إقليم كردستان يستعين بطهران ضد بغداد: زيارة مرتقبة للبرزاني

إقليم كردستان يستعين بطهران ضد بغداد: زيارة مرتقبة للبرزاني

01 يونيو 2016
تراكمت الملفات الخلافية بين إقليم كردستان وبغداد(صافن حامد/فرانس براس)
+ الخط -
يدفع تراكم الملفات الخلافية بين إقليم كردستان العراق والحكومة الاتحادية في بغداد، عددا من سياسيي الإقليم إلى المطالبة بعقد مباحثات لحل تلك الخلافات في طهران، وبوجود مسؤولين إيرانيين، نظراً لقناعتهم بوجود تأثير واضح لإيران على القرار العراقي. أما رئيس الإقليم، مسعود البرزاني، فيستعد لزيارة طهران، بعدما وافق على تلبية دعوة رسمية تلقاها.

وتراكمت العديد من الملفات الخلافية بين إقليم كردستان وبغداد على مدى السنوات العشر الأخيرة، ومنذ تشكيل أول حكومة غير مؤقتة في عام 2006. ومن تلك الخلافات، ضم قوات البشمركة التابعة للإقليم إلى منظومة الدفاع العراقية بصورة عملية، عبر تأمين رواتب عناصرها وتدريبها وتسليحها، وهو ما لم تفعله بغداد، مبررة ذلك بضخامة عدد القوات التابعة للإقليم (140 ألف عنصر). كذلك يبرز ملف قانون النفط والغاز وعقود إقليم كردستان النفطية وبيع النفط بصورة مستقلة عن وزارة النفط العراقية في بغداد. ويضاف إلى ذلك ملف معالجة وضع المناطق المتنازع عليها بين الطرفين وفق المادة 140 من الدستور، فضلاً عن ملف حصّة الإقليم من ميزانية الدولة العراقية ورواتب الموظفين الحكوميين في الإقليم.

وبعدما مضى على بعض الخلافات أكثر من ست سنوات، لم يتردد سكرتير الحزب الاشتراكي في إقليم كردستان، محمد حاجي محمود، في القول إنه "من الأفضل ألا نضيّع المزيد من الوقت مع بغداد، فالأفضل أن نتحدث مع الدول المجاورة مثل إيران، لأننا إذا أردنا إعلان الاستقلال (الانفصال) أو الكونفدرالية سنكون بحاجة إلى مواقف إيجابية من الدول المجاورة"، على حد قوله. ويضيف في تصريحات صحافية "أرى أنه من الأفضل ألا يضيّع رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، الوقت في التحدث إلى المسؤولين العراقيين، لأن لإيران تأثيرا قويا جداً على القرار السياسي للعراق".



زيارة مرتقبة للبرزاني 
وفي السياق، يكشف مسؤول العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان، فلاح مصطفى، عن تلقي البرزاني دعوة رسمية لزيارة طهران، قدّمها له وزير الأمن الإيراني، محمود علوي، الذي زار أربيل في وقت سابق من شهر مايو/أيار الماضي، مؤكداً أن البرزاني سيلبّي الدعوة.
ويضيف مصطفى، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن رئيس إقليم كردستان العراق "وافق على تلبية دعوة رسمية تلقاها لزيارة طهران، لكن لم يتم بعد تحديد موعد الزيارة، وأن الجانبين بصدد إجراء ترتيبات الزيارة". ويتابع قائلاً "مثل هذه الزيارات مهمة لنقل مواقف إقليم كردستان حول العديد من المواضيع والتطورات، ولبحث التطورات المتصلة بالإقليم والعراق ووضع المنطقة".

وتعليقاً على الزيارة التي ستكون الأولى للبرزاني إلى إيران، منذ عام 2011، يقول النائب الكردي، قادر سعيد، إن القرار والإرادة السياسية في العراق بيد أطراف أخرى، تحديداً إيران والولايات المتحدة، لذلك إذا ما أراد الأكراد أن يحققوا تقدماً على صعيد إنهاء مشاكلهم، عليهم إيلاء اهتمام للعامل الخارجي، وعدم التركيز على محادثة الأطراف العراقية الداخلية". ويعتير أن "حل المشاكل السياسية، مثل تطبيق المادة الدستورية رقم 140، الخاصة بالمناطق المتنازع عليها، ومشاركة الأكراد في العملية السياسية في بغداد، والاستفتاء، كلها مطالب يمكن التوصل إليها من خلال بحثها مع الإيرانيين والأميركيين". ويرى النائب سعيد أنه يتوجّب "على الأكراد أن يسلكوا كل السبل لمعالجة مشاكلهم طالما بقوا جزءاً من العراق، لآخر يوم". ويقرّ في الوقت نفسه بأن "تأثيرهم في بغداد تراجع في الفترة الأخيرة، وترك ذلك تداعيات سلبية على تفاقم الخلافات بينهم وبين الحكومة العراقية".

لكن عضو البرلمان العراقي عن إقليم كردستان، نوزاد رسول، يقدم وجهة نظر مختلفة. ويعتبر رسول، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "محادثة الإيرانيين حول القضايا التي تهم إقليم كردستان، تستدعي، قبل ذلك، تحسين الوضع في الإقليم وتمتين الصلات بين الأطراف الداخلية وحل المشاكل الداخلية". ويشير إلى أنه في ظل "بقاء الخلافات الداخلية بين الأحزاب السياسية، ماذا سنقول للإيرانيين وغيرهم. لذلك، علينا توحيد صفوفنا ثم التخطيط للذهاب والدخول في مناقشات مع الآخرين". ويعرب رسول، في حديثه لـ"العربي الجديد"، عن اعتقاده بأنه "إذا ما وحّدنا صفوفنا وعالجنا مشاكلنا، فإن الدخول في حوار مع بغداد حول الخلافات، وحتى عرض فكرة استقلال كردستان عليهم (الحكومة العراقية)، لن يمثّل مشكلةً أو أمراً معقّداً"، على حد وصفه.

مباحثات غير سهلة 

في مقابل ذلك، يعتقد البعض أن أي مباحثات في طهران وبرعاية الإيرانيين، لن تكون في غاية السهولة. وفي السياق، يقول المحلل والكاتب الكردي، إبراهيم عباس، إن "الإقليم يتعرض باستمرار لهجمات واضحة من الإيرانيين، ويظهر ذلك في الحملات الإعلامية المتواصلة على كردستان وشخص البرزاني". ويرى الكاتب أن ملف انفصال كردستان، الذي تعارضه إيران ودول الجوار، لأنها تنظر إليه باعتباره خطراً على أمنها، ستكون له الأولوية في الزيارة المرتقبة للبرزاني. على الرغم من ذلك، يدعو عباس إلى تحريك المياه الراكدة ومحاولة التواصل مع الإيرانيين، لأن مشروع الانفصال "قطع خطوات كبيرة وحان الوقت لحسمه مع إيران"، على أساس أن "إقليم كردستان لم يشكل تهديداً على إيران والدول المجاورة، واستقلاله لن يشكل أيضاً عامل تهديد للآخرين"، على حد قوله.

وكان البرزاني أعلن، في وقت سابق من العام الحالي، عن إجراء استفتاء غير ملزم، قبل نهاية العام، يخيّر السكان بين البقاء إقليماً ضمن الدولة العراقية أو الانفصال. لكن هذا التوجه لاقى ردود فعل رافضة في إيران وتركيا والعراق. وكانت الاعتراضات الإيرانية أكثر صراحة، إذ اعتبر الإيرانيون ذلك تهديداً لوحدة العراق.