عومر و"الفريق الأزرق"... جهاز إسرائيل لسرقة أراضي فلسطين

عومر و"الفريق الأزرق"... جهاز إسرائيل لسرقة أراضي فلسطين

18 مارس 2016
ناشط فلسطيني ضد مصادرة الأراضي بالضفة الغربية(عباس المومني/فرانس برس)
+ الخط -
تدقّ مؤسسات فلسطينية متابعة للخطوات الإسرائيلية في سرقة أراضي الضفة الغربية المصنّفة أراضي دولة، جرس الإنذار لحماية هذه المساحات. إلّا أنّ هذه المؤسسات اصطدمت ببطء التحرك الرسمي الفلسطيني، إذ مرّ خبر مصادرة 2300 دونم من أراضي الدولة في الأغوار الفلسطينية (المنطقة الفاصلة بين الضفة الغربية المحتلة والأردن)، أخيراً، في الصحافة الفلسطينية بلامبالاة على المستوى الرسمي ما خلا بعض البيانات المعبّرة عن قلق حيال الجريمة.

يبذل مستوطن إسرائيلي يدعى عومر جهوداً لحماية ضباط الإدارة المدنية الإسرائيلية في تسييج مئات الدونمات الزراعية في الأغوار الفلسطينية والسيطرة عليها، لضمها إلى مستوطنة قريبة من المكان. استطاع عومر السطو على نحو 2300 دونم من الأراضي، أخيراً، بمساعدة من "الفريق الأزرق" الذي يتبع الإدارة المدنية الإسرائيلية، وبأسلحة يشهرها المستوطن بوجه كل من يحاول الاقتراب من هذه الأراضي. لكن عومر يسيطر فعلياً على ما يقدّر بـ5000 دونم من أراضي الفلسطينيين المصنّفة أراضي دولة.

تعود مخططات الاحتلال الإسرائيلي لضم الأراضي المصنّفة أراضي دولة إلى فترة الحكم العثماني في فلسطين. وعلى الرغم من أنّها كانت تُنفّذ ببطء، أحدثت تراكماً كبيراً في سرقة آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية. إلّا أن هذه المخططات تسير حالياً بخطى أوسع، وكأن الاحتلال يسابق الزمن للسيطرة على جميع أراضي الدولة التي تقدر بـ45 في المائة من مساحة الضفة الغربية المحتلة، أي المساحة ذاتها التي تطالب القيادة الفلسطينية جميع الدول لمساعدتها على إقامة دولتها المستقلة عليها.

ويكشف المدير العام لمركز الأبحاث التطبيقية، أريج جاد إسحق، "عن نية الحكومة الإسرائيلية بضم الأراضي المعروفة بأراضي دولة، إلى ملاك المستوطنات الإسرائيلية". ويقول إسحق لـ"العربي الجديد"، إنّه "على مدار سنوات، كان المستوطنون يقومون بزراعة واستثمار جزء من أراضي الدولة، لكن الآن تم تحويل هذه الأراضي رسمياً إلى ملاك المستوطنات، والنية تتجه إلى تحويل المزيد من المساحات الشاسعة".

يملك إسحق الكثير من الأمثلة المتسارعة لسيطرة المستوطنين على أراضي الدولة جنوب الضفة الغربية، فضلاً عما حدث قبل يومين في الأغوار الفلسطينية والسيطرة على 2300 دونم، وصولاً إلى نية سلطات الاحتلال تحويل نحو 500 ألف دونم من أراضي الدولة إلى مستوطنة معاليه أدوميم، شرق القدس وسط الضفة الغربية المحتلة.

اقرأ أيضاً: الجامعة تندد بمصادرة إسرائيل أراضي فلسطينية وتدعو لتدخل دولي

ويكشف إسحق عن قرار سياسي إسرائيلي ينفّذه مسؤول الإدارة المدنية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الضابط يوآف بول مردخاي، الذي يعمل ضمن "الفريق الأزرق" لضم الـ45 في المائة من أراضي الدولة إلى الكتل الاستيطانية الكبيرة أو تحويلها إلى أراض زراعية تابعة للمستوطنات. وتقتضي مهمة "الفريق الأزرق"، العمل ليلاً ونهاراً على وضع مخططات هيكلية للمستوطنات والتجمعات الاستيطانية، بهدف ضم هذه الأراضي.
 
وبحسب معهد الأبحاث التطبيقية "أريج" (غير حكومي)، فإن هناك 41 في المائة من أراضي الضفة الغربية معرّفة بأنّها أراضي دولة، وجميعها تقع في المناطق المصنفة "ج" بحسب اتفاقية "أوسلو". وهو ما يعني أنها تخضع للإدارة والسيادة الإسرائيلية ويحظّر على الفلسطينيين البناء والاستثمار فيها، إلا بأوامر من الإدارة المدنية الإسرائيلية والتي عادة ما ترفض، وتقوم بإصدار أوامر هدم بيوت الفلسطينيين، وتجريف الأراضي التي يقومون بزراعتها في تلك المنطقة. ويعود تصنيف أراضي الدولة إلى العهد العثماني، وهي الأراضي التي تعود للمنفعة العامة للقرية أو البلد المحيط به، وليس للمنفعة الفردية. ويقول إسحق، إنّ "أكبر خطيئة أن تقبل السلطة الفلسطينية بوجود أراضي دولة".

أما منسق مركز العمل التنموي في الأغوار "معا"، حمزة زبيدات، فتعكس جولاته اليومية في الأغوار، فضلاً عن المعطيات التي يملكها، قتامة المشهد الذي بات المستوطنون المستثمرون يسيطرون عليه بحماية ودعم من الاحتلال. ويقول زبيدات لـ"العربي الجديد"، "نشهد حالياً مرحلة من العمل العلني غير المسبوقة التي يقوم بها الاحتلال في المناطق المصنّفة ج، إذ كان التوسع الاستيطاني يتم سابقاً داخل مناطق مسيّجة وبشكل محدود، لكنه ومنذ نحو عام يسير بخطى واسعة وغير مسبوقة"، على حدّ تعبيره.

ويوضح زبيدات أنّه "قبل أن يستولي المستوطن عومر على مئات الدونمات من أراضي عين رأس العوجا، قبل يومين، سبقه الفريق الأزرق لتحذير أهالي المنطقة وإعطائهم إنذارات لطردهم من المكان". ويضيف أنّه "قبل أسبوعين حضرت سيارات الإدارة المدنية إلى منطقة عين رأس العوجا، وأبلغت السكان أنهم مطرودون. وجال ضباط الإدارة على كل منزل فلسطيني، وكل خيمة، وصولاً إلى المخاتير، لإبلاغهم بطردهم من المكان إلى آخر قامت الإدارة المدنية سابقاً بوضع مخطط هيكلي له في تجمّع النويعمة، لجمع الفلسطينيين الذين يسكنون مناطق ج، لمصادرة أراضيهم"، وفقاً للباحث ذاته.

زبيدات وغيره من الباحثين الميدانيين باتوا على دراية مسبقة بكل السيناريوهات الإسرائيلية لسرقة الأراضي الفلسطينية، إذ يقوم جيش الاحتلال بالسيطرة على مساحة من أرض فلسطينية، ثم يعلنونها منطقة عسكرية مغلقة، وبعد سنوات عديدة يتم الانسحاب منها وتسليمها لمستوطن ما، مثل ما حدث أخيراً. ويلفت زبيدات إلى أنّ "هذا السيناريو يتكرر كل يوم، وقبضة المستوطنين تقوى على الأرض كل يوم، إذ لا يوجد سيطرة فعلية للسلطة الفلسطينية على أراضي الأغوار التي يخضع 95 في المائة منها للسيطرة الإسرائيلية، في وقت يقف فيه الفلسطينيون عاجزين عن استعادة أراضيهم من عومر وأمثاله بدعم من الاحتلال"، على حدّ تعبيره.

اقرأ أيضاً: التحذير من مخطط استيطاني كبير في الضفة الغربية

المساهمون