ملامح دور جزائري تونسي في ليبيا بعد فشل القاهرة

ملامح دور جزائري تونسي في ليبيا بعد فشل القاهرة

19 فبراير 2017
تسارع خطى دول الجوار الليبي بعد فشل القاهرة(أمين لأندلسي/الأناضول)
+ الخط -
رغم ما تلا فشل عقد لقاء بين رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج وقائد جيش برلمان طبرق اللواء خليفة حفتر الأسبوع الماضي، من إحباط كبير في الأوساط الليبية، إلا أن المساعي العربية لحلحلة أزمة الجارة ليبيا، التي تعيش فوضى أمنية وسياسية منذ سنوات، يبدو أنها قد تزايدت، بل قرر قادتها الاقتراب أكثر من أرض الواقع.

وأعلنت وزارة الخارجية الجزائرية عن اعتزام وزير الشؤون المغاربية عبد القادر مساهل زيارة عدد من المناطق الليبية خلال الأيام المقبلة، موضحة، في بيان لها، صباح اليوم الأحد، أن "الزيارة تندرج ضمن تقريب الرؤى بين الفرقاء، من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة".

وتأتي الخطوة الجزائرية بعد يوم من إعلان صلاح الدين الجمالي، مبعوث الأمين العام للجامعة العربية لدى ليبيا، عن نيته التوجه خلال الأيام المقبلة لزيارة ليبيا، ليتزامن هذان الإعلانان مع إعلان تونس عن تقديم اجتماع وزراء دول الجوار الليبي (مصر والجزائر وتونس)، إلى 19 و20 فبراير/ شباط الجاري، بعد أن كان مقررا أن يكون خلال مارس/ آذار القادم، ما يؤشر إلى تسارع خطى المساعي العربية.

ويرى مراقبون أن تسارع خطى دول الجوار الليبي جاءت بعد فشل جهود القاهرة في الجمع بين الشخصيتين الرئيسيتين (السراج وحفتر)، الأسبوع الماضي، للنظر في مسارات أخرى وبحث المسألة مع أطراف وشخصيات أخرى يمكنها أن تؤثر على موقف الرجلين، ولا سيما اللواء حفتر، الذي لم يعد يخفي مواقفه المعرقلة لجهود أي توافق ليبي.


وأوضح بيان الخارجية الجزائرية أن الزيارة المرتقبة لمساهل جاءت "بطلب من الأطراف الليبية التي حضرت إلى الجزائر خلال الأسابيع الأخيرة، حيث جرت برمجة جولة لعبد القادر مساهل في عدة مناطق ليبية خلال الأيام المقبلة"، في إشارة لممثلي منطقة الزنتان المعارضة لتوجه حفتر العسكري، بالإضافة لشخصيات سياسية من طرابلس، على رأسها رئيس حزب "العدالة والبناء" محمد صوان.

وخلال حديث السفير الجمالي لصحيفة الأهرام المصرية، يوم أمس السبت، أثنى على "الجهود المصرية لتقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية"، لكنه لم يخف انزعاجه من فشل جهودها، قائلا "كنا نتمنى أن يحدث اللقاء المباشر بين رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج والمشير حفتر في القاهرة".

ويتساءل محللون حول المساعي العربية الجديدة في ليبيا بعد فشل الجهود المصرية، هل تبحث الجهود العربية الجديدة عن مسارات أخرى؟ ومن هي الأطراف والشخصيات التي يمكن التعويل عليها لبحث سبل حلحلة الأزمة ورسم خطط للتوافق؟

ويبدو أن وجود السراج في القاهرة بشكل مفاجئ للقاء حفتر لم يكن من قبيل المصادفة، فالسراج قبل وصوله إلى القاهرة كان ضمن جولة أوروبية دامت لعدة أيام، التقى خلالها مسؤولين وقادة أوربيين في بروكسل.

 وجاء السراج للقاهرة ربما حاملا معه رسالة أوروبية لحفتر عبر عنها بقوله "إن فرصة ثمينة ضاعت كان بالإمكان أن تكون مدخلا لحل الأزمة في ليبيا"، ما يعكس قبول داعمي السراج الأوروبيين بوجود حفتر ضمن منصب حكومي، قبل أن يعلن حفتر رفضه لهذا القبول، من خلاله رفضه لمقابلة السراج.

وبالتالي، ففشل الجهود المصرية أتاح فرصة كبيرة للجزائر، التي يبدو أنها أكثر قبولا لدى أغلب الأطراف، من خلال تواصلها مع جميع الأطراف التي عكسها الإعلان الجزائري عن نية مساهل زيارة عدد من المناطق الليبية دون حصرها في طرابلس وطبرق، بالتوازي مع انزعاج الجمالي، المتحدر من تونس، التي تتقاسم مع الجزائر جهودا من أجل حلحلة حقيقية للأزمة في البلاد، من فشل الجهود المصرية ونيته التوجه إلى ليبيا.

ويعتبر مراقبون للشأن الليبي أن الجهود الجزائرية تسير بدفع من روسيا، التي لم تخف رغبتها في توسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، من خلال التوجه للعب دور في الأزمة الليبية، بعد تمكنها من الحصول على موطئ قدم في سورية، وربما اقترابها بشكل كبير من اللواء حفتر، يساعد على ممارسة ضغوط كبيرة عليه من أجل تليين موقفه الرافض لأي توافق.

وخلال لقاء تلفزيوني لحفتر، يوم أمس السبت، أثنى على دور الجزائر "في ضبط حدودها ومراقبتها لمنع تسرب أي عناصر إرهابية لليبيا".

ورحب حفتر بـ"أي دور عربي في ليبيا، ولا سيما من الشقيقة الجزائر"، كما أنه أشاد بدور روسيا الداعم له، معتبرا أن "ليبيا تملك علاقات قديمة وتاريخية مع روسيا"، وأنه "يعول على عقود تسليح جديدة وقديمة في رفع الحظر الدولي عن توريد السلاح لليبيا".

وفي إشارة لم تعد خافية في سعيه لحكم ليبيا عسكريا، قال إن "أي دولة لن تستطيع تحقيق أي مصالح في ليبيا، إلا من خلال الجيش الليبي"، دون أن يشير لحلفائه السياسيين في البرلمان.