كيف ستتعامل الرياض مع الانقلاب المدعوم إماراتياً في عدن؟

كيف ستتعامل الرياض مع مأزق الانقلاب المدعوم إماراتياً في عدن؟

30 يناير 2018
تحظى القوات الانفصالية بدعم مباشر من الإمارات(صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -
بعد التطورات المتسارعة التي شهدتها مدينة عدن، يراقب اليمنيون طبيعة موقف السعودية، التي تقود تحالفاً يقول إنه يدعم "الشرعية"، من تصعيد حلفاء الإمارات، المنادين بالانفصال، وسيطرتهم على أغلب مناطق عدن، التي تُوصف بـ"العاصمة المؤقتة" بعد مواجهات على مدى اليومين الماضيين.

ويقرأ اليمنيون الموقف السعودي من زوايا متباينة، إذ يسود اعتقاد قسم كبير ممن رصد "العربي الجديد" آراءهم، في عدن، وفي محافظات مختلفة من البلاد، بأن الرياض تواطأت، بشكل أو بآخر، مع التصعيد في عدن، من خلال عدم اتخاذها موقفاً حازماً خلال الأيام الماضية، بدعم الشرعية، ما أدى إلى استمرار تصعيد "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعوم إماراتياً، وإضعاف موقف الشرعية.


من زاوية أخرى، وبالعودة إلى سلسلة التطورات التي سبقت أحداث عدن الأخيرة، يبدو أن انقساماً طرأ في الآونة الأخيرة بين الرياض وأبوظبي، أبرز حليفين على رأس التحالف الذي ينفذ عمليات في اليمن، منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، فبعد زيارة سفير السعودية، محمد آل جابر، إلى عدن، واللقاءات التي أجراها، منذ أقل من أسبوعين، سرعان ما حركت أبوظبي حلفاءها للانقلاب على الحكومة.

واليوم الثلاثاء، منعت السعودية القوات الموالية للانفصاليين من مواصلة اقتحام مقر الحكومة، بعد أن كان على وشك السقوط بالفعل، الذي يقيم فيه رئيس الحكومة، أحمد عبيد بن دغر. وحلقت طائرات حربية في سماء المدينة، يُعتقد أنها سعودية، عقب بيان التحالف، الذي طلب وقفاً فورياً لإطلاق النار، وأعلن أنه سيتخذ كافة الإجراءات لـ"إعادة الأمن" إلى عدن، وهو ما بدا تحركاً سعودياً في اللحظات الأخيرة لوضع حدود للتطورات في المحافظة.


وفي ظل القراءات المتباينة والضبابية التي تلفّ موقف الرياض بين رفض الانقلاب وعدم اتخاذ إجراءات فورية لمنعه الأيام الماضية، يبدو أن الخيارات العسكرية بدعم القوات الموالية للرئيس اليمني، في عدن، باتت أضعف، بعد تهاوي العديد من مواقعها لمصلحة الموالين لأبوظبي.

لكن على الرغم من ذلك، لا يزال أمام الرياض أن تضغط بجدية أكبر على أبوظبي، لتخفيض سقف مطالب الانفصاليين بإسقاط الحكومة، باعتبار أن التمرد على "الشرعية"، التي يقول التحالف إنه يحارب لإعادتها منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، بمثابة ضربة موجهة إلى الرياض ذاتها. وبصيغة أخرى، فإن من أبرز الخيارات المتاحة للرياض، هو الضغط القوي على "الانفصاليين"، للانسحاب من المواقع التي سيطروا عليها، وتحديداً في ما يخص المعسكرات التابعة للحماية الرئاسية، كخطوة لإعادة الوضع على ما كان عليه، وهو الأمر الذي لن يكون سهلاً، ما لم ترضخ أبوظبي للضغوط، وتطلب من حلفائها الانسحاب.

وفي السياق، يشار إلى الاعتقاد الذي يذهب إلى أن إجراء تغيير في قيادة الشرعية، على مستوى تغيير الحكومة، قد يكون هدفاً مشتركاً لكل من أبوظبي والرياض، للتخلص من تأثير أطراف داخل الحكومة، أو إدخال شركاء جدد في الحكومة ممثلين عن "المجلس الانتقالي الجنوبي"، على سبيل المثال، ومفاوضة الأخير على الاعتراف بشرعية الرئيس، عبدربه منصور هادي، مقابل الاعتراف به كشريك في إدارة المناطق الجنوبية لليمن.



وفي كل الأحوال، تبدو الرياض أمام مأزق حرج، قد يكون بمثابة مفترق طرق يؤدي لإنهاء التحالف بين أبوظبي والرياض، إذ إن كثيراً من اليمنيين ينظرون إلى صمت السعودية إزاء ما يدور جنوباً باعتباره تواطؤاً لتقسيم البلاد، وخروجاً عن الأهداف المعلنة لتحالف "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل"، والمتمثلة بإعادة "الشرعية"، وإنهاء انقلاب الحوثيين، في حين أنجزت أبوظبي انقلاباً ثانياً في عدن، على غرار انقلاب الحوثيين في صنعاء عام 2014.

وكان مسؤولون حكوميون قد ألمحوا، أكثر من مرة مؤخراً، إلى "أهداف التحالف"، بما في ذلك البيان الصادر عن الرئاسة اليمنية، يوم الإثنين، إذ تضمّن ما مفاده بأنه يحثّ "أولئك الواهمين على مراجعة أهداف وغايات التحالف العربي، وقرارات مجلس الأمن الدولي، والمواقف الدولية الموحدة تجاه اليمن وقضيته".

المساهمون