تونس: مصير الشاهد وحكومته يتحدّد في غضون شهرين

تونس: مصير الشاهد وحكومته يتحدّد في غضون شهرين

21 اغسطس 2018
السبسي قد يكون وجه رسائل أخرى للغنوشي (أمين الأندلسي/الأناضول)
+ الخط -
أكدت مصادر خاصة، لـ"العربي الجديد"، أن حركة النهضة التونسية قد تكون قامت بمراجعات لبعض مواقفها الأخيرة المتعلقة بالحكومة وكل تفاصيل العلاقة مع الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي. وشدّدت المصادر، التي يمكن وصفها بالمطلعة، على أن رسالة زعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي، المفتوحة إلى السبسي، لمناسبة الذكرى السنوية الخامسة للقائهما في باريس وبداية التوافق بينهما، قد تشكل رداً على خطاب السبسي، في 13 أغسطس/آب الحالي، حين اعتبر أن "النهضة" هي التي غيّرت موقفها من التوافق، مؤكداً أنه حقق لتونس خلال السنوات الماضية استقراراً نسبياً للبلاد. وتؤكد المصادر أن السبسي قد يكون وجه جملة من الرسائل الأخرى للغنوشي عبر قنوات خاصة.

ويبدو أن الغنوشي تلقف هذه الرسائل، وأكد، في رده على السبسي، "الالتزام التام بخيار التوافق مع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي واعتبار التوافق الإطار الأمثل للحوار حول كل القضايا للوصول إلى حلول وبدائل وتوافقات، بعيداً عن منطق الغلبة وفرض الرأي". وتشير المصادر، لـ"العربي الجديد"، إلى أن أهم خلاف عطّل التوافق بين "النهضة" والسبسي هو إصرارها على بقاء رئيس الحكومة، يوسف الشاهد. وفسّر الغنوشي ذلك بأن "دعوة حركة النهضة إلى الاستقرار الحكومي لم تكن متعارضة مع خيار التوافق مع رئيس الجمهورية أو بحثاً عن أطر بديلة عنه، بل كان تقديراً للمصلحة الوطنية"، داعياً كلّ الأطراف إلى "معالجة الاختلافات حول هذا الموضوع في إطار الحوار، والبحث عن الحلول المعقولة سياسياً والمقبولة دستورياً في كنف الاحترام الكامل للمؤسسات". وأكد الغنوشي أن "مواجهة تحديات المرحلة المقبلة تقتضي تفرغ الحكومة لمهمتها في التنمية ومحاربة الفساد بعيداً عن التجاذبات الانتخابية والحزبية"، وهو ما يعني إصرار حركة "النهضة" على ضرورة إعلان الشاهد عدم نيته الترشح للانتخابات. وربط الغنوشي موقف حركته من بقاء الشاهد بالانتخابات البلدية وقانون المالية المقترح للعام المقبل، وهو ما يعني إمكانية رحيله بعد شهرين من الآن.

وتؤكد المصادر أن رسالة الغنوشي، وهو في الخارج، تعني التمسك بالتوافق مع السبسي، وربما اقتناعه بأن اضطراب المشهد السياسي في تونس، الذي خلفه موقف "النهضة"، لن يكون في صالح أحد، وخصوصاً أن السبسي عبّر عن استغرابه من "تمسك النهضة برئيس الحكومة الشاب الذي تنكر للعهود". ويبدو أن حركة "النهضة"، التي كانت ترى في الشاهد خياراً استراتيجياً في أفق 2019 يمكن التحالف معه بعد ضعف موقف الرئيس وضعف حزبه "نداء تونس"، قد تكون تنبهت إلى عدم صحة هذا الرأي، الذي تدعمه تيارات معينة داخل "النهضة". وربما يكون الغنوشي قد بدأ يرى ملامح تغير المشهد السياسي بعد تحركات الرئيس الأخيرة وعودة "نداء تونس" إلى الواجهة بقوة إثر عملية تجميع شتاته، واستعادة السبسي لزمام المبادرة. والأهم هو ما يمكن أن يضرب الاستقرار الذي تعتبره "النهضة" أهم ضامن لتواصل التجربة الديمقراطية الهشة.

وفي ما يتعلق بمبادرة المساواة في الإرث التي أعلن عنها السبسي، قال الغنوشي إن "الحركة ستتفاعل مع مبادرة رئيس الجمهوريّة حول الإرث حين تقدم رسمياً إلى البرلمان، بما تقتضيه من الحوار والنقاش للوصول إلى الصياغة التي تحقق المقصد من الاجتهاد وتجعل من تفاعل النص مع الواقع أداة نهوض وتجديد وتقدّم، لا جدلاً مقيتاً يفرق ولا يجمع". ويشير هذا الموقف إلى أن حركة النهضة، التي ترفض المقترح بشكله الحالي، قد تكون مرحبة بصياغة مختلفة لا تصدم مشاعر التونسيين، ولا تضعها في مواجهة قواعدها من ناحية والرأي العام الدولي من ناحية أخرى، وهي صياغة تحقق المقصد ولا تعارض النص، وهو ما يعني انفتاحها على مقترحات أخرى أكثر ملاءمة لكل بنود هذه المعادلة الصعبة. وكان السبسي قد أشار إلى أن المقترح يهدف إلى جعل المساواة القاعدة العامة، على أن يُسمح لمن يريد تطبيق الشريعة أن يعبر عن ذلك. وربما تكون الصيغة المعكوسة ملائمة أكثر لحركة النهضة وللرافضين عموماً للاقتراح، أي أن يتواصل العمل بقواعد الميراث الحالية ويترك لمن أراد المساواة بين أبنائه وبناته أن يعبر عن ذلك.