العراق: انشقاقات داخل المجلس الأعلى الموالي لإيران

العراق: انشقاقات داخل المجلس الأعلى الموالي لإيران

24 ابريل 2017
قيادات بالمجلس كانت تعارض ترؤس عمار الحكيم له(مرتضى سوداني/الأناضول)
+ الخط -


قبل أشهر من بدء السباق الانتخابي في العراق، وصلت الخلافات السياسية داخل المجلس الأعلى الإسلامي، أحد الأحزاب السياسية الموالية لطهران، إلى ذروتها، إذ كشفت مصادر قيادية في التحالف الوطني الحاكم في البلاد عن قرب إعلان عدد من قيادات "المجلس" الانشقاق وتشكيل حزب منفرد للدخول إلى الانتخابات.
ويُعدّ المجلس الأعلى الذي يتزعمه حالياً عمار الحكيم، أحد الأحزاب التي شُكّلت في إيران مطلع ثمانينيات القرن الماضي خلال الحرب العراقية الإيرانية، على يد محمد باقر الحكيم الذي قُتل بتفجير انتحاري عام 2003. واتخذ الحزب منذ البداية إيران مقراً له وشكّل جناحاً عسكرياً أطلق عليه اسم "بدر 9"، وهي نفسها المليشيا الحالية الموجودة في العراق بقيادة هادي العامري. وكان اسم الحزب قبل الاحتلال الأميركي للعراق هو المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، إلا أنه تم تغييره عقب الاحتلال ليكون المجلس الأعلى الإسلامي.
وقال قيادي بارز في التحالف الوطني، وعضو آخر داخل المجلس الأعلى، في حديثين منفصلين لـ"العربي الجديد"، إن "الخلافات وصلت ذروتها بين خطين في هرم القيادة داخل المجلس الأعلى". وأوضح القيادي في التحالف الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن الخلافات الحادة هي بين خطين داخل المجلس الأعلى، يمثّل الأول نائب الرئيس العراقي السابق عادل عبد المهدي، وباقر الزبيدي الذي تولى حقيبتي الداخلية والنقل خلال السنوات الماضية، فضلاً عن القيادي في المجلس جلال الدين الصغير عضو البرلمان السابق وإمام حسينية براثا في بغداد، فيما يمثّل الخط الثاني، وهو الخط الشبابي أو الجيل غير المؤسس في المجلس، كل من قصي محبوبة وفادي الشمري ومحسن الحكيم شقيق عمار الحكيم، فضلاً عن عبد الحسين عبطان وهمام حمودي نائب رئيس البرلمان الحالي، ويدعمهم عمار الحكيم الذي يسعى في الوقت نفسه للتوصل إلى حل للخلافات القائمة قبيل بدء تسجيل المجلس ككيان سياسي سيخوض الانتخابات.
إلا أن عضواً داخل المجلس الأعلى قال لـ"العربي الجديد" إن كلاً من باقر الزبيدي وجلال الصغير انشقا فعلاً عن المجلس. وأضاف أن "الزبيدي يعتزم تشكيل حزب جديد بعيد عن توجّهات المجلس الأعلى، كما أن جلال الصغير الذي يمتلك حالياً مليشيا سرايا أنصار العقيدة المنضوية تحت هيئة الحشد الشعبي، انشق فعلاً عن المجلس الأعلى وفصل المليشيا (أنصار العقيدة) عن المجلس الأعلى وباتت تحت تصرفه"، مؤكداً أن "الصغير أوقف نشاطه السياسي داخل المجلس وتحت زعامة رئيسه عمار الحكيم".


وحول أسباب الانشقاق، أكد المصدران أنها متعددة، من بينها قرارات الحكيم المنفردة من دون العودة إلى قيادات المجلس الأعلى التي كانت منذ البداية تعارض تسلّم عمار الحكيم رئاسة المجلس الأعلى بعد وفاة والده، واعتبرت ذلك توريثاً للمنصب. وأشار المصدران إلى أن الحكيم اتخذ أخيراً قراراً بعدم مشاركة الخط القديم في المجلس ممثلاً بقيادته المؤسسة، وترشيح وجوه شابة جديدة للانتخابات، لافتين إلى "بروز حالة ترف وإثراء على أعضاء محددين داخل المجلس الأعلى دون غيرهم، وتسرب معلومات تخص المجلس الأعلى إلى كتل أخرى داخل التحالف بعد إدخال الحكيم شخصيات جديدة وإشراكها في اجتماعات المجلس ومقرراته، من بينهم سيدات".
وعلمت "العربي الجديد" أنه من المرجح أن يعلن باقر الزبيدي حزباً جديداً للدخول في الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها مطلع عام 2018 من دون أن يكشف عن اسم الحزب الجديد أو الشخصيات التي ستلتحق به من داخل المجلس، بينما سيخوض جلال الصغير انتخابات البرلمان معتمداً على قيادات في مليشيا أنصار العقيدة، يعوّل عليها أن تنال أصواتاً انتخابية تؤهلها للدخول إلى البرلمان.
توصية زعيم المجلس الأعلى الراحل عبد العزيز الحكيم، الذي توفي جراء إصابته بمرض السرطان في إيران قبل سنوات، بتنصيب نجله عمار خلفاً له، كانت المصدر الأساسي للخلافات، وفقاً للخبير في شؤون الجماعات الإسلامية السياسية والمسلحة عباس الوائلي. وأكد لـ"العربي الجديد" أن فكرة الحكيم الأب تسمية نجله عمار صغير السن للرئاسة على الرغم من وجود جيل مؤسس وكبير في المجلس، كانت تقوم على أن خروج الرئاسة من بيت الحكيم يعني اضمحلال المجلس وانتهاء شعبيته، إلا أن ذلك أثار حفيظة العديد من القيادات الشيعية في هذا الفصيل السياسي، من بينهم زعيم مليشيا "بدر" هادي العامري، والشيخ همام حمودي الذي كان المستشار السياسي للحكيم الأب، والشيخ جلال الدين الصغير، وهؤلاء جميعا يُعتبرون من صقور المجلس الأعلى. ولفت إلى أن "تحفظات القيادات الكلاسيكية على زعامة عمار الحكيم لم تنتهِ وبلغت ذروتها حالياً".
يُذكر أن عمار الحكيم يستولي على منزل نائب الرئيس العراقي الراحل طارق عزيز، وتعرض بسبب ذلك لانتقادات واسعة، كون المنزل هو إرث لعائلة عزيز التي فرت كلها إلى الأردن عقب الاحتلال الأميركي للعراق.

المساهمون