مائة يوم قبل انتهاء عمر البرلمان العراقي: صفقات وتعطيل

مائة يوم قبل انتهاء عمر البرلمان العراقي: صفقات وتعطيل

03 فبراير 2018
لن يتمكّن مجلس النواب من تحقيق النصاب (فرانس برس)
+ الخط -
مائة يوم فقط هي المتبقية على عمر البرلمان العراقي الذي كان مثيراً للجدل وحافلاً بالخلافات والانقسامات طيلة الأربع سنوات الماضية. مائة يوم غير مرجّح لها أن تشهد جلسات بنصاب كامل، إذ بدأ الأعضاء من الآن بالانصراف إلى حملاتهم الانتخابية المبكرة، رغم وجود أكثر من 40 قانوناً مهماً ينتظر التصويت عليه، فضلاً عن قائمة استجوابات طويلة لوزراء ومسؤولين بازين في الدولة بتهم الفساد والتقصير، في الوقت الذي تتحدّث فيه مصادر سياسية عراقية عن وجود ما تصفه بـ"صفقات تقف وراء تعطيل عملية حسم عدد من الاستجوابات" التي كان مقرراً أن تجري بحق وزراء ومسؤولين عراقيين، فضلاً عن تقديم مقترحات قوانين جديدة تندرج ضمن الحملات الدعائية للنواب، مثل قانون إنصاف الفلاحين وقانون رعاية الخرّيجين الجامعيين العاطلين عن العمل المقدم قبل أيام من قِبل أحد الأحزاب الإسلامية.

وينتظر من البرلمان إكمال استجواب خمسة وزراء تمّ إقرار جلسات خاصة لاستجوابهم بتهم تتعلّق بالفساد والتقصير الوظيفي، فضلاً عن إقرار قوانين مهمة وذات تماس بحياة المواطنين، من بينها قانون الأحوال المدنية وقانون لتعديل بعض فقرات الدستور الخلافية وقانون الانتخابات والموازنة العامة للدولة، وقوانين أخرى مثل المخدرات والتهرّب الضريبي وقانون "من أين لك هذا" المتعلّق بالفساد، وقانوني حماية الآثار وحماية المستهلك. إلا أنه وفقاً لمصادر داخل البرلمان تحدّثت لـ"العربي الجديد"، فإنه من غير المرجّح إقرار أكثر من ثلاثة قوانين من أصل العشرات التي ينتظر الشارع العراقي تشريعها، وهي قانون الانتخابات وقانون الموازنة وقانون يتعلّق بمرتبات النواب التقاعدية ووضعهم القانوني بعد انتهاء مدتهم البرلمانية، إذ أضيفت فقرة تخيّر البرلماني بين تمتّعه بمرتب تقاعدي مدى الحياة أو العودة لأي وزارة أو مؤسسة حكومية يختارها في حال انقضاء صفته كعضو في البرلمان.

وفي هذا الإطار، قال عضو في مجلس النواب العراقي لـ"العربي الجديد"، إنه "كان مقرراً أن يستجوب البرلمان خلال الأسابيع الماضية وزراء ومسؤولين عدة، كوزير التعليم العالي والبحث العلمي عبد الرزاق العيسى، ووزير الكهرباء قاسم الفهداوي، ووزير التربية محمد إقبال، ووزير الزراعة فلاح زيدان، ورئيس ديوان الوقف الشيعي علاء الموسوي، ورئيس ديوان الوقف السني عبد اللطيف الهميم"، موضحاً أنّ "كتل الوزراء والمسؤولين المستجوبين لوّحت بالانسحاب من جلسات البرلمان، للإخلال بالنصاب، في حال تمّ بالفعل تحديد مواعيد ثابتة للاستجواب". ورجح أن تنتهي الدورة البرلمانية الحالية من دون أن يتم إكمال الاستجوابات، موضحاً أنّ "عمل البرلمان الحالي يشير إلى أنّ الصفقات السياسية أقوى من الالتزامات الدستورية والقانونية".


إلى ذلك، توقّع عضو البرلمان العراقي عن "ائتلاف دولة القانون"، جاسم محمد جعفر، أن تستمر حالة الإخلال بنصاب البرلمان، موضحاً أنّ هذه الحالة "ستتواصل إلى أن يحين موعد الانتخابات المقبلة المقرر في 12 مايو/أيار 2018".

ولفت جعفر، في تصريح صحافي، إلى أن السبب في ذلك يعود إلى "انشغال أغلب النواب بحملاتهم الانتخابية في محافظاتهم، فضلاً عن عدم الاتفاق على القوانين المهمة"، مؤكداً أنّ مجلس النواب "لن يتمكّن من تحقيق النصاب للتصويت على القوانين في المرحلة المقبلة". وأشار إلى أن "كثيرا من النواب يحاول تصحيح أوضاعه السياسية بسبب الشعور بعدم القدرة على تحقيق أية إنجازات خلال الفترة السابقة، والفشل أمام الجماهير"، لافتاً إلى وجود أسباب أخرى لعدم تحقيق النصاب "كالخلافات الكبيرة بشأن قانون الانتخابات المحلية، والانقسام بشأن إقرار قانون الموازنة الذي تسبب بانسحاب كتل سياسية مؤثرة أثناء عرض القوانين".

أمّا عضو البرلمان العراقي، هدى سجّاد، فكانت أكثر حدة في تصريحاتها تجاه بعض ما يصدر من البرلمان، إذ أبدت استغرابها من عمليات الإخلال بالنصاب التي جرت خمس مرات لتعطيل التصويت بالقناعة أو عدمها على أجوبة وزير الاتصالات، حسن الراشد، موضحةً خلال مؤتمر صحافي أنها "جمعت 125 توقيعاً لإدراج التصويت على جدول أعمال جلسة البرلمان الحالية" التي بقيت مفتوحة حتى يوم السبت المقبل.

ولفتت سجّاد إلى أنّ البرلمان "ماطل" في حسم مسألة وزير الاتصالات الذي استجوب العام الماضي، مؤكدةً أن رئاسة البرلمان وعدت بعدم ربط التصويت على أجوبة الوزير باستجوابات أخرى.

يشار إلى أنّ البرلمان العراقي كان قد استجوب وزير الاتصالات حسن الراشد، وهو ينتمي لمليشيا "بدر"، بناءً على طلب تقدّمت به، سجّاد، وهي نائبة عن "ائتلاف دولة القانون" ومقربة من رئيس الوزراء حيدر العبادي، وقد اتهمت الوزير بالفساد.

وفي السياق، انتقد عضو البرلمان العراقي، كاظم الصيادي، بطء إجراءات الاستجواب بحق بعض الوزراء، مؤكداً خلال مقابلة تلفزيونية أن "هيئة رئاسة البرلمان ارتكبت خطأً كبيراً حين عملت على تعطيل الاستجوابات". وأشار إلى أنّ "بعض الاستجوابات بدأت منذ عامين وكان من الممكن أن تأخذ دورها الطبيعي"، مضيفاً أنّ "الاتفاقات والصفقات السياسية هي التي حالت دون ذلك".

وتابع الصيادي "أطالب كل وزير أو رئيس هيئة مستقلة يستخدم أساليب التسقيط والتشهير، وهو متهم، أن يأتي أمام البرلمان ويدافع عن نفسه بشجاعة أمام أنظار الشعب العراقي الذي يشاهد بثّ جلسة البرلمان"، مؤكداً أن تهرّب الوزراء والمسؤولين من الاستجواب "يمثّل دليلاً باتاً وقطعياً على فشلهم". وتساءل "لماذا يخشى الوزراء المستجوبون الحضور إلى البرلمان"؟ موضحاً أنّ كتل الوزراء المتهربين "هي مدانة أيضاً لأنها تعمل على تعطيل الاستجوابات".

وحمّل الصيادي رئاسة البرلمان ورئاسة الوزراء مسؤولية تعطيل الاستجوابات، مؤكداً أنّ العبادي "قصّر حين سمح لوزراء ومسؤولين مطلوبين للاستجواب في البرلمان، بالسفر في يوم استجوابهم".

بدوره، قال المحلل السياسي العراقي، حسن الحيدري، إن المائة يوم المتبقية من عمر البرلمان "لن تكون كافية للمضي باستجواب وزراء ومسؤولين"، مؤكداً في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "الحديث عن إكمال جميع الاستجوابات خلال الفترة القليلة المتبقية من دورة البرلمان الحالي، أمر صعب جداً إن لم يكن مستحيلاً".

وأشار الحيدري إلى أنّ "الصفقات السياسية هي التي قالت كلمتها بشأن الاستجوابات التي أصبح بعضها بحكم المنتهي"، مبيناً أنّ الكتل التي ينتمي إليها وزراء ومسؤولون مطلوبون للاستجواب "تقصدّت الإخلال بنصاب البرلمان خلال المرحلة الماضية للحيلولة دون إكمال الاستجوابات، والعمل على مسألة كسب الوقت لحين انتهاء الفترة المتبقية للبرلمان الحالي في مايو المقبل".