رئيس وزراء مصر: سنُعالج "مياه الصرف" لمواجهة سد النهضة

رئيس وزراء مصر: دخلنا مرحلة الفقر المائي و"مياه الصرف" لمواجهة سد النهضة

09 أكتوبر 2019
مدبولي: حصة المواطن من المياه انخفضت ومهددة بالنقصان(العربي الجديد)
+ الخط -
قال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إن بلاده دخلت في مرحلة الفقر المائي طبقاً للمعايير الدولية، والتي يقل فيها نصيب الفرد عن أقل من ألف متر مكعَّب في العام، مشيراً إلى أن حصة مصر من مياه النيل ثابتة عند 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، ما أدى إلى انخفاض نصيب المواطن إلى أقل من 700 متر مكعب، وهي كمية مُهددة بالنقصان خلال الأعوام المقبلة، نتيجة الزيادة المطردة في أعداد السكان.

وأضاف مدبولي، في بيان ألقاه أمام مجلس النواب عن فشل مفاوضات سد النهضة، اليوم الأربعاء، أنه لا بديل أمام مصر سوى ترشيد كل قطرة مياه في مواجهة الأزمة، واستغلال موارد أخرى مثل معالجة مياه الصرف الصحي والصناعي، وتحلية مياه البحر والمياه الجوفية، مشيراً إلى أن الحكومة ضاعفت طاقة تحلية مياه البحر من 80 ألف متر مكعب إلى 800 ألف متر مكعب في اليوم خلال ثلاث سنوات.

وشدد رئيس الوزراء المصري على ضرورة تقليل احتياجات المواطنين من المياه نظراً لاعتبارات الزيادة السكانية، وحُسن فعالية الموارد المائية بأقصى قدر ممكن، لا سيما أن مؤسسات الدولة تعمل وفق خطة واضحة للحفاظ على حقوق مصر التاريخية في نهر النيل، مستدركاً بأن "الحوار ما زال مفتوحاً من أجل الوصول لحلول بشأن قضية سد النهضة، بشرط ألا يؤثر ذلك على حصة مصر من مياه النيل".


وتابع: "أطمئن الشعب المصري بأن الدولة بكافة مؤسساتها ملتزمة بالحفاظ على الحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل، وسنقدم كل دعم للتعاون مع إثيوبيا والسودان من أجل إنجاح التفاوض في هذا الشأن"، معتبراً أن بلاده "بذلت مساعي كثيرة للتفاوض والنقاش مع الأشقاء في الدولتين، منذ أن شرعت إثيوبيا في الإعلان الأحادي عن بدء مشروع السد عام 2011".

وأضاف: "إعلان إثيوبيا جاء في ظل ظروف صعبة واضطرابات مرت بها البلاد عام 2011، وبتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم بدأت الحكومة التحرك في الملف على الاتجاهات السياسية والدبلوماسية والفنية"، مستطرداً "مصر اتفقت مع إثيوبيا والسودان على تشكيل لجنة تضم 4 خبراء دوليين، وخلصت إلى إعداد دراستين حول الأثر البيئي لمشروع السد على المصب، وتدفقات النيل الأزرق، للتأكد من مدى التأثير الإيجابي أو السلبي على الدول الثلاث".
وواصل مدبولي: "تقرير اللجنة انتهى إلى تكليف مكاتب استشارية لعمل دراسات، وأعقبها مسارات دبلوماسية وفنية، وعلى الجانب السياسي تم التوقيع على اتفاق إعلان المبادئ بين رئيسي مصر والسودان ورئيس وزراء إثيوبيا في عام 2015، والذي نص على مجموعة من الثوابت، منها الاتفاق على إنهاء الدراسات التي شاركت مصر والسودان في تحمل تكاليفها، وذلك في إطار مبدأ حسن النوايا من جانب مصر".

وأشار إلى أن "المفاوضات الأخيرة بين الدول الثلاث شهدت تشدداً من الجانب الإثيوبي حول الثوابت التي كانت محل توافق، وتتعلق بملء السد وفترة ملئه وآليته، وما بعد ملء السد وتشغيله، طالما أن السد أصبح حقيقة واقعة"، مضيفاً أن "اتفاق إعلان المبادئ نص على دخول وسيط دولي في حالة عدم اتفاق الدول الثلاث، لوضع الأسس والمعايير التي تحقق مصالحها".

وقال إن "الجانب الإثيوبي أعلن بدء التشغيل التجريبي للسد بدءاً من عام 2020، لذا كان لازما توضيح الحقائق أمام مجلس النواب، خصوصاً أن الدولة المصرية ليست ضد أية مشروعات تنموية تخدم أياً من دول حوض النيل، بعدما شاركت مصر ومولت العشرات من المشروعات، ونفذت عدداً من السدود، ومنها السد العملاق في تنزانيا (جوليوس نيريري) الذي تنفذه شركات مصرية".

وأضاف أن "مصر تعي وتعلم وتقر بأن الدول المطلة على نهر النيل من حقها الاستفادة من نهر النيل، بما لا يجور على حق مصر التاريخي في مياه النيل، لأنه المصدر الوحيد للمياه في مصر، بالإضافة إلى موارد محدودة أخرى"، مردفاً أن "الحكومة تعمل على تنفيذ مشروعات بتكلفة تصل إلى 900 مليار جنيه حتى عام 2037؛ آخذة في الاعتبار الزيادة السكانية، واحتياجات المواطنين من المياه".

وشدد مدبولي على ضرورة التحول إلى الري الحديث في الزراعة، وترشيد الترع والمصارف، ومعالجة مياه الصرف، والتوسع في محطات تحلية مياه البحر أو المياه الجوفية، مشيراً إلى تنفيذ مشروعات من الخطة الموضوعة بقيمة 110 مليارات جنيه خلال أقل من 3 سنوات، ومن المستهدف أن ترتفع إلى 160 مليار جنيه خلال 18 شهراً.

وقال إن الهدف من هذه المشروعات هو سد احتياجات المصريين من المياه، في إطار جهود الدولة للاستفادة من كل قطرة مياه، لافتاً إلى شروع وزارة الإسكان في إنشاء ورفع كفاءة كل محطات معالجة الصرف الصحي، وتحويلها إلى معالجة ثنائية وثلاثية بتكلفة 30 مليار جنيه، بإجمالي 57 محطة أغلبها في مناطق الصعيد، جنوب البلاد.

وتابع: "كذلك شرعنا في معالجة مياه مصرف بحر البقر، وهو من أكبر المشروعات في العالم، وينتج نحو 5 ملايين ونصف مليون متر مكعب من مياه الصرف الزراعي، ومعالجة مياه مصرف (المحسمة)، والذي ينتج مليون متر مكعب يومياً"، مختتماً "نحن نسابق الزمن لتوفير احتياجاتنا من المياه، ليس من أجل الأجيال الحالية فقط، لكن من أجل المستقبل أيضاً"، على حد تعبيره.

شكري يطالب السودان بـ"التضافر"

قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن "ملف مياه النيل وسد النهضة يأتي في صدارة اهتمامات الدولة المصرية، لأن الأمن المائي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي للبلاد"، متهماً إثيوبيا بمخالفة اتفاقية الأمم المتحدة لحماية مياه الأنهار لعام 1997، والتي نصت على إلزام الدول أصحاب المشاريع على الأنهار بالتفاوض مع دول المصب قبل إنشاء مثل هذه المشروعات.

وشدد شكري، في بيان ألقاه اليوم الأربعاء، أمام مجلس النواب بشأن فشل مفاوضات سد النهضة، على أن مضي إثيوبيا قدماً في بناء وتشغيل السد من دون الاتفاق مع دولتي المصب "مرفوض تماماً"، مطالباً "الأشقاء" في السودان بـ"التضافر" مع بلاده من أجل تجاوز الأزمة، نظراً لما يربط القاهرة والخرطوم من مصالح مشتركة، تتطلب الحفاظ على حقوق الشعبين.

وأشار إلى أهمية قبول إثيوبيا والسودان بطرف رابع للاستمرار في مفاوضات سد النهضة، التزاماً ببنود "إعلان المبادئ" بين الدول الثلاث، الذي يعود إلى تاريخ 23 مارس/ آذار 2015، ومثل إلزاماً على إثيوبيا تجاه دولتي المصب في إطار تحقيق المصالح المتبادلة لكافة الأطراف، متابعاً أن "مصر تعمل على حماية مصالحها وحقوقها في مياه النيل على مر العصور".

وبين شكري أنه "في الوقت الذي تعاني فيه مصر من فقر مائي، وما تحظى به إثيوبيا من وفرة كبيرة في المياه تصل إلى أكثر من 900 مليار متر مكعب سنوياً، إلا أنها تعنتت وبشكل واضح في تنفيذ اتفاق إعلان المبادئ، والذي نصت المادة العاشرة منه على تدخل طرف دولي رابع محايد للفصل في النزاع بين الأطراف، في حالة وجود خلاف بين الدول الثلاث حول قواعد ملء وتشغيل السد".

وأضاف أن المفاوضات منذ 2015 اتخذت أشكالاً متعددة بشأن قواعد الملء والتشغيل للسد، منها آلية الاجتماعات التساعية التي ضمت وزراء الخارجية والموارد المائية، ومديري أجهزة المخابرات في البلدان الثلاثة، والاجتماعات السداسية التي ضمت وزراء الخارجية والري، وكان آخرها في أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وصولاً إلى الاجتماع الأخير في الخرطوم الذي "أثبت تعنت الجانب الإثيوبي"، على حد تعبيره.

وواصل قائلاً: "نهر النيل يمثل شريان الحياة لنحو 105 ملايين مصري، واتفاق إعلان المبادئ نص على أن تكون قواعد ملء وتشغيل السد من دون وقوع ضرر لأحد الأطراف، ولكن الجانب الإثيوبي أعرب عن عدم استعداده مؤخراً لمناقشة قواعد الملء والتشغيل، مستخدماً سياسة فرض الأمر الواقع، ما أدى إلى مطالبة مصر بتفعيل المادة العاشرة من الاتفاق، والمناداة بدخول وسيط رابع".

ونبه شكري إلى أن ملف سد النهضة "بالغ الحساسية"، ويستدعي "تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه التعنت الإثيوبي، وتكثيف العملية التفاوضية بين الدول الثلاث، بما يحقق التوازن العادل من دون الإضرار بالمصالح"، مختتماً بالقول إن بلاده تعمل جاهدة على توطيد علاقتها بالأشقاء الأفارقة، غير أن قضية السد الإثيوبي هي مسألة "حياة أو موت" بالنسبة لجميع المصريين.

بدوره، قال وزير الموارد المائية والري محمد عبد العاطي، إن مصر تعد أعلى دولة في العالم من حيث إعادة استخدام المياه بنسبة تصل إلى 90%، نافياً ما يُشاع حول أن مصر ضد التنمية في القارة الأفريقية، في ضوء مشاركتها في إنشاء العديد من السدود. وأوضح أن ما يقلق النظام المصري في موضوع سد النهضة هو عمليات الملء والتفريغ، خصوصاً في فترة الجفاف.

وأضاف أن "مصر مولت أول دراسة تفصيلية عن السد في إثيوبيا في عام 2008، بالتعاون مع البنك الدولي، إلا أنها فوجئت في عام 2011 بإعلان أديس بابا عن البدء في بناء سد آخر"، مستطرداً "نحن لا نقلق من بناء السدود من قبل دول حوض النيل، ولكن ما نطالب به هو التنسيق، لا سيما بالنسبة لعمليات الملء والتفريغ".


أما وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية عاصم الجزار، فأشار إلى أن بلاده شرعت في تنفيذ العديد من الإجراءات التي من شأنها تعظيم الاستفادة من الموارد المائية، على غرار مجالات تحلية مياه البحر، وإنشاء محطات المعالجة الثنائية والثلاثية، بتكلفة وصلت إلى نحو 160 مليار جنيه، موضحاً: "وضعنا خطة لترشيد استهلاك المياه تتضمن توفير مصادر بديلة، والتوسع في تحلية مياه البحر".

وأضاف: "سنعمل على إعادة استخدام المياه لأكثر من مرة، لتحقيق أكبر استفادة ممكنة من حصة مصر المائية، فضلاً عن تعظيم الفاقد من مياه الشرب، وتعميم فكرة عدادات المياه مسبقة الدفع، وذلك من أجل العمل على استغلال المياه بالشكل الأمثل"، حسب قوله.