تونس: العدالة الانتقالية تنظر في قضية اليوسفيين وانقلاب 1962

تونس: العدالة الانتقالية تنظر في قضية اليوسفيين وانقلاب 1962

11 يوليو 2019
محام: الشهادات التي قدمت اليوم تعتبر "مهمة" (فرانس برس)
+ الخط -

انعقدت أول جلسة بالدائرة الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس، اليوم الخميس، حول قضية اليوسفيين وانقلاب 1962، والتي حوكم فيها عشرات العسكريين والمدنيين من مختلف الانتماءات السياسية وأعدم 10 من بينهم.

وتعود محاولة انقلاب 1962 إلى فترة الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة، حيث اشتركت مجموعة من العسكريين والمدنيين من مختلف التوجهات السياسية من مقاومين سابقين وعسكريّين ومدنيين معارضين للنظام حينها ومحسوبين على التيّار اليوسفي والقومي في محاولة الانقلاب على النظام البورقيبي.

وتم في 19 ديسمبر/كانون الأول 1962 القبض على عديد الأشخاص ومحاكمتهم في 12 يناير/كانون الثاني 1963، لتصدر المحكمة العسكرية بتونس في حقهم أحكاما تراوحت بين الإعدام والأشغال الشاقة والسجن.

وقال المحامي إلياس بن سدرين لـ"العربي الجديد"، إن قضية اليوسفيين وانقلاب 1962 يعتبران من بين أبرز الملفات التي تناولتها جلسة اليوم، وخاصة أن عدد ضحايا الانتهاكات مرتفع ويناهز الـ30 ضحية، وأيضا لأن الممارسات التي حصلت في تلك الفترة كانت "جسيمة"، مبينا أنه رغم غياب المتهمين إلا أن الشهادات التي قدمت تعتبر "مهمة".

وأوضح أنّه "لا بد من حضور المتهمين جلسات المحكمة بدوائر العدالة الانتقالية لتقديم شهاداتهم ولكشف الحقائق، ولكي تعاد كتابة التاريخ بعيدا عن تغييب الحقائق والتزييف"، معتبرا أن الغاية "ليست التشفي أو السجن بل العدالة".

وأشار إلى أنه "تم إعدام 5 مدنيين و5 عسكريين دون توفر أي ضمانات للمحاكمة العادلة وفي ظرف سريع، وأن بقية المتهمين في القضية عوقبوا بالسجن وتعرضوا للتعذيب والتعليق في الجدران وتم إخفاؤهم عن أهاليهم الذين منعوا من الزيارات أو حتى معرفة مصيرهم، واستمر ذلك طيلة 8 سنوات لم تقدم فيها السلطات أي معطيات عن هؤلاء".

وحول الشهادات التي قدمت اليوم، ذكر المحامي بن سدرين أن "أهم شهادة قدمت اليوم هي لحمادي غرس، أحد ضحايا الصراع اليوسفي البورقيبي، والذي تعرض للسجن والتعذيب بعدما وجهت إليه تهمة تكوين عصابة مفسدين وحمل سلاح وحوكم بـ10 سنوات".

وبين أن الضحية كشف معطيات عن فترة الاستقلال والاتفاقيات التي أبرمت مع المستعمر الفرنسي، وخاصة أنه كان محسوبا على المجموعة الداعمة للأمين العام للحزب، صالح بن يوسف حينها.

وأضاف أن حمادي غرس، البالغ من العمر 87 عاما، قدم شهادته اليوم، "للتاريخ ولكشف حقيقة ما حصل من انتهاكات ضد اليوسفيين"، مذكرا بأنّ غرس سبق أن قدم شهادته في إحدى الجلسات العلنية لهيئة الحقيقة والكرامة. 


وقال حمادي غرس خلال شهادته في جلسة اليوم، إن "التهم نفسها التي وجهها إليهم النظام البورقيبي هي ذاتها تقريبا التي وجهها إليهم المستعمر الفرنسي"، لافتاً إلى أنه تعرض لمعاناة كبيرة بسبب الصراع والمواجهات التي خاضوها ضد المستعمر الفرنسي، وفي الوقت نفسه ضد توجهات وخيارات الرئيس بورقيبة والتي كان يراها خاطئة.

وأشار إلى أنه كان من بين المعارضين لاتفاقيات الاستقلال الداخلي لتونس، والتي لم تتضمن كافة مقومات السيادة الوطنية "بل إن الاستقلال كان منقوصا"، مضيفا أن بورقيبة "قد مكن الاستعمار الفرنسي من خلال توقيعه على اتفاقية الاستقلال الداخلي من انتهاك السيادة التونسية".