة الأحزاب عليهم"، مضيفاً، في تصريح متلفز، أنّ "هناك بعض الاستثناءات تفرض على القادة الأمنيين تطبيق القانون وهذا خطر كبير. يجب إعطاء القيادات الأمنية المجال الكامل لتطبيق القانون، وفق ما يرونه مناسباً أمنياً".

وحذّر الدهلكي من أنّ "الخطر يدق في ديالى، وعلى رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، أن يتحمل المسؤولية في ذلك، وأن يحسم الوزارات الأمنية لتقوم بمتابعة عمل القيادات الأمنية في المحافظة"، مشيراً إلى "استمرار عمليات النزوح في المحافظة بسبب المشهد الأمني المرتبك".


بدوره، نبّه النائب عن المحافظة مضر الكروي، من أنّ "المشهد الأمني معقّد للغاية، وأنّ حجم التحديات كبير، وبعض مناطق ديالى تعيش حالة من عدم الاستقرار"، مضيفاً أن "لا حل إلّا بتطبيق أوامر القبض على المتورطين من دون تدخل من أي جهة، والسيطرة على السلاح المنفلت، وإنهاء ملف النازحين، وتشكيل قوات عشائرية لحماية المناطق".

وكان التحقيق الذي تولّته القوات الأمنية في الهجمات التي شهدتها ديالى، قد استبعد فرضية كونها هجمات إرهابية من تنظيم "داعش"، واكتفى بوصفها ناتجة من "مليشيا منفلتة"، و"عصابات إجرامية"، وأقرّ بأنّه تم استخدام سيارات حكومية في تلك الهجمات.